أسامة محمد موسى عبدالرزاق - طعن المستشرقين في أصالة النّحو العربي

الملخص

قصد الباحث من هذه الإضاءة الوقوف على دعاوي المستشرقين الغربيين أمثال يوهان فك، وكارل بروكلمان، ودي بور، وبلاشير، ومن نزع منزعهم بالطعن في أصالة النَّحو العربي؛ وأن العرب نقلت لتراث الآخرين من اليونانيين والهنود والسريانيين وغيرهم من الأمم وهم يعنون بذلك – المستشرقين- تجريد الأمة العربية من أي دور في ابتكار العلوم؛ فلذلك لابد من دراسة هذا الجانب دراسة وافية مصطحبين معنا آراء الباحثين المحدثين من أبناء العربية الّذين ضلوا الطريق وأخذوا يتبنون آراء المستشرقين ويدافعون عنها طاعنين ومشككين في أصالة نشأة النّحو فقالوا بتأثر الثقافات الأجنبية في النّحو العربي أكثر من تأثر تلك الثقافات بالنحو؛ أمثال جرجي زيدان، وإبراهيم مدكور، وإبراهيم أنيس، وعبد الرحمن أيوب، وأحمد أمين ، ثم نورد آراء الّذين قالوا إن النّحو لم يتأثر في نشأته الأوَّلية بالثقافات الأجنبية أمثال : تمام حسان ،وعلي أبي المكارم .
الكلمات المفتاحية : الاستشراق – طعن – أصالة – مصطلح – فلسفة – دراسات

***

يرى المستشرق يوهان فك أن النّحو العربي نشأ بتأثير الأعاجم؛ حيث قال: “وعلى الرغم من أن هذه الروايات المتفرقة المتضاربة غير تاريخية بالمعنى الصحيح، فإنها تحتوي على إدراك عميق، لأنَّ اتخاذ المسلمين الجدد العربية لساناً لهم، كان هو الدافع الأول للملاحظات النّحوية([1]). واعتبر يوهان فك أن الخليل بن أحمد أقدم النّحاة العرب ولكنه أسقط الجهود التي سبقت الخليل بن أحمد أمثال ؛ عبدالله بن أبي إسحق، وعيسى بن عمر الثقفي ، وأبي عمرو بن العلاء وغيرهم من العلماء الذين وثقت لهم كتب التراجم لنظراتهم وأقيستهم وعللهم وتلك هي الأصول التي بنى عليها النّحاة من بعدهم إلى يومنا هذا .

كما يذهب إلى أن نظرية العامل كانت غير واضحة عند الخليل قائلاً : أن الخليل يستخدم مصطلحات الرفع والخفض والنصب مع الأسماء المنونة، فالمرفوع هو الاسم المضموم المنون، والمخفوض هو الاسم المجرور المنون، والمنصوب هو الاسم المنصوب المنون. وذهب الضم والكسر والفتح .

وفي رأي يوهان فك أن الأمر الوحيد الذي يدل على تأثر الخليل بنظرية العامل هو تفرقته بين سكون أواخر الحروف وسكون الفعل المجزوم، فالأول عدم حركة، أي بناء، والثاني علامة إعراب نتيجة لعامل نحوي. ثم ذهب يوهان فك إلى أن سيبويه هو الذي توسع في إطلاق الرفع والنصب والجر على أواخر الكلمات غير المنصرفة([2]).

إن قول يوهان فك أن نظرية العامل كانت غير واضحة عند الخليل، قول مردود، فالخليل هو صاحب الفضل في هذه النظرية، تدل على ذلك الآراء الكثيرة التي أوردها له سيبويه، فمثلاً يقول سيبويه في: (باب الحروف الخمسة التي تعمل فيما بعدها كعمل الفعل فيما بعده)، يقول: “وزعم الخليل أنها عملت عملين: الرفع والنصب، كما عملت كان الرفع والنصب حين قلت: كان أخاك زيد، إلا أنه ليس لك أن تقول: كأن أخوك عبد الله، تريد: كأن عبد الله أخوك، لأنها لا تصرف تصرف الأفعال، ولا يضمر فيها المرفوع كما يضمر في كان”([3]).

ويورد سيبويه أيضاً قول الخليل: (“إنما” لا تعمل فيما بعدها، كما أن “أرى” إذا كانت لغواً لم تعمل، فجعلوا هذه نظيرها من الفعل، كما كان نظير “إن” من الفعل ما يعمل)([4]).وأما قول يوهان فك أن الخليل كان يستخدم مصطلحات الرفع والنصب والجر مع الأسماء المنونة فقط، وأنه كان يسمى الأسماء الخالية من التنوين بأسماء الحركات العامة من ضم وفتح وكسر فهو، قول فيه نظر ؛ فسيبويه يقول في باب النداء”… وزعم الخليل رحمه الله أنهم نصبوا المضاف نحو: يا عبد الله ويا أخانا؛ والنكرة حين قالوا: يا رجلاً صالحاً، حين طال الكلام، كما نصبوا هو قبلك وهو بعدك”، ورفعوا المفرد كما رفعوا قبل وبعد، وموضعهما واحد، وذلك قولك: يا زيد ويا عمرو، وتركوا التنوين في المفرد كما تركوه في قبل.

قلت: أريت قولهم يا زيد الطويل، علام نصبوا الطويل؟ . قال: نصب لأنه صفة لمنصوب. وقال: وإن شئت، كان نصباً على أعني. فقلت: أرأيت الرفع، على أي شيء هو إذا قال: يا زيد الطويل؟ قال: هو صفة لمرفوع. قلت: ألست قد زعمت أن هذا المرفوع في موضع نصب، فلم لا يكون كقوله: لقيته أمس الأحدث؟ قال: من قبل أن كل اسم مفرد في النداء مرفوع أبداً، وليس كل اسم في موضع أمس يكون مجروراً، فلما اطرد الرفع في كل مفرد في النداء، صار عندهم بمنزلة ما يرتفع بالابتداء أو بالفعل، فجعلوا وصفه إذا كان مفرداً بمنزلته. إذن إن هنالك تباين واضح بين آراء الخليل وادعاءات يوهان فك :

أولاً: إن الخليل أطلق مصطلح النصب على المنادى المضاف، والمنادى النكرة، وأطلق النصب على المنون والخالي من التنوين. وهذا يخالف ما ادعاه عليه يوهان فك.

ثانياً: إنه يسمى البناء على الضم رفعاً، نحو: (قبل) و (بعد) و (يا زيد)، وعنده أن كل اسم في النداء مرفوع أبداً، بمعنى أنه يبنى على كل ما يرفع به. ورفع المنادى المفرد عنده بمنزلة المرفوع بالابتداء أو بالفعل، أي المبتدأ أو الفاعل.

ثالثاً: في هذا النص بيان واضح على أن الخليل يميز بين رفع المبتدأ أو الفاعل من جهة، وبين ورفع المنادى المفرد من جهة أخرى، فالمنادى المفرد في موضع نصب لكنه بني على ما يرفع به، بعكس رفع المبتدأ أو الفاعل، الذي هو رفع إعراب، ولذلك جاز – عنده – رفع صفته مراعاة للحركة، أو النصب مراعاة للموضع، ولا خلاف أن صفة المبتدأ أو الفاعل مرفوعة دائماً، ولذلك يفهم من قوله أن المنادى المفرد مرفوع أبداً لأنه تلزمه حركة الرفع أبداً، ولا يفهم من هذا القول إن المنادى المفرد –عنده- في موضع رفع.

والباحث يدعم آراء السابقين من علماء العربية في أن الخليل كان يعرف العوامل والمعمولات بلا شك، ويعرف المبني والمعرب بلا شك أيضاً ، وإن كان يطلق صفة الرفع أحياناً على المبني على ما يرفع به.أما المستشرق كارل بروكلمان، فهو يتبنى وجهة النظر ذاتها، هو يشكك في تاريخ النحو العربي، ويصف أوائل علم اللغة العربية بأنه محوط بالغموض والظلام، ويستبعد ظهور مصادر جديدة تزيل الغموض عن هذه النشأة، ويدعى بروكلمان أن مجهودات أبي الأسود وتلاميذه مجرد أساطير؛ ومما دل على عدم تثبت بروكلمان قبوله خبراً أن معاذ بن مسلم (ت 188هـ 190هـ )، وهو عم أبي جعفر الرواسي، كان يبحث في مسائل النحو. فيورد خبراً آخر فحواه أن أبا مسلم، مؤدب عبد الملك بن مروان، هجا النحاة لاشتغالهم بلغات الزنج والروم، وأن معاذاً دافع عن نفسه وعن أصحابه بأبيات([5]).

ويذهب بروكلمان إلى أن العلماء العرب يكررون أن علم النحو هو نتاج للعقلية العربية المحضة، بغض النظر عن التشابه بين مصطلحات النحو العربي والمنطق اليوناني، وهو يرى أنه، فيما عدا هذا التشابه، لا يمكن إثبات وجوه أخرى من التأثير، لا من قواعد اللاتينية، ولا من الهندية، لكنه يستدل على الأثر الفارسي في تكوين علم العربية باستعمال اسم الإشارة في اللغة الفارسية الوسطى (البهلوية) في مكان الضمير، أي “هذا” في معنى “هو”؛ وذكر أن هذا الاستعمال بقي حتى اليوم([6]).

ويعتقد بروكلمان أن التاريخ الصحيح الموثوق لنشأة النحو العربي، يبدأ مع طبقة أساتذة الخليل، أمثال عيسى بن عمر([7])؛ فهو يذهب إلى أن الخليل هو المؤسس الحقيقي لعلم النحو العربي، وأنه هو الذي ابتكر شكل الحروف وعلامات القراءة استناداً إلى نماذج سريانية([8]).ويردُ عبد السلام المسدي على افتراءات بروكلمان قائلاً:(إن هذا الإنكار البين لمجهودات أبي الأسود وتلاميذه، ليس له ما يبرره؛ فإن نحن وافقنا على أن هذه الطبقة لم يكن لها نشاط نظري في النحو، فلا شك أن نقط المصحف ينسب لها بلا جدال، وكان هو بداية لفت الأنظار إلى حركات الإعراب في أواخر الكلمات، وحركات الإعراب هي مادة النحو، فهذه الطبقة ضبطت المصحف نتيجة لوعيها بحتمية التغير الطارئ على الظواهر اللغوية نتيجة للعوامل الحضارية المعروفة من اختلاط بالعجم وظهور للحن، ولم يكن في وعي العرب من قبل هذه الطبقة شيء من هذا. وهذا الإحساس دفع أبا الأسود لضبط المصحف. إن هذا العمل ثابت لأبي الأسود حتى لو سلمنا بأنه لم يكن يرتسم لنفسه غاية الكشف العلمي عن الظاهرة اللغوية وإن عمله كان كبحاً لتفاعل العجم مع اللغة العربية منعاً للحن، وإن غرضه كان دينياً فقط هو مجرد النطق السليم للغة([9]).

وهنالك سؤال هو: كيف قبل بروكلمان خبر معاد بن مسلم، ولا يقبل أخبار أبي الأسود وتلاميذه.

أما قوله في التشابه بين مصطلحات النحو العربي والمنطق اليوناني فلم تثبته الدراسات التي أقيمت في هذا الخصوص ما يرجح كفة ما ذهب إليه كارل بروكلمان بأن العرب أخذوا هذه المصطلحات عن اليونان وشادوا عليها هذا النحوَّ العربي ، يلاحظ المرء أن بروكلمان بعد ما نفى أثر النحو الهندي واللاتيني في النّحو العربي زعم أن هناك أثراً فارسياً في العربية، وهو استخدام اسم الإشارة في موضع الضمير أي “هذا” في موضع “هو”.

والباحث يحسب أن ذلك محض اتفاق بين اللُّغتين وهكذا أجراها الله جلّ شأنه بين لسانين مختلفين لاسيما أن اللغة العربية لغة رسالة؛ فالله عز وجلّ يُفسح لها المجال بقدرته لتصل لغايتها وإبلاغ رسالتها فلا غرابة في توافق المفردات بين لغة القرآن واللُّغات الأخرى ؛ ولا خلاف مع هذا المستشرق في أن العرب قد تستخدم اسم الإشارة في موضع الضمير، فالخليل بن أحمد وهو عربي بلا جدال يستخدم الإشارة والضمير في موضع واحد، يقول سيبويه في باب (ما يجوز فيه الرفع مما ينتصب في المعرفة): “… وذلك قولك هذا عبد الله منطلق… وزعم الخليل أن رفعه يكون على وجهين: فوجه إنك حين قلت: هذا عبد الله. أضمرت “هذا” أو “هو”، كأنك قلت: هذا منطلق. أو هو منطلق.

والوجه الآخر أن نجعلها جميعاً خبراً لـ “هذا” كقولك: “هذا حلو حامض”([10]). ولا شك أن هذا ليس من أثر الفرس، فقد تستخدم العرب اسم الإشارة في موضع الضمير، لأن كليهما يغني عن التكرار، ولا شك أن هناك فرقاً واضحاً في المدلول في التعبير بالضمير والتعبير باسم الإشارة ولكن يكفي ما سقنا من أسباب في ذلك.

أما المستشرق دي بور ؛ فيذهب إلى أن نشأة الدراسات النحوية كانت في البصرة والكوفة، ويصف هذه النشأة بأنها غامضة، وهو يقبل الفكرة التي تقول أن سيبويه ضمن كتابه تراث النحاة ممن كانوا قبله، لما اتسم به هذا الكتاب من نضج([11])، وذهب إلى أن العرب الذين بقوا على سليقتهم كانوا يكرهون المنطق لأنه مفسدة للعقول، ولكن البصرة سبقت غيرها في الانتفاع بالمنطق، وإنه كان من بين نحاتها كثيرٌ من الشيعة والمعتزلة الذين أفسحوا للمنطق المجال([12])،ويقسم الكلمة إلى ثلاثة أقسام (اسم وفعل وحرف)، يرجع هذا إلى تأثر النحاة الأوائل بالبحوث اللغوية الأجنبية، وهو يعتقد أن الخليل بن أحمد أفاد من هذه البحوث الأجنبية بمساعدة صديقه عبد الله بن المقفع، وذكر أيضاً أن السريان ترجموا كتاب “العبارة” لأرسطو([13]).

ويري دي بور أن هناك بعض أوجه الشبه وبعض المؤثرات، إلا أنه رغم ذلك يعتقد أن النّحو العربي احتفظ بخصائصه فقال : وهو على أي حال أثر رائع من آثار العقل العربي، بما له من دقة في الملاحظة ومن نشاط في جمع ما تفرق، ويحق للعرب أن يفخروا به”([14]).وهذا بحق وصف رائعٌ وصادق ومنصف للعقل العربي الذي أوجد هذا النّحو وكذلك في اعترافه بكتاب سيبويه وهو ثمرة لجهود النحاة الذين سبقوه فـ “الكتاب” لم يوجد من فراغ، وإنما سبقته جهود رجلين أو أكثر من النحاة، وكانت هذه الجهود شفهية في الغالب، إلا ما نسب إلى عيسى بن عمر.أما قوله إن الخليل أفاد من عبد الله بن المقفع في معرفته بأفكار أرسطو، كل هذا غير مردود وذلك أن القول بأن عبد الله بن المقفع ترجم كتب أرسطو لم يعد محل تسليم، ولم تثبته البحوث والدراسات التي تحدثت في هذا الشأن .

أما الذين نزعوا منزع المستشرقين من أبناء العربية فمنهم جرجي زيدان، الذي يعتقد أن النحو العربي نسج على طريقة النّحو السريانى بسبب أن العرب خالطوا السريان في العراق، وأن النّحو السريانى، قديم في المنطقة، وضعه يعقوب الرهاوي سنة 460م، وسبب التأثير عنده راجع إلى الجوار والمخالطة من ناحية، وإلى تشابه اللُّغتين العربية والسريانية من ناحية أخرى، ويعلل بذلك نشأة النحو في العراق دون غيره من بلاد الإسلام، مستدلاً بأن أقسام الكلام في العربية هي نفسها أقسام الكلام في السريانية([15]).

ويعتقد جرجي زيدان أن ما فعله أبو الأسود هو أنه وضع نقطاً لتمييز الاسم من الفعل والحرف، وأنه لم يضع النقاط لتمييز الحروف بعضها عن بعض كالتاء والثاء، مثلاً([16])، ويقول: “والأرجح أنه اقتبس ذلك من الكلدان أو السريان جيرانه في العراق، وكان عندهم نقط كبيرة توضع فوق الحرف أو تحته لتعيين لفظه، أو تعيين الكلمة الواقع هو فيها: اسم هي أم فعل أم حرف، مثل قولهم: كتب. فيمكن أن تكون اسم جمع لكتاب، أو فعلاً ماضياً معلوماً أو مجهولاً([17])، ويذكر جرجي زيدان أن السريان كانت لهم نقاط تنوب عن حركات الإعراب، وإن أبا الأسود اقتبس ذلك منهم([18])، والمعروف أن السريان ابتدعوا نظاماً للشكل والنقط نافس ما كان عند اليهود([19])، وينسب للسريان وضعهم لنقط الإعجام التي تفرق بين الحروف في لغتهم؛ ويذكر صاحب المصطلح النحوي نشأته وتطوره قائلاً: “يعتبر يوسف الأهوازين أستاذ مدرسة نصيبين المتوفى سنة 580م، أقدم مؤلف عرف في النحو وإليه ينسب ابتداع النقط التعريفية التي تفرق بين الكلمات المتشابهة خطاً والمختلفة معنى”([20]).

فمن هذه الآراء يتبين لنا أن هناك أنواعاً من النقط: نقط الإعجام، للتفريق بين الحروف المتشابهة الرسم كالياء والباء والثاء في العربية، ونقط الإعراب، وهو الشكل في أواخر الكلم في العربية، فيبدو له أن النقاط الكبيرة عند السريان، هي نفسها نقاط الإعراب، فهي تميز بين أنواع الكلم من اسم وفعل وحرف.

أما الادعاء بأن أبا الأسود أخذ نقط الإعراب من السريان، أو أن تلاميذه أخذوا نقط الإعجام عنهم، فهذا ادعاء لم تثبته كتب التراجم والمراجع ، فهو ما لم تثبته أدلة تاريخية قاطعة تثبت أن صلات قامت بين أبي الأسود وتلاميذه والسريان. والمعروف أن أبا الأسود وضع نقاط الإعراب، وتلاميذه وضعوا نقاط الإعجام لما ظهرت حاجة عملية إليها في قراءة القرآن الكريم.

والباحث يحسب أنه ليس بالصواب أن يفترض إنساناً أن أبا الأسود وتلاميذه قاموا بهذه الأعمال لوقوفهم على مثال سابق، وأحسب أنها منة من الله عز وجل للتعامل مع كتابه العزيز لا سيما أَن اللغة وسيلة من وسائل فهم الدين فتكون من ابتداعهم، وأنهم ابتكروها لمعالجة مشاكل واجهتهم .أما بالنسبة للتقسيم الثلاثي للكلم، فقد يكون مرد ذلك إلى تشابه اللغتين العربية والسريانية، لا سيما أنهما من فصيلة واحدة هي الفصيلة السامية([21]) وليس لنا أن نقرر استناداً على مجرد الشبه أن العرب أخذوا هذا التقسيم عن السريان. أما أمر البيئة العراقية، فمما لا شك فيه أن هذه البيئة اختلفت عن غيرها من بيئات الإسلام لوجود بقايا حضارات كانت قائمة فيها، مما أكسب الحياة العقلية والعلمية في العراق سمات خاصة.وذهب الدكتور إبراهيم مدكور إلى أن المنطق اليوناني أثر في الدراسات العربية عموماً، لا سيما مناهج الفقهاء وعلماء الكلام، بعد ترجمة “الأرجانون”. ويرجع تقبل العرب لمنطق اليونان دون فلسفتهم الميتافيزيقية لأنه – أي علم المنطق- يقوم على قوانين الاستدلال العقلي، بغض النظر عن موضوعه([22]) .ويعتقد الدكتور مدكور أن أثر المنطق تجاوز هذه الدراسات إلى علم النحو، فهو يقول: “وقد أثر فيه المنطق من جانبين، أحدهما موضوعي والآخر منهجي، فتأثر النحو عن قرب أو بعد بما ورد على لسان أرسطو في كتبه المنطقية من قواعد نحوية، وأريد بالقياس النّحوي أن يحدد أو يوضح القياس المنطقي([23]).

والمعروف أن أرسطو تناول في كتبه المنطقية بعض المباحث اللغوية والمبادئ النحوية؛ فقد عرض للألفاظ في الجزء الأول من كتابه “المقولات”، وتناول في الجزء الثاني منها في كتاب العبارة الجمل، ولقد أفاض أرسطو في هذه المسائل التي هي من أمور النحو([24]).أما الدكتور إبراهيم مدكور فيعقد مقارنة بين تقسيم الكلم عند أرسطو وتقسيمه عند سيبويه، فأرسطو يقسم الكلم على اسم وفعلُ ويعرف الاسم بأنه ما دلّ على معنى وليس الزمن جزءاً منه، والفعل ما دل على معنى وعلى زمن. وذكر مدكور أن أرسطو أشار في “كتابه الجدل”، إلى القسم الثالث من أقسام الكلم واسماه “الأداة”.ويذهب الدكتور مدكور إلى أن أقسام الكلم عند سيبويه تشبه تقسيم أرسطو؛ فسيبويه يقسم الكلم إلى اسم وفعل وحرف؛ ليس هذا فحسب، بل إن الدكتور مدكور يزعم أن تعريفات سيبويه لأجزاء الكلم تشبه تعريفات أرسطو، ويقول بأن الكوفيين احتفظوا بمصطلح أرسطو للحرف وهو “الأداة”([25]). وتناول الدكتور إبراهيم مدكور أساس تكوين الجملة عند أرسطو، وهو الإسناد، وأورد حديث أرسطو عن “المحمولات العامة الممكنة”، وتوضيحه الصلة بين المحمول والموضوع، وتعريفه النحوي للجملة من بعد ذلك حيث شبه الدكتور مدكور ما فعله أرسطو بما فعله سيبويه عندما تحدث عن المسند والمسند إليه، وعندما تحدث أيضاً عن المبتدأ والخبر “المبتدأ والمبنى عليه”، ورأى أن عبارة المبتدأ أو “والمبنى عليه” تشبه عبارة المحمول والمحمول عليه([26]).وبعد إشارته لأوجه الشبه بين أقوال أرسطو، وسيبويه؛ حاول الدكتور مدكور إثبات صلات تاريخية توضح أو تثبت معرفة سيبويه بمنطق أرسطو، فذهب إلى أن كتب أرسطو الثلاثة: المقولات ،والعبارة، والتحاليل الأولى كانت معروفة لدى المترجمين السريان، وأنها قد ترجمت إلى السريانية قبل الإسلام، وذكر أنها ترجمت إلى الفارسية أيضاً، ثم ترجمت إلى العربية في النصف الأول من القرن الثاني الهجري على يد عبد الله بن المقفع أو ابنه محمد عن السريانية، وخلاصة الأمر أن الدكتور مدكور يرى أن النحاة كانوا يستعينون في دراستهم للنحو بما يعرفون من لغات ودراسات أخرى([27]).وهنا يزعم الدكتور مدكور إلى أن أثر المنطق اليوناني وصل إلى النحو العربي عبر السريان، وبيان ذلك أن النحاة السريان تأثروا بالمنطق اليوناني، ثم كان من بين من اتصلوا بالعرب من السريان نحاة مثل يعقوب الرهاوي، الذي يصفه بأنه صاحب شأن في وضع النحو السريانى، وحنين بن إسحق الذي كان معاصراً للخليل بن أحمد وسيبويه، ويذهب إلى أن حنيناً كان صديقاً للخليل وأنه يعلم العربية منه على كبر من السن، ثم ترجم الأجرومية اليونانية منفرداً، واشترك مع ابنه إسحق في ترجمة كتب أرسطو المنطقية إلى العربية أيضاً([28]).ويقرر الدكتور مدكور من بعد ذلك أن هؤلاء المترجمين أثاروا انتباه العرب إلى المشاكل النحوية بترجمتهم لمنطق أرسطو، ويذكر أن وجه الشبه واضح وقديم بين المنطق والنحو، فالمنطق في مجال العقل والمعقولات كالنحو في مجال اللسان والألفاظ؛ ويستشهد على هذا التأثر بالمنطق بتسمية نحاة البصرة بأهل المنطق، فهذا الأمر لم يكن من قبيل العبث عنده.وهو يعمد لتأكيد تأثر العرب بالمنطق اليوناني في النحو، وأنهم استفادوا منه استفادة مباشرة، ويدعى أن هذا التأثر هو الذي أظهر كتاب سيبويه مكتملاً وناضجاً دون أن يسبقه ما يمهد له، فهو يقول: “ولعل في هذا ما يفسر تلك المفاجأة التي أحدثها كتاب سيبويه بظهوره في تلك الصورة الجامعة دون أن تصل إلينا سوابق ممهدة له”([29]). وبالإشارة إلى البحوث اللغوية والأدبية التي قام بها عيسى بن عمر وجيله، ويقول الدكتور مدكور أن هذه البحوث، وإن كانت ممهدة للكتاب، إلا أن “الكتاب” يختلف عنها كثيراً في نضجه واكتماله، ويصف الكتاب بأنه مزج من الأدب والنحو واللغة، هذا إلى أنه أشبه ما يكون بتوجيه لبعض العبارات والاستعمالات منه بتقنين القوانين ووضع المبادئ فهو لم يقعد قط قواعد اللغة على الصورة التي قعدت بها فيما بعد”([30]).

ويري الدكتور مدكور أن سيبويه أفاد من نحو اللغة السريانية الذي نقله المترجمون، كما أفاد من منطق أرسطو([31]).هذا في جانب تأثر النحو العربي بموضوعات النحو لدى اليونان. أما في المنهج، فيشير الدكتور مدكور إلى القياس، ويؤكد على أهميته في نشأة النحو وفي غزارة مادته، واستخلاص قواعده، وهو يعتقد أن النحاة الأوائل استخدموا القياس بفطرتهم، حيث قارنوا بين الأشباه والنظائر، واستنبطوا الأوصاف المشتركة بينها. لكن النحاة المتأخرين –في نظره- جعلوا من القياس منهجاً ذا قواعد، واعتبروه منبعاً رئيسياً لاستخلاص القواعد النحوية، وحكموه في لغات العرب، فوصفوا بعض اللغات بأنها أقيس من غيرها. ثم يستعرض الدكتور مدكور إفادة النحاة العرب من القياس منذ عبد الله بن أبي إسحق الحضرمي، الذي قاس وعلل الأقيسة، ثم دعم الخليل ذلك، ثم استخدمه سيبويه في كتابه بتوسع، وحكمته في الترجيح بين الآراء المتباينة، بل كان –أي سيبويه- يفترض فروضاً نظرية ويعطيها أحكاماً خاصة، معتمداً على القياس وعلى قواعده، وبين الدكتور مدكور أن البصريين –وهم أهل السبق في نشأة النحو- هم الذين وضعوا دعائم القياس، وأن الكوفيين أيضاً لم يترددوا في استخدامه، إذ ربما قاسوا على الشاهد الواحد([32]).

والباحث يحسب أَن ما ذهب إليه إبراهيم مدكور فيه تجنيّ على التراث العربي لأن القياس ليس كما ادعاء فهو فطرى عند العرب منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث سيدنا معاذ بن جبل رضي الله عنه إلى اليمن قال له : كيف تصنع إن عرض عليك قضاء؟ قال: بما في كتاب الله، قال : فإن لم تجد، قال: فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فإن لم يكن في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،قال: أجتهد رأيي، ولا آلو: قال معاذ : فضرب رسول الله صلى عليه وسلم صدري . ثم قال : الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضى رسول الله)([33]).ورغم الذي أورده الدكتور إبراهيم مدكور وَصَبغْهُ النحو العربي بصبغة المناطقة والسريان الذين تذكر بعض المصادر من تأثر بهم من نحاة العربية هم أخلاف العلماء الأوائل عمدوا علي تقعيد العربية وعلومها ؛ إلاَّ أن الدكتور مدكور يقر طوعاً أن القياس من أثار العقل العربي وقال الكسائي :

إنما النحو قياسٌ يتبع وبه في كل أمرٍ يُنُتفع([34])

أما حديثه عن أثر المنطق اليوناني في العلوم الإسلامية بعد ترجمة الأرجانون دون ما تحديد لتاريخ هذه الترجمة، ومن قام بها؛ أما قوله أن العرب تقبلوا منطق اليونان دون فلسفتهم الميتافيزيقية، فقول فيه تعميم ؛ ويورد أبو حيان التوحيدي في كتابه “الإمتاع والمؤانسة، مناظرة جرت بين أبي سعيد السيرافي وأبى بشر متى المنطقي سنة 326هـ ، أُستُخلص منها أن هذا النحوي المتأخر يرفض المنطق لأنه لا يساير روح الحضارة العربية الإسلامية؛ يقول أبو سعيد السيرافي: “إذا كان المنطق وضعه رجل من اليونان على لغة أهلها واصطلاحهم عليها وما يتعارفونه بها من رسومها وصفاتها، فمن أين يلتزم الترك والفرس والعرب أن ينظروا فيه ويتخذوه قاضياً وحكماً لهم وعليهم”([35])،أما ما ذهب إليه الدكتور مدكور إنَّ النحو تأثر بالمنطق موضوعاً ومنهجاً، فهو قولٌ غير مقبول وبصفة خاصة من جيل سيبويه والذين سبقوهم ؛ والدكتور مدكور هنا يقارن تقسيم الكلم عند أرسطو بتقسيمه عند سيبويه، فأرسطو يعرف الاسم بأنه ما دل على معنى وليس الزمن جزءاً منه، والفعل ما دل على معنى وزمن، والقسم الثالث هو الأداة.ويذهب الدكتور مدكور إلى أن تعريفات سيبويه لهذه الأجزاء تشبه تعريفات أرسطو، وإننا لم نقف على هذا القول في هذا الدرس عندما تناوله سيبويه وهو رأي مردود لأن سيبويه لم يضع تعريفات لهذه الأجزاء، وإنما اكتفى بإيراد أمثلة لها؛ حيث قال سيبويه في بابه “هذا باب علم ما الكلم” “فالكلم اسم وفعل وحرف، جاء لمعنى ليس باسم ولا فعل. فالاسم رجل وفرس وحائط. وأما الفعل فأمثلته أخذت من لفظ أحداث الأسماء وبنيت لما مضى، ولما يكون ولم يقع، وما هو كائن ولم ينقطع..”([36]).

ويلاحظ هنا في تعريف سيبويه، أن الحرف له دلالة إيجابية؛ فهو حرف جاء لمعنى، وهذا يخالف ما قال به أهل المنطق، الذين يجردون الحرف من المعنى، إلا من خلال ربطه بين أجزاء الكلام الأخرى.

وذهب الدكتور مدكور إلى أن أساس تكوين الجملة الإسناد، وأن ذلك يشبه ما عند سيبويه حين تحدث عن المسند والمسند إليه، وهذا لا يتعارض في أن الإسناد هو أساس تكوين الجملة في جميع اللغات، وأرسطو في تعريفه للكلمة “الفعل” يقول إنها “أبداً دليل ما يقال عليه”، أي على الاسم، أي أنها تكون دائماً محمولاً على الموضوع الذي هو الاسم. ولكن الاسم عند سيبويه يصلح أن يكون محمولاً في الإسناد في الجملة التي يكون طرفاها اسمين، ولبيان هذا الفارق بين أرسطو وسيبويه في هذا الجانب ؛ نقول: إنَّ الاسم عند سيبويه يصلح أن يكون محمولاً على غير مذهب أرسطو. وكذلك ذهب مدكور إلى أن نسبة ترجمة كتب أرسطو المنطقية لعبد الله بن المقفع أو ابنه محمد، فقول فيه نظر؛ فابن المقفع المذكور في أخبار المترجمين عن اليونان، تذكر بعض المصادر أنه ليس هو عبد الله بن المقفع الأديب والكاتب الفارسي الأصل، الذي عاش في أيام المنصور؛ فهذا أمر محل خلاف. ففي قول إنه ابن المقفع الكاتب، وفي رأي ثانٍ أن المترجم هو ابنه محمد([37])؛ ورأي ثالث أن المترجم شخص ثالث؛ فمثلاً يعتقد الدكتور عمر فروخ أن عبد الله بن المقفع، الذي تنسب إليه كتب أرسطو المنطقية ليس هو عبد الله بن المقفع المتوفى سنة 142هـ/ 759م، وإنما هو شخص آخر عاش في وقت متأخر أيام بيت الحكمة([38]).أما إبراهيم أنيس فهو أيضاً يرى أنَّ النّحاة العرب اتبعوا التقسيم اليوناني لأجزاء الكلم؛ ودليله على ذلك، أن اللغويين العرب واجهوا صعوبات في إيجاد تعريف جامع ومانع لهذه الأجزاء، فإنهم – أي هؤلاء النحاة- وجدوا أن تعريف الاسم لا يكاد ينطبق على كل الأسماء، وأن بعض الأسماء ينطبق عليها تعريف الأفعال عندهم، فتعريف الاسم أنه “ما دل على معنى وليس الزمن جزءً منه”، لا يشمل بعض الأسماء في رأي الدكتور أنيس، مثل: اليوم والليلة، وهذا ما دعا النحاة أن يجوزوا في تعريفهم هذا، ويذهب الدكتور أنيس إلى أن من النحاة من لم يكلف نفسه تعريف الاسم، بل اكتفى بالتمثيل في إشارة إلى ما صفات إيجابية([39]).وتعجب الدكتور أنيس من معالجة اللُّغويين العرب لأمر الحروف، فهم –كما قال- جردوها من المعاني عندما تجيء منفردة، ونسبوا معناها لغيرها من الأسماء والأفعال، غير أن النّحاة لما وجدوا من الشواهد ما يخالف تعريفهم، لجأوا إلى التأويل، على حد قوله، ومن الشواهد التي أوردها في هذا الباب وأورد قول قطري بن الفجاءة :
فلقد أراني للرماح دريئةً من عن يميني تارة وأمامي([40])

فعندهم أن “عن” هنا بمعنى ناحية، ولذلك فهم يستعملون الحروف استعمال الأسماء، وهذا – في اعتقاده- تجاوز للتعريفات([41]). وقد تساءل الدكتور أنيس : لم فرق النحاة بين “على” ،و “فوق”، وبين “في” ،و “داخل”، وبين “إلى” و “نحو”، فجعلوا الأولى حروفاً والثانية أسماء، ليخلص إلى ؛أن فكرة الحرفية كانت غامضة عند هؤلاء النحاة، وأن تعريفاتهم لم تكن جامعة ولا مانعة، وهو بذلك يعتقدُ أن النحاة لما أحسوا باصطدامهم في تحديد الاسم والفعل والحرف، لجأوا إلى ما أسموه علامات الأسماء، مثل التنوين، وقبول الألف واللام في التعريف وغيرها. ولعلامات الأفعال، مثل سبق بعضها بالسين، وسوف، واتصال بعضها بضمير الرفع المنفصل([42]). وهذا اعتقاد غير مقبول ينقصه البيان لتأثر نحاة العربية باليونان، رغم ما يدعون وقولهم بتأثر الخليل ،وتلميذه سيبويه ،والمتأخرون من النحاة ولكنه ادعاء ينقضه الدليل كما سنرى في المباحث القادمة.

زعم الدكتور إبراهيم أنيس أن النحاة صاروا يجوزون في تعريفهم للاسم، حين وجدوا أن من الأسماء ما يخالفه، فهم يعرفون الاسم بأنه: “ما دل على معنى، وليس الزمن جزءاً منه”. فقال بأن هناك أسماء تدل على زمن: كاليوم والليلة. ولا شك أن هذه أسماء، وإن دل معناها على زمن، وقد ميز النحاة المتأخرون الفعل في تعريفهم له، فالفعل عندهم ما دل على معنى وزمن محصل؛ يقول أبو بكر بن السراج (ت 316هـ): “فإن قلت في الأسماء، مثل اليوم والليلة والساعة وهذه أزمنة، فما الفرق بينها وبين الفعل..؟ قلنا: الفرق أن الفعل ليس زماناً فقط، كما أن اليوم زمان فقط.. فإن كانت اللفظة تدل على زمان فقط، فهي اسم، وإن دلت على معنى وزمان محصل، فهي فعل، وأعني بالمحصل الماضي والحاضر والمستقبل([43]).أما قوله؛ إن سيبويه لم يكلف نفسه تعريف الاسم، فصحيح أن سيبويه اكتفى بالتمثيل للاسم “وهذا هو التعريف الاسمي على ما قال به أصحاب المذهب الوضعي حديثاً”([44]). والمعروف أن علماء المنطق المحدثين يقسمون أنواع التعريفات إلى اثنين: الأول، هو التعريف الشيء، ويسمى أيضاً التعريف الأرسطي، ويراد به تحديد طبائع الأشياء، والعناصر الجوهرية التي تتركب منها؛ والثاني، هو التعريف الاسمي، ويراد به تحديد الطريقة التي تستخدم بها الكلمة من كلمات اللغة، فليس فيه بحث عن جوهر الأشياء([45]).ولكن قول أنيس إن النّحاة جردوا الحروف من المعاني؛ فأمر لا ينطبق على كل النّحاة، خاصة القدماء منهم ؛فسيبويه يقول: فالكلم: اسم وفعل وحرف جاء لمعنى ليس باسم ولا فعل”. ومن هنا يتضح أن للحروف معنى عند سيبويه، ويقول سيبويه في ذات الموضع: “… وأما ما جاء لمعنى وليس باسم، ولا فعل، فنحو: ثم وسوف وواو القسم ولام الإضافة”([46]).وخلاصة القول، إن آراء الدكتور إبراهيم أنيس هذه تذهب مذهب من قال أن النحاة المتأخرين وقعوا تحت تأثير المنطق الصوري؛ إلاَّ أن قوله أن فكرة الحرفية كانت غامضة عند النحاة، وأن تعريفاتهم لم تكن جامعة ولا مانعة، وأن ذلك ألجأهم إلى ما يسمى علامات الأسماء وعلامات الأفعال، قول غير صائب.

أما الدكتور أحمد مختار عمر فيذهب إلى أن تقسيم العرب للكلم موجود عند الهنود: “اسم وفعل وحرف ؛ فما جاء لمعنى ليس باسم ولا فعل. وتعريفهم للكلمة بوجه عام: “أنها اللفظ الموضوع لمعنى مفرد، أو أنه اللفظ المستقل الدال على الوضع”، فهذه أوجه شبه([47]).

ويسوق الدكتور أحمد مختار من أوجه الشبه أن نّحاة الهنود ميزوا بين الحرف الأصلي والزائد في الكلمة، فقالوا بأن ما يثبت في التصاريف المختلفة للكلمة هو أصلي، وما سقط فهو زائد، ويذكر أن علماء الهنود اختلفوا حول الحرف –مثلما فعل النحاة العرب- هل لهذه الحروف معان في ذاتها مستقلة عن الأفعال والأسماء، أم لا؟ ويقول أن علماء الهنود أفردوا نوعاً من الأسماء له خصائص الأفعال باسم خاص هو “اسم الفعل”، وهو عين ما فعله النحاة العرب في نحو: هيهات، ووي، وأف”. بعد ذلك يبحث الدكتور أحمد مختار عمر في احتمالات التأثير والتأثر، ويورد في الإجابة على ذلك ثلاثة آراء: فهناك من يقطع بتأثر العرب بالهنود، وهناك من لا يقطع بوجود تأثير أو تأثر، ثم فريق ثالث ينفي وجود هذا التأثير مطلقاً([48]).

الرأي الأول: يقطع بوجود تأثير هندي على النّحو العربي وتبنى هذا الرأي الدكتور عبد الرحمن أيوب؛ الذي اعتقد أن ما اتسم به كتاب سيبويه من اهتمام بدراسة الأصوات من ناحية، وعدم الاهتمام بالنظريات والتقسيمات العقلية، والاعتماد على أشكال الألفاظ في تقسيمها إلى أنواع من ناحية أخرى، كل هذه السمات غير موجودة في كتب النّحو التي كتبت بعد سيبويه، لأن هذه الكتب المتأخرة تأثرت –كما يرى- بالمنطق اليوناني([49]).

أما الرأي الثاني : ذكره أحمد مختار عمر أنه رأيٌ تبنته دائرة المعارف الإسلامية، ذُكر فيه أن الخليل بن أحمد رتب معجمه العين على طريقة نحاة الهنود([50]). حيث قال : “وكان الخليل أول من صنف معجماً عربياً، والظاهر أنه رتبه على حروف الهجاء عند نحاة السنسكريتية، وهي التي تبدأ بحروف الحلق حتى تصل إلى حروف الشفة…”([51]).

الرأي الثالث : الذي يتبناه المستشرق كارل بروكلمان، وهو رأي يقطع بعدم وجود أي تأثير هندي في الدراسات اللُّغوية العربيّة، حيث يعتقد بروكلمان أن ما حدث من تشابه في الدراسات اللُّغوية عند الأمتين العربية والهندية، هو من قبيل المشابهة العارضة، التي تأتي اتفاقاً من طبيعة البحث، وبالتالي فإن أصحاب هذا الرأي يرون أن معجم العين من ابتكار الخليل، وينفون أخذه لترتيب الأصوات عن الهنود([52]).

والباحث يحسبُ أن ما أورده أحمد مختار عمر، من أوجه الشبه بين أعمال النحاة الهنود والعرب، من تقسيم للكلم، وتعريف لأجزائها والتمييز بين الأصلي والزائد من حروف الكلمة، والاختلاف في معاني الحروف، دليل علي وجود تشابه بين لغتنا العربية واللغة الهندية ولكنه لا يكفي لإثبات تأثر النحاة العرب بالنحو الهندي تأثراً ينفى أصالة النّحو العربي لاسيما أنه ليس هناك توثيق يؤكد وجود أي صلات تاريخية تذكر في هذا المجال، هذا من ناحية ومن ناحية ثانية إن اهتمام سيبويه بالأصوات وعدم اهتمامه بالنظريات والتقسيمات العقلية، واعتماده على أشكال الألفاظ في تقسيمها إلى أنواع ليس مرده إلى تأثر النّحاة العرب بالنّحاة الهنود، فالذي ذهب إليه الدكتور عبد الرحمن أيوب قول غير دقيق لأن كتاب سيبويه لم يكن كتاباً في النحو فقط، إنما هو كتاب شامل للغة والأصوات وجوانب من البلاغة والنقد، وليس الاهتمام بالأصوات عائد إلى تأثر سيبويه بالهنود، وإنما يعود ذلك لإيجاد العلاقة الكلية التي تربط بين هذا العلم (النحو) بالقرآن الكريم وتأتي جهوده كلها دفاعاً عن القرآن الكريم الذي كان محوراً لجهود العلماء المسلمين في قراءته وتجويده وتفسيره واستنباط الأحكام الفقهية منه، إذ كان القرآن هو محور حياة المسلمين، ولذلك اهتم العلماء بالأصوات ومخارجها وصفاتها لاهتمامهم بوجوب قراءة القرآن قراءة صحيحة، فأنت ترى أن سيبويه يتحدث عن الأصوات وأن منها ما هو مستحسن في قراءة القرآن والشعر، ومنها ما كان غير ذلك. ولم يهتم سيبويه بالتقسيمات العقلية على نحو ما هو موجود عند اليونان، كما فعل من جاء بعده من النحاة؛ وذلك بسبب أن روح الحضارة العربية الإسلامية روح عربية، وأن المسلمين كانوا يهتمون بما هو عملي بعد رقي العقل العربي بفضل القرآن الكريم .أما قوله إن كتب النّحو المتأخرة تخلو من الاهتمام بالأصوات، فمرد ذلك أن هذه العلوم بعد أن كانت تعرف بمسمي “علم الكلام” انفصلت عن بعضها بعد رقيّ واستنارت العقل العربي بفضل القرآن الكريم فصار لكل حدود. أما ترتيب الخليل بن أحمد لمعجمه على طريقة علماء الهنود، فقد يكون من قبيل التشابه العارض، وهو كما قال كارل بروكلمان : إن التشابه في دراسة اللّغة عند العرب والهنود ناتج من الاتفاق في طبيعة البحث؛ ولعل في رأيه صواب، خاصة وأن الروايات العربية القديمة تثبت أن معجم العين من ابتكار الخليل بن أحمد، ولم يرد فيها ذكر لأثر هندي أو أعجمي في معجم العين.

أما الأستاذ أحمد أمين فيصف نشأة النحو العربي الأولى بالغموض، ويصف ظهور كتاب سيبويه كاملاً شاملاً بأنه مفاجأة بالنسبة لما قبله، ومن رأيه أن نسبة وضع النحو إلى أبي الأسود، وعلي بن أبي طالب حديث خرافة لأن طبيعة زمن الرجلين تأبى ما نسب لهما من تعاريف وتقسيمات فلسفية([53]). ولكن صح عنده خبر وضع نقط المصحف الذي ينسب إلى أبي الأسود، لإجماع أغلب الروايات عليه؛ حيث قال: “وواضح أن هذه الخطوة أولية في سبيل النحوي تتمشى مع قانون النشوء، وممكن أن تأتي من أبي الأسود، وواضح كذلك أن هذا يلفت النظر إلى النحو، فعمل أبي الأسود يسلم إلى التفكير في الإعراب ووضع القواعد له…”([54]).ويرى إن الذين نسبوا نشأة النحو لأبي الأسود من القدماء، لم يكونوا يفهمون المعنى الدقيق لكلمة “النحو” التي نعرفها اليوم، وأبو الأسود وضع الأساس بضبطه المصحف حتى لا تكون ضمة موضع فتحة ولا فتحة موضع ضمة، ثم جاء من بعدهم من أراد أن يفهم وضع النحو على المعنى، فنسب إلى أبي الأسود وضع النحو وتقسيم الكلم والاسم الظاهر والمضمر وأبواب التعجب وإن وغيرها([55]).

ولهذا يذهب أحمد أمين إلى أن القدماء كابن حجر وابن قتيبة عبروا عن ما فعله أبو الأسود بصور مختلفة، وأنهم كانوا يعنون هذه العلامات لا غير. غير أن المتأخرين لما توسعوا فيها، وسموا علمهم هذا نحواً، سحبوا هذا الاسم على ما كان من أبي الأسود؛ فأبو الأسود –في رأيه- لم يفعل أكثر من ضبط المصحف حتى تقسيم القراءة، وإن العلماء من بعده حينما تحدثوا عن الفاعل والمفعول وغيرها، وعن النصب والرفع والجر، نسبوا ذلك إلى أبي الأسود، وإن كان أبو الأسود لا يعرف شيئاً من ذلك([56]).ويدعم الدكتور أحمد أمين رأيه مستنداً علي آراء المستشرقين فينقل عن ليتمان، أقوالاً حول اختلاف الأوروبيين حول أصالة النحو العربي، ويختار أحمد أمين رأي جوزف بلانش الذي يقول؛ بابتداع العرب للنّحو ابتداء، وأنه لا يوجد في كتاب سيبويه إلا ما اخترعه هو والنّحاة من قبله، غير أن العرب لما تعلموا الفلسفة اليونانية من السريان في العراق، تعلموا أيضاً شيئاً من النّحو وهو ما كتبه أرسطو([57]).

ويستدل بأن تقسيم الكلم مختلف؛ فسيبويه يقسمها إلى اسم وفعل وحرف جاء لمعنى ليس باسم لا فعل، وهذا –في رأيه- تقسيم أصلي، أما الفلسفة فيقسم فيها الكلم إلى: اسم وفعل ورباط([58])، يقول: “وهذه الكلمات اسم وفعل ورباط، ترجمت من اليوناني إلى السرياني، ومن السرياني إلى العربي، فسميت هكذا في كتب الفلسفة لا في كتب النحو؛ أما كلمات: اسم وفعل وحرف، فإنها اصطلاحات عربية ما ترجمت ولا نقلت”([59]). ويرى أحمد أمين أن تأثير اليونان والسريان كان ضعيفاً وغير مباشر في العصر العباسي الأول، وبعد نقل الفلسفة، تأثر بها النحاة المتأخرون كأبي الحسن الرماني (296- 384هـ)([60]).

ومن ناحية أخرى، يصف الأستاذ أحمد أمين ترتيب وتبويب كتاب سيبويه، بأنه تبويب وترتيب منطقي، يبدأ بتقسيم الكلم، ثم يعرف كل قسم ويذكر أحكامه ويأتي بأمثلته؛ وهو يرى أن من مظاهر تأثر النّحاة العرب بمنطق أرسطو، تسميتهم للظرف “المفعول فيه”، وذلك أن أرسطو يعتبر أن الزمان والمكان كالوعاء للأشياء، إذ لا بد لكل مخلوق أن يكون واقعاً في زمان ومكان، فهما كالوعاء له([61]). ومن العبارات التي أوردها ، حديثه عن حنين بن إسحق العبادي، المترجم المشهور، فهو يقول عنه: “حنين بن إسحق ويلقب بأبي زيد، ولد سنة 194هـ. فذهب حنين إلى بلاد الروم، وأجاد تعلم اليونانية، ثم عاد إلى البصرة ولازم الخليل بن أحمد يأخذ عنه العربية، ويروون أنه حمل كتاب العين المنسوب إلى الخليل إلى بغداد”([62]).

والباحث يحسبُ إن الذي يسوقه الدكتور أمين بحاجة إلي وقفه ؛ فإن كان الدكتور مُسَلّماً بحفظ الصحابة لكتاب الله الذي بين أيدينا وما تزينت به آيات المصحف الشريف من حركات الإعراب ، وما دون عن رسول الله صل الله عليه وسلم من الحديث الشريف ورسائله صلى الله عليه وسلم للملوك ،والأمراء، والقبائل فإن كان هذا حادث بعد انتقال النبي صل الله عليه وسلم فمن أين له بمعرفة صياغة تراكيب خطاباته . أما الأخبار عن علاقة حنين بالخليل، فيما يبدو، غير صحيحة، استناداً علي تاريخ وفاة الخليل بن أحمد رحمه الله الذي توفى حوالي عام 175هـ أو 170هـ على أرجح الأقوال.وأما وصف الأستاذ أحمد أمين لظهور كتاب سيبويه بأنه كان شيئاً مفاجئاً، فوصف لا يخلو من مبالغة، فقد سبقت هذا الكتاب جهود لأكثر من عالم عرف ما أضافه كل ما منهم للنحو العربي وأن صاحب الكتاب نفسه أكد على هذه الجهود وأشار إلى ما أخذه عنها ، وقضية اتصال الخليل بن أحمد بحنين بن إسحق، فقد نفاها الدكتور على أبو المكارم، ونفى بالتالي ما يتبع ذلك من القول بتعرف الخليل على المنطق اليوناني، وقد وصف هذه الدعوى بالوهم العجيب الذي انزلق إليه المؤرخون من عرب وفرنجة. وهو يعتقد أن تحليل هذه الدعوى تاريخياً، ثم ملاحظة خصائص فكر الخليل، يؤديان إلى حقيقة أصالة منهج الخليل([63]).

والباحث يحسب أن هذه الآراء مجتمعة لا تمثل حجة علي عدم فضل وأصالة اللُّغة العربية ، وهذه أصوات شاذة تريد استبخاس العربية واسترخاص قيمتها فلهذا استغربوا وعن الساحة ابتعدوا إيثاراً لما هو طارئ وتمرداً على ما هو توالد إنكارا للذات واستصغارٌ للأثر ومحواً للتاريخ فيكفي أولئك انعدام الهوية وقلة الرّوية. في الذي ادعوه في علاقة النحو بالمنطق فلقد كان النحو عرضة للتكيف لسهولة مدركه فشابهه المنطق وما زاده إلاَّ جمالاً حيث النحو إنما نحيّ به لتبيين المعاني من خلال الكلام الخارج من فم ناطقه مستفادة من اللفظ دون الحاجة إلي قرينة دلالة علي انسجام النحو مع المعاني والقضايا الكلية التي تتنزل تفاصليها من خلال التلفظ بها،وأجدُ أثراً سديداً في بعض الإصدارات العلمية ينسب للأستاذ الدكتور أحمد خالد يؤكد فيه؛ (….. إن اللُّغة العربية واحدة من اللُّغات الحية المحفوظة بنص مقدس معصوم من التغيير والتبديل ،وإنها نمت وترعرعت في جزيرة العرب وكانت مكة – حرسها الله – هي البوتقة التي فيها تمازجت ملكات الناطقين بها ، وانصهرت في رحابها مقدراتهم الإنشائية والتعبيرية من خلال أسواقهم في ملتقيات الحج ، والتجارة في ذلك البلد الحرام فبرزت لغة منتخبة حوت كل وجوه الرصانة والسلاسة والدقة والجمال ، وذلك لأن النخب التي كانت تتبارى في ميدانها ساعتئذٍ كانت قمماً شامخة في هذا المجال، وعلى نهجهم جاءت جهود سيبويه شيخ النحاة بالبصرة ، وجهود الكسائي شيخ نّحاة الكوفة وتلاميذه ، …الخ )([64]). ولم يشر الحديث إلى تأثر النحو بالفلسفة أو المنطق تأثراً تنتفي معه أصالة النحو العربي .

المصادر والمراجع

أصول الأحكام الشريعة ، علي حسب الله، ط1 ، مطبعة دار العلوم .
الأصول في النحو، أبو بكر بن السراج ، تحقيق عبد الحسين الفتلي، بيروت، 1985م، مؤسسة الرسالة، ط1.
الإمتاع والمؤانسة، أبو حيان التوحيدي، ج1، تحقيق أحمد أمين وأحمد الزين، بيروت، 1953م، المكتبة العصرية.
البحث اللغوي عند الهنود وأثره على اللغويين العرب، د. أحمد مختار عمر، بيروت، 1972م، دار الثقافة.
بين النحو والمنطق وعلم الشريعة، د. عبد الكريم الأسعد، الرياض، 1983م، دار العلوم للطباعة والنشر، ط1.
تاريخ الأدب السرياني من نشأته حتى الوقت الحاضر، د زكية رشدي وزميلها، القاهرة، 1978م.
تاريخ الأدب العربي، شوقي ضيف، العصر العباسي الأول، دار المعارف، ط16.
تاريخ الأدب العربي، كارل بروكلمان، ترجمة د. محمد عبد الحليم النجار، القاهرة، 1961م، دار المعارف.
تاريخ آداب اللغة العربية، جرجي زيدان، ج1، القاهرة، بدون تاريخ، دار الهلال.
تاريخ الفلسفة في الإسلام، ج دي يور، ترجمة د. محمد عبد الهادي أبو ريدة، القاهرة، 1957م، مطبعة لجنة التأليف والنشر، ط4.
التراث اليوناني في الحضارة الإسلامية جماعة من المستشرقين، (مقالة بول كراوس)، تحقيق د. عبد الرحمن بدوي، القاهرة، 1965م، دار النهضة العربية، ط3.
التفكير المنطقي، د. عبد اللطيف العبد ، القاهرة، 1978م، دار النهضة العربية.
التفكير اللساني في الحضارة العربية، د. عبد السلام المسدي، ليبيا، 1981م، الدار العربية للكتاب.
خزانة الأدب، للبغدادي، تحقيق عبد السلام هارون، مصر، بولاق، 1299ه
دائرة المعارف، ترجمة عبد الحميد يونس وآخرين، طهران، (بدون تاريخ).
دراسات فى اللغة واللهجات والأساليب ، يوهان فك، ترجمة د. عبدالحليم النجار ، القاهرة 1951م، مكتبة الخانجى.
ضحى الإسلام، أحمد أمين، القاهرة، 1961م، مكتبة النهضة المصرية، ط6.
في اللُّغة والأدب، د. إبراهيم مدكور، ص42، القاهرة، 1971م، دار المعارف.
العرب والفلسفة اليونانية، د. عمر فروخ، بيروت، 1960م، المكتب التجاري للطباعة والنشر.
الكتاب، سيبويه، تحقيق عبد السلام هارون، القاهرة، 1988م، مكتبة الخانجي، ط3.
مجلة التعليم العالي والبحث العلمي – السودان ، العدد 2، رجب 1421 هـ
المصطلح النحوي، نشأته وتطوره حتى القرن الثاني الهجري، د. عوض حمد الفوزي، الرياض، 1981م، جامعة الرياض، ط1.
من أسرار اللغة، د. إبراهيم أنيس، القاهرة، 1978م، مكتبة الأنجلو المصرية، ط6.


([1]) العربية: دراسات في اللغة واللهجات والأساليب ، يوهان فك- ص11 ، ترجمة د. عبدالحليم النجار ، القاهرة 1951م، مكتبة الخانجي.

([2]) المصدر نفسه: ص11- 12

([3]) الكتاب: سيبويه، تحقيق عبد السلام هارون، ط3. 2، 131

([4]) المصدر نفسه،2، 132.

([5]) تاريخ الأدب العربي، كارل بروكلمان، ترجمة د. محمد عبد الحليم النجار، القاهرة، 1961م، دار المعارف. ج2 ، 123.

([6]) المصدر نفسه، 2، 124.

([7]) المصدر نفسه، 2، 128.

([8]) المصدر نفسه، 131، 132.

([9]) التفكير اللساني في الحضارة العربية، د. عبد السلام المسدي، ص93، ليبيا، 1981م، الدار العربية للكتاب.

([10]) الكتاب، سيبويه، ج2، ص83.

([11]) تاريخ الفلسفة في الإسلام، ج دي يور، ترجمة د. محمد عبد الهادي أبو ريدة، القاهرة، 1957م، مطبعة لجنة التأليف والنشر، ط4. ص54- 55،

([12]) المصدر نفسه، ص55.

([13])المصدر نفسه، ص56.

([14]) المصدر نفسه، ص57.

([15]) تاريخ آداب اللغة العربية، جرجي زيدان، القاهرة، بدون تاريخ، دار الهلال. ج1، ص220،

([16]) المصدر نفسه 1،222.

([17]) المصدر ، 1، 222.

([18]) المصدر نفسه، 1، 222- 223.

([19]) تاريخ الأدب السرياني من نشأته حتى الوقت الحاضر، د زكية رشدي وزميلها، القاهرة، 1978م. ص273 .

([20]) المصطلح النحوي، نشأته وتطوره حتى القرن الثاني الهجري، د. عوض حمد الفوزي ، الرياض، 1981م، جامعة الرياض، ط1. ، ص46

[21] المرجع السابق ، ص46،

([22]) في اللُّغة والأدب، د. إبراهيم مدكور، القاهرة، 1971م، دار المعارف. ، ص42،

([23]) المرجع السابق، ص43.

([24]) المرجع السابق، ص43.

([25]) المرجع السابق، ص44.

([26])المرجع السابق، ص45.

([27]) المرجع السابق، ص45.

([28])المرجع السابق، ص45– 46.

([29]) المرجع السابق، ص46.

([30]) المرجع السابق، ص46- 47.

([31])في اللُّغة والأدب، د. إبراهيم مدكور، القاهرة، 1971م، دار المعارف، المرجع السابق، ص47.

([32]) المرجع السابق، ص48.

([33]) أصول الأحكام الشريعة : للأستاذ: على حسب الله ط1 ، مطبعة دار العلوم ،ص: 12 ،

([34]) البيت للكسائي، في تاريخ الأدب العربي، شوقي ضيف، العصر العباسي الأول، دار المعارف، ط16، ص 124

([35]) الإمتاع والمؤانسة، أبو حيان التوحيدي، تحقيق أحمد أمين وأحمد الزين، بيروت، 1953م، المكتبة العصرية. ج1، ص110،

([36]) الكتاب، ج1، ص12،

([37]) التراث اليوناني في الحضارة الإسلامية جماعة من المستشرقين، (مقالة بول كراوس)، تحقيق د. عبد الرحمن بدوي، القاهرة، 1965م، دار النهضة العربية، ط3. ص101- 120،

([38]) العرب والفلسفة اليونانية، د. عمر فروخ، بيروت، 1960م، المكتب التجاري للطباعة والنشر. ص 146،

([39]) من أسرار اللغة، د. إبراهيم أنيس، القاهرة، 1978م، مكتبة الأنجلو المصرية، ط6. ص 279،

([40]) البيت لقطري بن الفجاءة في خزانة الأدب، للبغدادي، تحقيق عبد السلام هارون، مصر، بولاق، 1299هـ 4/258.

([41])من أسرار اللغة، ص280.

([42]) المصدر نفسه، ص280.

([43]) الأصول في النحو، أبو بكر بن السراج، تحقيق عبد الحسين الفتلي، بيروت، 1985م، مؤسسة الرسالة، ط1. ج1، ص36- 37،

([44]) بين النحو والمنطق وعلم الشريعة، د. عبد الكريم الأسعد، الرياض، 1983م، دار العلوم للطباعة والنشر، ط1. ص111،

([45]) التفكير المنطقي، د. عبد اللطيف العبد، القاهرة، 1978م، دار النهضة العربية. ص40،

([46]) الكتاب، سيبويه، ج1، ص12،.

([47]) البحث اللغوي عند الهنود وأثره على اللغويين العرب، د. أحمد مختار عمر، بيروت، 1972م، دار الثقافة. ص 132- 133،

([48])المصدر نفسه،ص133.

([49]) المصدر نفسه، ص138.

([50]) المصدر نفسه، ص139- 140.

([51]) دائرة المعارف، مج8، ترجمة عبد الحميد يونس وآخرين، طهران، (بدون تاريخ). ص 436،

([52]) تاريخ الأدب العربي، كارل بروكلمان،. ج2، ص123

([53]) ضحى الإسلام، أحمد أمين، القاهرة، 1961م، مكتبة النهضة المصرية، ط6. ج2، ص258

([54])المصدر نفسه، 2: 286.

([55]) المصدر نفسه، ج2، ص286- 287.

([56]) المصدر نفسه 2، 287- 288.

([57])ضحى الإسلام، أحمد أمين، القاهرة، 1961م، مكتبة النهضة المصرية، ط6، 2: 292- 293.

([58]) المصدر نفسه، 2، 293.

([59]) المصدر نفسه، ص 293.

([60]) المصدر نفسه، 2،293.

([61]) المصدر نفسه، 1، 276 ،277.

([62])ضحى الإسلام، أحمد أمين، القاهرة، 1961م، مكتبة النهضة المصرية، ط6، المصدر نفسه، 1، 283.

([63]) المرجع السابق، ص72 – 73.

([64]) أ.د أحمد خلد بابكر المدير السابق لجامعة القرآن الكريم ، والأمين العام الحالي لمجمع الفقه الإسلامي ، ورئيس لجنة مراقبة طباعة المصحف الشريف (السودان)، وأستاذ القراءات والدراسات الإسلامية بالجامعات السودانية ، جاء حديثة بمجلة التعليم العالي والبحث العلمي – السودان ، العدد 2، رجب 1421 هـ بعنوان:” المستوى اللغوي للعربية لطلاب مرحلتي التعليم العام والعالي، ص: 73 وما بعدها .


* د. أسامة محمد موسى عبدالرزاق ـ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ـ السعودية

** مقال نشر في مجلة جيل الدراسات الادبية والفكرية العدد 35 الصفحة 57.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى