علي حسين - دعونا نتفلسف.. إذا أردت ان تعرف انك موجود، عليك ان تعبر عن نفسك بحرية (12)

ذات مرة تلقّى آينشتاين رسالة من احد رجال الكنيسة يسأله فيها : هل انت مؤمن ؟ فيجيبه صاحب النظرية النسبية ببرقية من سبع كلمات : "أجل مؤمن بالذي فصل إسبينوزا في فلسفته " . كان آينشتاين في الثلاثين من عمره عام 1909 حين كتب قصيدة عن إسبينوزا ، وحين سئل عن مغزى القصيدة قال : "انني لست شاعرا ، لكني احب الشعراء وابداعاتهم وأحبهم الى قلبي الشاعر المتمرد هاينرش هاينه." بعد ذلك بسنوات أصر آينشتاين ان يدون بخط يده تلك الكلمات في سجل الزوار بعد ان قام بزيارة الى البيت الذي عاش فيه الفيلسوف باروخ إسبينوزا في مدينة ليدن الهولندية :"كم أحب هذا الانسان النبيل ..اكثر مما استطيع التعبير عنه بالكلمات".

أرسطو أول الألغاز
بدأ اهتمام آينشتاين بالفلسفة مبكراً بتعرفه لأول مرة في مكتبة عمّه الكبير على كتب ارسطو التي قال عنها انها اول الألغاز التي واجهته في حياته. ومنذ ذلك الحين صارت الفلسفة اكثر ما يتحدث فيه مع عمه الأكبر ، الذي رشح له مجموعة من كتب الفلسفة اليونانية ، ففتنه بشدة سقراط ، لم يتأمل فلسفته، وانما حياته الفوضوية ، واصراره على طرح الأسئلة على الناس في الأسواق واماكن العمل :"تعرفت على هذا الساحر اليوناني وانا في الرابعة عشرة من عمري ، ما أزال اتذكر صورته التي وجدتها في كتاب ملون ومبسط عن الفلسفة ، صورة تركت أثراً عميقاً ودائماً في نفسي وأدركت حينها أن هناك اموراً خفية تتوارى خلف اصرار هذا الرجل على الوقوف رافعاً يده باتجاه المجهول ." ، وكان لمعرفة آينشتاين ،الطالب الصغير، بعالم أمانوئيل كانت وكتابه "نقد العقل المحض" أبرز الأثر في تغذية حبه للفلسفة ، والذي لم ينقطع طوال حياته ، لكنه حين اقترب من سن العشرين وقع بيده كتاب إسبينوزا "رسالة في اللاهوت والسياسة." كان آينتشتاين طالباً في الجامعة حين وجد الكتاب مثيراً ومفزعاً في الوقت نفسه ، كانت كل صفحة منه حافلة بـ "ومضات نارية"، هكذا قال آينشتاين لكاتب سيرته "والتر إيزاكسون"، واضافة لذلك يقول آينشتاين انه وجد في إسبينوزا ، افكار تدل على تبصرعقلي بالمشكلة التي يطرحها والتي كانت تؤرق آينشتاين ايضا ، وهي علاقة الدين بالتفكيرالعقلي والعلمي، وكما كتب آينشتاين فيما بعد :"في البداية تساءلت ، ما اذا كان إسبينوزا قد أجاب على الأسئلة قبل ان تتشكل في ذهني .. ناهيك عن الإجابة الواضحة والجريئة التي قدمها لي." كان آينشتاين قبل قراءة إسبينوزا ، قد اتخذ لحياته اتجاهاً غير متوقع ، إذ تحول الى التدين الشديد ، وكان والده يحاول ان يعلمه اصول العقيدة اليهودية . والغريب ان آينشتاين اقبل عليها بمنتهى الحماس وبشكل اقترب من التطرف ، وكان في بداية مراهقته قد ألّف مجموعة من الترانيم الدينية . لكنه بعد سنوات قال لأستاذه هاينريش فيبر : " لم تدم علاقتي بالدين طويلاً ، لأنني كلما اعدت قراءة هذا المشاغب إسبينوزا أدركت كيف يتعارض الدين مع منهج العلم ، حيث تتنافى الكثير من المعجزات المذكورة في النصوص الدينية مع منهج التفكير العلمي"، وفي النهاية يصل آينشتاين الى هذه النتيجة :"من خلال قراءتي لإسبينوزا وصلت سريعاً الى قناعة بأن كثيراً مما جاء في قصص التوراة لن يكون حقيقياً ."
كانت هذه الآراء صادمه بالنسبة لوالده الذي كان يقول للابن :"ليس هناك من السخافات لم يتفوه به الفلاسفة" ، لكن آينشتاين الذي فكر في فترة من فترات حياته ان يصبح أستاذاً للفلسفة ، واجه معارضة من والدته التي قالت له "اترك هذا الهراء" وانتبه لمستقبلك " . وكان المستقبل بالنسبة لهذه الأم ان يعمل ابنها في المصنع الذي يمتلكه والده وان يحافظ على إرث عائلته التي اهتمت بالصناعات الكهربائية .
************

الإنسان المنبوذ
عندما كان مراهقاً، قالت والدة باروخ إسبينوزا عنه : "طفلي مخلوق حسن النيّة ، لكن مستوى ذكائه للأسف اقل من أقرانه ، وهو خامل طوال الوقت." وكان مقدراً لهذا الابن الخامل ان يصبح أذكى عقلية في القرن السابع عشر، فهو أشد الفلاسفة العقلانيين قسوة وميلاً لهدم الخرافات ، وكان يتلذذ بهدم المزاعم التي وضعها رجال الكهنوت ، وإعلاء شأن القوانين الفلسفية التي ادخلت البشرية عصر التنوير .
تبدو حياة باروخ إسبينوزا في ظاهرها غير حافلة بالأحداث ، فقد ولد في امستردام بهولندا في الرابع والعشرين من تشرين الثاني عام 1632 ، وكانت اسرته من الأسر اليهودية الغنية ، كان أبوه ميخائيل تاجراً ميسوراً ، تلقى تعليمه في احدى المدارس الدينية ، ودرس الكتب المقدسة وكتباً دينية وفلسفية ، حيث كان الأب يطمح في أن يصبح ابنه حاخاماً ، وتعلم اللغة اللاتينية ، وفي الثالثة عشرة من عمره بدأ يقرأ أعمال ديكارت . وقد وجد إسبينوزا أن ديكارت يواجه بشكّه الفلسفي، عادات الفكر الموروثة التي تضع الانسان خارج عقله ، فقرر ان يتفرغ لدراسة اعمال الفيلسوف الفرنسي الشهير . واستغرقته تأملات ديكارت ، فقرر ان يضع كتاباً عنه :"علمني ديكارت ان اعرف معنى الجديد ، ووجدت في توطيد الجديد ما يقضي بدحض القديم ، لاينفصل الجديد المعرفي عن الحاضر الذي يقاضي تحرير المعرفة من ازمتها ، ويسعى الى اطلاق الامكانيات الانسانية ." ويعلن اسبينوزا الشاب ان سلطة أفلاطون وأرسطو لاتعني له شيئاً، فهي حسب رأيه لاتلائم تقدم العلم والفلسفة : " اعلم حقيقة ان هذه الأحكام المسبقة تمنع البشر من التفلسف ، واعتقد ان من المفيد ان اقوم بفضح هذه الاحكام ، وان اخلص منها العقول المفكرة " ، وقد جعلت دراسته لمنهج ديكارت من المستحيل عليه قبول كل عبارات التوراة ، وايضا تفسيرات رجال الدين ، حيث بدأ يفكر بعلاقة الانسان بالدين والعلوم بطريقة تخالف ما تعرف عليه في وجهة نظر اليهود والمسيحيين التقليدية ، وقد اعلن مواقفة بطريقة صادمة لعائلته ، الأمر الذي دفع شقيقته الكبرى، والتي كانت تريد ان تحرمه من إرث والده ، ان تبلغ السلطات الدينية اليهودية عن "هرطقات" شقيقها ، مما دفع كبير الحاخامات في امستردام لاستمالة اسبينوزا الشاب ، حيث ابدى استعداده لأن يقدم له معاشاً شهرياً ثابتاً لو انه احتفظ بآرائه لنفسه ، ولم ينشرها بين الناس ، غير ان الشاب المتحمس "باروخ" رفض العرض، الأمر الذي دفع الحاخامات الى اصدار قرار بمنع جميع اليهود من ان تكون لهم علاقات معه ، وان لايقرأوا له شيئاً ، وان لايقتربوا منه ، وحاول متعصب يهودي ان يقتله ، فطعنه بسكين احدثت جرحاً عميقاً في جسده ، ظل يتذكره في كل مره يقف فيها ضد تعاليم رجال الدين . وهكذا اصبح وهو في الرابعة والعشرين من عمره منبوذاً ، حيث قرر مجلس الحاخامات طرده من الطائفة اليهودية كما اصبح بلا مورد مالي بعد ان حرم من ميراث والده ، فامتهن صقل العدسات البصرية ، وهي المهنة التي ظل يمارسها حتى وفاته ، واضطر ان يغادر مدينته امستردام ، وتجول في عدد من المدن ، ليستقر اخيرا في مدينة ليدن ، حيث عاود الاهتمام بالفلسفة التي كرس لها كل حياته ، وقرر ان يغير اسمه الى بندكت ، كي يبتعد عن ملاحقة رجال الدين ، مثلما قرر ان لاينشر اثناء حياته سوى كتابين ، الاول قام بجمعه طلبته وهو يتعلق بفلسفة ديكارت ، والثاني رسالة في اللاهوت والسياسة لم يضع اسمه الصريح عليها الا بعد وفاته – ترجمها الى العربية الدكتور حسن حنفي . واصبح بمرور الزمن معروفاً في الأوساط الفلسفية ، حيث عرضت عليه جامعة هيدلبرغ منصب الاستاذيه ، لكنه رفض المنصب واصر على الاستمرار بمهنة صقل العدسات ، وقدم له لويس الرابع عشر معاشاً بشرط ان يهديه احد كتبه ، فرفض العرض ايضاً ، وصمم ان يستمر بحياته البسيطة التي كانت تؤمن له دخلاً متواضعاً ، لكنها تساعده في التعبير عن معتقداته دون تحفظ. وذهب اليه الفيلسوف الالماني "ليبنتز" ليزوره في بيته الصغير ، وكان شغوفاً بفلسفتته بصورة مفرطة ، فليبنتز يعترف انه توصل الى إلى بعض الافكار الرئيسية لفلسفته الخاصة عندما قرأ إسبينوزا ، ويكتب ليبنتز وصفاً لإسبينوزا قائلا : " التقيت الاستاذ ، كان رجلاً متواضعاً يعيش في مستوى الكفاف ، لايملك سوى مكتبة كبيرة وادوات يصقل بها العدسات ، زاهد في الملذات ، كان بامكانه ان يملك كل الوسائل التي تكفل له ثراء هائلاً ، لكنه تركها بمحض ارادته ، فقد كرس حياته للبحث وراء شيء مختلف. "
ولما كان إسبينوزا قد ولد ضعيف البنية ، وكان في اواخر حياته مجبراً على استنشاق الغبار من صقل العدسات ، ونظراً لأن العمل الزائد في دراسته قد أجهده ، فقد اصيب بالسل ، وتوفي في سن الخامسة والأربعين .
************

ثنائية الجهل والإرهاب الديني
قليل من الفلاسفة من قاموا بمهمتهم بجديّة وحرص تامّين كما فعل إسبينوزا ، فرغم حرمانه من اهله واصدقائه وميراث عائلته ، لكنه كرس حياته للفلسفة ايماناً منه بأنها تقدم خيراً دائماً يمنح العقل المستقل الهدوء والسكينة :"ادركت انني في حالة خطيرة للغاية ، فأرغمت نفسي على البحث بكل قوتي عن علاج ، مع انني كنت متيقناً أنني لن اجده ، لأن الانسان المريض الذي يصارع مرضاً مميتاً ، عندما يرى ان الموت يحدق به بصورة اكيدة اذا لم يجد علاجاً ، يكون مجبراً على ان يبحث عن ذلك العلاج بكل قوته ، حيث تنعقد عليه كل آماله. "
لقد كان إسبينوزا يعتقد ان ليس ثمة رضا ، ولا أمان دائماً في الثروة والشهرة ، او التعلق في حب اي شيء زائل ، فالخير هو في تحريك العقل بالاتجاه الصحيح ، ويشبه منهجه في البحث الفلسفي بوجه عام منهج ديكارت. يصر إسبينوزا ان يجمع ما لاتقبل به الفلسفة ، ولا يقبل بالفلسفة في مصطلح واحد هو "الخرافة" ، وهو يقيم فكرة الخرافة على مبدأين اساسيين يوضحهما بقوله : "يولد البشر جميعاً جاهلين بأسباب الظواهر التي يتعاملون معها ، وتحكم البشر جميعاً رغبة في البحث عن المفيد ، ويخترق الحاجة المفيدة عقل قاصر يلقي بالانسان في أوهام متعددة ، منها ان البشر ليس بمقدورهم ان يديروا امورهم وفق خطة واعية ." وقد اصر إسبينوزا على ان الخرافة تفسد الأديان ، لأن الدين ليس خرافة ، قابلاً من الدين الحقيقي قيمهُ التي تعلي شأن الحياة ، ونراه يصر على ارجاع الخرافة الدينية الى الجهل بقوانين الطبيعة وإلى اغراض سياسية ، اذ ان كل خطاب ديني حسب راي إسبينوزا هو خطاب سياسي ، غايته الطاعة والخضوع ، ويرى إسبينوزا ان الدين الذي يتأسس على الجهل والعبودية ينطوي على حالات كثيروة من التعسف والإرهاب ، بسبب اصرار رجال الدين على انهم يحتكرون الحقيقة لوحدهم ، وهو يرى ان ثنائية الجهل والإرهاب الديني تمنع الفيلسوف عن التفلسف ، وتقمع كل العقول الحرة التي تتطلع الى المعرفة ، ولهذا يمثل الدفاع عن الفلسفة عند إسبينوزا دفاعاً عن حرية التعبير ، وهو ايضا يتحول الى اقامة دولة تنقض الخرافة بالفلسفة ، وتستبدل الوعظ الديني ، بتسامح المعرفة . وينتهي إسبينوزا الى امرين ضرورين : الاول ضرورة تحرير الانسان من سلطة رجال الدين ، والثاني ضرورة تحرير الدولة من السلطة الدينية .
************

الخوف الخرافي
يحذرنا إسبينوزا من الخوف الذي تشيعه الخرافة في المجتمعات ، ووجد ان مهمة الفيلسوف هي محاربة هذاالخوف الخرافي الذي اطلق عليه صفة "الخوف الخرافي" ، لأنه يسلب الانسان وجوده الحقيقي الذي يليق به في الحياة ، واذا كان المعلم ديكارت قد اصصدم بالقيود الدينية وهو يدافع عن حرية الفكر الانساني ، فإن أسبينوزا واجه مؤسسات الدين مطالبا بمجتمع انساني حر ، مطالباً بإعلاء شأن إله حقيقي يتآلف مع المعرفة والتسامح ولايروّع أحدا ، وطالب ايضا بتقصير المسافة بين المتدين العاقل والفيلسوف عن طريق دين يصوغه الفلاسفة ، دين ياخذ بمبادئ الأخلاق ويرى الله مرجعاً للفضيلة والإحسان ، لا مرجعا للحساب والعقاب ومثلما اشتهر ديكارت بمقولته الفلسفية :"انا افكر اذن انا موجود"، قال إسبينوزا :" انا اعبر عن نفسي بحرية اذن انا موجود"، مصراً على ان ديناً ينهي عن التفكير ويسوغ العبودية والخرافة ، لاعلاقة له بالله ، ولاضرورة له مطلقاً
ويرى فريدريك كوبلستون في موسوعته الشهيرة عن تاريخ الفلسفة ان ديكارت يصالح رجال الدين وإسبينوزا يثير الناس ضد رجال الدين وضد الانظمة القائمة ، ويعتبر كوبلستون ديكارت محافظاً وإسبينوزا تقدمياً ، ويرى أن إسبينوزا يستغل دعوة ديكارت الى تطبيق المنهج العقلي احسن استخدام ، فاذا كان ديكارت يرى ان العقل هو العدل ، فان إسبينوزا كان يرى ان العقل هو افضل شيء في الوجود ، وان خير الانسان هو في كمال العقل .
************

المبادئ الستة للدولة العادلة
كان الغرض الثاني من رسالة إسبينوزا " في اللاهوت والسياسة " بعد الغرض الاول الذي كان يدور حول الدين ، هو التأكيد على ان حرية التفكير هي شرط لتحقيق الدولة العادلة ، اذ يرى إسبينوزا ان حرية الفكر تمثل دعامة للرأي العام ، ويرى ان الرأي العام هو الراصد لكل ما يحدث في الدولة ، فاذا قضي على حرية الفكر قضي على الراي العام واصبحت الدولة بلا دعامة حقيقية ، فنرى الحاكم يفعل مايشاء ، وتفعل اجهزة الحكم ما تريد دون محاسبة ، لذلك يصر إسبينوزا على ان الدولة يجب ان لاتتدخل في الحريات الفردية ، لان ذلك يعرض الدولة للخطر ، فالحرية هي حق طبيعي للافراد ، وكل فرد حر بطبيعته ، وكل فرد هو الضامن لحريته ، والدولة هي الممثلة لسلطة الأفراد الذين خولوا لها حقهم بموجب عقد اجتماعي ، لذلك لايحق لها سلب الأفراد حريتهم والا تحولت الى نظام ديكتاتوري استبدادي ، ينصر البعض ويعادي البعض الاخر ، وهو يرى ان مهمة الدولة في وضع التشريعات لضبط افعال البشر ، لا اقوالهم او افكارهم ، فللمواطن الحق في ان يعبد الله كما يشاء وله الحرية في ان يتصوره كما يريد وان لاتقطع رقاب الناس لمجرد اقوال او تصورات لاتؤمن بها الدولة او القائمين عليها، او تتطابق مع رؤية رجال الدين.
ويلخص إسبينوزا تصوره لحرية الافراد في المبادئ الستة التي وضعها في كتابه "رسالة في اللاهوت والسياسة" وهي :
1- لايمكن سلب الانسان حرية التفكير والتعبير.
2- لايهدد الاعتراف بالحرية الفردية هيبة السلطة .
3- لايمثل التمتع بالحرية الفردية اي خطر على سلامة الدولة.
4- لاتهدد الحريات الإيمان بالأديان.
5- لاتستطيع القوانين تنظيم شؤون الفكر.
6- ضرورة الحرية الفردية للمحافظة على السلام.
يرى إسبينوزا ان النظام الديمقراطي هو النظام الكفيل بحماية الحقوق الطبيعية للافراد في الدولة الديمقراطية وان جميع الناس يتفقون على العمل بارادة مشتركة لكنهم لايتفقون على ان يفكروا بطريقة واحدة ، واذا شاء الانسان ان يعيش آمناً راغداً في مجتمع منظم يستهوي بنور العقل ووجب عليه ان يخضع لقواعد العدل ويتجنب الأهواء الظالمة.
************

فيلسوف التنوير الاول
يجمع مؤرخوا الفلسفة على ان إسبينوزا هو فيلسوف التنوير الاول ، قبل ان تظهر حركة التنوير الاوربي في القرن الثامن عشر ، فهو الذي عاش قبل مئة عام من ظهور فولتير وروسو ، كان قد واجه رجال الدين وسلطة الدولة في ظروف أشد صعوبة وخطورة ، لقد تجرأ إسبينوزا على نفي الطابع الخارق للمقدسات ، في وقت كان فيه رجال الدين يسيطرون على اوربا ، ومع ذلك تجرأ هذا الرجل المنبوذ من قومه، لان يقول بوضوح بان الكتاب المقدس له طابع تاريخي وبشري ايضا ، ويصر على نفي المعجزات ، ولا يعترف الا بما يمليه العقل على الانسان ، كل ذلك في كتاب لم يتجرأ ناشره وكاتبه على وضع اسمائهم الحقيقية عليه ، كتاب مثل ثورة في تاريخ الفكر البشري ، ثورة دشنت العصور الحديثة ومهدت لها، وكما قال آينشتاين ان " رسالة إسبينوزا في اللاهوت والسياسة كانت دليلي الى النظرية النسبية".


* نقلا عن جريدة المدى

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى