هبة خميس - لبن بالفانيليا

لما أموت.. ما تلبسيش عليـَّا أسود..
ضغط على أزرار اللاب توب أمامه بعشوائية..
- أنا هشترى النعش مش هستحمل جتتى تتحط مطرح حد..
حملقَت فى قدح الكاكاو أمامها مُحركة فى الهواء دوامات وهمية مركزها القدح نفسه، ثم ارتشفت ما تبقى من الكاكاو.
- عارفه الأفلام الأجنبى بيحطوا الميت فى التابوت بأشيكها بدلة عنده، يااه نفسى يحصل معايا كده.
أقفلت فاها على آخر ذرات الكاكاو مستمتعة بطعمها، أزاحت بيديها خصلات شعرها المهوش، أعادت ربطها "بتوكتها" البنفسجية الساتان واتكأت برأسها على كفيها المستندة على زجاج السفرة.
- آآه يا خوفى بقى لأموت وأنا نايم، تخيلى كده ولا أحس حتى إنى بموت..
ممم..
- تبقى مصيبة فعلاً.. كده كأن الموت خاننى.
تُعبئ بعينيها تفاصيل الحائط أمامها، الساعة القديمة التى خرب بندولها من زمن، صورة الزفاف المعلقة أعلى الساعة. تفكر فى تغيير وضعها. لما لا تضع الصورة أسفل الساعة؟
- يااااااااااه بصى الحادثة دى.
- عربية إسعاف فيها راجل بيموت ومعاه إتنين ولاده خبطت عربية فيها راجل وست؛
تخيلى بقى الراجل والست وسواق الإسعاف والمسعف والشابين عيال الراجل، كل دول ماتوا واللى نجا هو الراجل اللى كان بيموت..
- شوفتى الموت خد مين وساب مين بقى؟

أمامها كوب لبن بارد بالفانيليا ، تمحى قطرات الماء المتكثف على الزجاج الأزرق للكوب،
ترشف من الكوب وتعيده ثانية.

لاحظت التراب الذى غلف الأسطح حولها وزجاج السفرة، تعجبت كيف تراكم التراب بسرعة هكذا؟!

همت بمسح التراب بيدها الرطبة فأزاحت الكوب لينسكب فوق زجاج السفرة،
اختلطت قطرات اللبن بالفانيليا بتراب السفرة فغلفها التراب وامتزج بها محولاً لونها الثلجى للون طينى قاتم.



* القصة الفائزة بجائزة "قصور الثقافة"

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى