محمد النجار - الوركاء.. قصة قصيرة

أي مجزرة، وأي سيل دماء يتقاطر من لحى رسمتها أنامل ماكرة بزيّ كهنوتي يضاجع الراهبات وهنّ ناعسات بجحر الدير غلبتهنّ خدر مشقة خدمة المتعبدين والزائرين الراجين بركة الرسل والأولياء، علي رصيف المقبلين من زقاق ساحة العارف بالله سيدي إبراهيم الدسوقي.

تتساقط الأقنعة، الجموع تنزع كبرياءها ويبقى الضعف نبي كل المواقف، الفنانة الشهيرة بأدوار العري تنفق أموالاً علي انتصاب نهديها وتقويم خصرها، تغمرها الفرحة المستعارة وقت انتهاء طاقمها الطبي بنيويورك من نزع الترهّل الزاحف علي فروسيتها وزرع نبتة الجنّ بخامات خليط الماس المُحلي بحليب الماعز المستنسخ بديار كوكب المريخ..

عفرتة الجسد لديها رغبة موسمية، التدين عشق موسمي يبدأ بحلول المولد فتحلّ لنفسها شريعة حسب رغبتها تتبدّل عن شرائع الراغبين، تهرول صوب قبلتها مع بواكير صباح اليوم الموسمي، تزحف بقافلتها وموكبها الرسمي..

سآئق يدعي البؤس والمرض لينال مراده من حسنة لم يحلم بها، ومع انسدال حٌجب الليل يتسلل عبر الأدراج ليختلس النظرات من ثقب أبواب الغرف والحمامات وينال قسطًا من نعيم الترف وسخونة النبيذ بين نهديّ الخادمات، تشدّ الرحال بكنف صحبتها الخبيثة كخبثها وقت خروجها عبر الشاشات بزيّ رابعة العدوية.. وحين يسدلٌ الليل حجبه وستائرة تلقي اتصالاً من وزير مرموق وأثرياء آخرين تشتعل الحروب بثروتهم وتسقط حكومات، تلهث عبر ثُكناتهم السريّة (…) لكل ما يملك سبيل إرضاء نزوته الخفية بين اإمرأة ورْكَاءُ ترضي رغبته التي تستعصي الأخريات عن الفوز بها وبحوافزها من ترف ونعيم يعزلُ الفائز بجنته عن أغصان الأشجار المهترئة ويجنبه لفح الأفاعي وحلكة العراء فتصير الوَرْكَاءُ ذات سلطة وبطش تسطو بين قبضتها الشمس والقمر ويسكن جعبتها عرين الأسد ومهرجي السرك وبهلوانات المهام التي تؤرق تجار الكيف، فيمسي الحل لدى ذائعة الصيت بدلالها (….) الذي تربّعت علي أعتابه أجيال السلاطين ليمصصن من خمره نبيذ راق لأوردة المزاج النآبضة بين مخيلة الشذوذ النافرة خلف غرائزهم غير المشروعة !

تخلق البؤس وتتكاهن كسائقها وحاشية المترفين والمنافقين والشواذ حول مائدتها، تختلس النظرات من خلف الأبواب المغلقة لتضاعف قوتها من التشرد والإعصار المقبل من رحم مجهول، تطل على الجمهور عبر الشاشات كفاعلة خير وأم مثالية، تحصد أطفالاً تناثروا علي الطرقات دون مأوى لتوفر لهم معيشة لا بأس بها، تخرج أبواق الإعلام مساءً، ممن نالوا حظًا من (…) وقمصانها ليبجلوا السيدة ويمنحوها نوط مريم التي أنجبت أطفالاً فآوتهم بعذريتها وطيب أمومتها !

فقط، يولد اليوم الموسمي لشريعتها مع بواكير صباح آخر العام الهجري لتشدّ الرحال بموكبها من رفاق تعددت غرائزهم وحاشية لطالما تشابهت كرات الدم بكراتها التي لم تأن يومًا ولم تكبح جماح لغطها، تقترب من أجواء المولد لتدس أناملها بحقيبتها لتفرج عن أموال تنثرها على أوجه أكفهرت لشدة فقر وآخرين عصف بأجسادهم المرض عصفاً.

تقترب من ساحة المسجد، تتلعثم خطواتها عن التقدم صوب المقام.. يقترب السائق قاضبًا حاجبيه وجبينه، مدعيًا التأثر بموقف سيدته، فيأخذ بيدها لتعبر عتبة مقام الأولياء..

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى