جاسم محمد صالح - طقوس في مدن النساء

جو رهيب يحيط بهذه المدينة .. يحرق اجفان الناس باعواد من الكبريت .. الارض ساخنة كجبهة الشمس هواؤها رهيب مليء بكل شيء مخيف انه غريب عنها وعن كل شيء فيها .. كيف اتى ؟ وكيف وصل؟ اسئلة تدور في مخيلته كدوران دودة تريد الخلاص من كوتها المظلمة .

كل شيء في هذه المدينة بعيد عن التصور البيوت ليس مثل بيوتنا الشوارع تختلف عن شوارعنا علامات التعجب تعيش في كل شيء من اشياء هذه القوقعة التي اعجب ما فيها نساؤها العاريات من كل شيء .

الكبريت يحترق ف جيبه وسيكارته بعد لم تحترق كان تصوره بعيدا اكثر مما نعتقد لا شيء يملا نفسه فالأشياء نفسها تحتاج لمن يملؤها الفراغ فيها ازلي كهذا العالم انه يمتد في رحابها بلا توقف هناك أكوان تنتهي خلف النظر اما هي فانها لا تنتهي ولا تعرف حدودا للانتهاء الإحساس بالفراغ في هذه المدينة شيء في غاية الإزعاج فهو يبعث صورة لاناس ميتين في المخيلة ، العالم معد للتفكير حسنا لا خرج سيكارة أدخنها ولانظر الى ساعتي ترى كم الوقت ؟ لا اعرف ، اليد الأخرى كانت تبحث عن سيكارة وعن علبة الكبريت لقد عثرت على علبة الكبريت وعلى السيكارة هذا اول النصر لم اعد خائبا فالشفاه تطمع في لفافه تبغ أحرقت السيكارة وشربت عود الكبريت لا عفوا كنت خاطئا لم اكن افرق بين السيكارة وبين عود الكبريت فكل شيء في هذه المدينة غير معروف لكنني عرفت بدلت العود بالسيكارة رميت العود على الارض ليحرق شعر اخرى رفعت سيكارة من شفاه امراة كانت تدخن كانت قبيحة لكن شفتيها غير مصبوغتين باحمر الشفاه حسنا هذا مقبول وضعت السيكارة في فمي لم تدخن المرأة الا شيئا قليلا هذا شيء في غاية الأهمية اذن المرأة هنا مفيدة انها تدخن فهي تملك هموما ، التدخين اذن وسيلة لمحو الألم ، المدينة غير فاضلة نساؤها غير فاضلات أيضا ،هذا لايهم المهم ان افكر بذاتي لتكن المراة ما تكون المهم انها امراة في الحالتين تملك العواطف والاحاسيس وهذا هو المهم

بوابة المدينة واسعة وكبيرة ولكن ماذا ؟ لا ادري لاستطيع ان اقول انها بوابة عجيبة انها مصنوعة من الرجال وبدونم وعي ركضت كالطفل اليهم اتفحص الواحد بعد الاخر ، لا .... لم اجد احدا منهم فهم غرباء عني .. ولكن لا انهم ليسوا غرباء انهم رجال مثلي انا لا فرق بيني وبينهم احب مثلما يحبون اتكلم مثلما يتكلمون ولكن ياترى هل سأصلب مثلما يصلبون ؟...

مجموعة خواطر تهشمت فوق راسي هم رجال وانا رجل قد يكون الحب فيهم هو حكم الاعدا انني لا اصلب لانني لم اجرب بان احب ذات يوم الامر غير مهم .... ان التي احببتها قبل الف عام غير موجودة في هذه المدينة ، اذن لا احد يعرف من انا ؟ وهل انا في قوقعة المجهول ؟ ... ام انا انسان اخر ؟...

الامر سهل واسهل منه ضياعي في هذه المدينة فقد احب فيها امراة لا ... ليس مهما هذا فالحب قد يسبب الاعدام للا نسان في هذه المدينة ، فالفضيلة غير معروفة هنا اذن قد اكره احدا في هذه المدينة قدي كون ذلك فهذا شيء معقول في كل مكان هناك شعرات مكتوبة في سحابات العالم المهزوز لا حب مع الحيا ولا خير مع الحياة ، لا مثالية مع الحياة كن سارقا تحيا كن لصا تحيا وبالذات مع نساء المدينة الجميلات حسنا دعني من كل هذا فانا عندما ادخل بيتا او حانة خمر ... او بيت دعارة افكر لحظة التوجه ولا املك ارتباط بالماضي وحتى الحاضر فكيف بي والمستقبل هناك ارتباطا بين الخمرة والمراة المومس ونادل الحانة غير النظيف وكذا الكاس اذن لاحرق معميات فانا مقبل على ابواب مدينة جديدة ومن غير الادب ان افكر بالمدن القديمة لانس المدن لانس العالم ومدرستي الجميلة وكل شيء .

البوابة تفتح لا ادري بل قد اكون اكثر دقة اذا قلت تتلاشى من دربي لا ادري اين ذهبت الباب ؟ واين ذهب اولئك المصلوبون في ارتفاعها الشامخ ؟ ... بحثت عنهم في الشرق ... في الغرب في كل مكان لم اجد لهم مكانا . انهم اختفوا كاختفاء المثل على الارض .

جلست ث4م وقفت وبعدها جلست ثم وقفت لايهم المهم اني ملات جوفي بالدخان املا به الكون انحت به الصخور دخان السيكارة شيء جميل كجمال المراة المشبوهة ملامحي أشاهدها بوضوح شفاهي تنفرج رويدا رويدا انها تشبه الثقب في الكواكب المهجور ابتعدت شفاهي الواحدة عن الاخرى العيون الناعسة تستيقظ ، النوم شيء جميل في هذه المدينة النهار هو الاخر يحترق في رأس لفافتي الملتهب الارجل تتحرك الكواكب المهجورة كلها تتحرك فلا غرابة اذن في تحرك نساء هذه المدينة فالتحرك في المدار المعين شيء جميل يتوقف الاخرون عن الحركة هناك ايضا حروف تتحرك في دفتر مذكراتي حول امرأة أحببتها قبل ميلادي قانون التحرك مثل قانون الجاذبية كل كل شيء في الكون يخضع له حروف مذكراتي النسائية تتحرك وتختلط مع حروفي الاخرى الحب صار كرها اذن فليسقط الكره فهو ابغض ما في عالمي المرفوض انه ابغض من البغض ذاته .

لم استطيع ان اعيد الى ما كانت ، لاني لا استطيع ان اتحرر عن جاذبية الارض ترى كيف سقطت تفاحة "نيوتن" ؟... ايفعل الجاذبية ؟... ام بفعل قوى اخرى ؟ لا ادري فهذا الشيء من الضروري ان لا اتطرق اليه في هذه المدينة فلقد عاهدت نفسي بان لا اعيش الماضي حسنا لن انسى بعد الان ، ساضع اشارة فوق عيني كي اتذكر القسم وضع الاشارة غير مهم الان ، فانا لست غبيا والامر بسيط ولا يوجد ابسط منه فالامر لابتعدى ان يكون نسبيا ساذجا .

النساء عاريات في هذه المدينة وهذا شيء جميل لنا نحن الرجال ، حسنا المدينة جميلة لانها لا تملك محلات لبيع الأقمشة اذن لا توجد مساومة مشبوهة حول شيء ما بين البائع والشاري المدينة شريفة بمعنى الكلمة قف يا هذا ولا تعط أحكامك الهوجاء لاتكن متسرعا فالتسرع غير محمود وبالذات في الأشياء المهمة فكر يا هذا من ؟... انا نعم الناس عراة وانت تلبس ثيابا حسنا ماذا افعل ؟، نعم صرت عاربا التعري شيء جميل فهنا لا توجد قوانين تضع العراة . في السجون المدينة متقدمة كثيرا اصبحت بلا ثياب رجل عار في مدينة النساء ترى هل اصبحت امرأة ؟ لا ادري فكل الذي ادريه اننا نتشابه في صفة واحدة ؟ التعري شيء رائع انها خطوة 2للالتقاء مع المراة كل الدروب فهناك أشياء لا زالت تفصلني عنها عن المراة التي تعيش في خاطري .

النساء يملكن شعرا طويلا شيء جميل هذا فلقد ملات ديواني تغزلا بشعر اسود اصفر احمر بالوان كثيرة انا لا املك شعرا طويلا فشعري قصير, أأبقى بدون شعر؟ الامر جد محرج , ماذا افعل؟ تذكرت شيئا ، مددت يدي ، وضعت شعرا لامراة فوق راسي ، الشعر ليس حقيقا فقد يكون شعر حصان.. او ثور .. وحتى الحمار ، لايهم ، بل المهم انه شعر طويل اضعه فوق رأسي وكفى لكي لا اكون غريبا في المدينة .

يدي مقيدا ، انها انقذتني من موقف جد محرح ، فقد رجعت الف عام ال ى الوراء لاسرق (باروكة ) استاذتنا الجميلة لا عفوا طالبة ثرية فقد يكون هذا الشعر من شعر زوجها .. المهم ان الباروكة استاذتي لا زالت فوق راسها تتباهها بيها بين طلابها ، والطالبة المسكينة اصبحت بلا (باروكة) هكذا الصدف تكون ، المهم انني لم اضع فيها .

كثير من اجدادي انتهوا اليها دون ان اعلم ، الضياع حقيقة يعيشها الباحث ومادمنا نحن باحثين فطرفي الحقيقة التي نمر عليها هو الضياع نفسه لاغير ، ولكن الوجود اجمل احيانا من التلاشي لذا فقد احببت الوجود من اعماقي .

شيء عجيب هذا العجب الذي نحياه :-

اين ؟

في المدينة

لا اوافق

حسنا لا توافق كل شيء يسير لذاته الكواكب المهجورة تتحرك ولا يهمها ان اختلفنا نحن حول وقوفها وتحركها :-

قالوا :-

انها واقفة،

قلت لا .. انها تتحرك .

قالوا كيف تعرف

قلت اعرف وكفى

صمتوا صمت ، فكرت في مدينتي ، المدينة الجديدة ، النظام موجود بكثرة، اذا اين الذين قالوا:-

المراة لا تصلح للنظام ، انهم ماتوا .

من هم ؟

افلاطون ؟

وبعد؟

وبعد ؟

اعداء المراة .

-اذا ماذا قالوا :

- قالوا انها عبدا لاهوائها وشهواتها .

هذا صحيح ولكن الى حد المعقول .

المدينة خالية من التضارب ، كل شيء مرتب والنظام صحيح ، هذا غريب ، نحن في ارضنا نتعاون نساء .. ورجالا في تنظيم الارض .

-الانسات وحدهن ينظمن المدينة ، فكر ياهذا ،

- فكرت .

-هل توصلت الى سبب

-لا

-انه انت

-انا ؟

-نعم .

-كيف ؟

-لا ادري

السلب لا يولد الشرارة ، هناك موجب هو انت ، انهم الرجال الذين خلقوا الشرارة في الارض ،انهم لم يخلقوها هنا لانهم غير موجودين ، والانسات ضعيفات ليس بمقدورهن ان يعملن شيئا ،

اعترض كلامك نحيز الى النساء اكثر من اللازم ،

لا يوجد تحيز في الامر ، الامر واضح ، سنرى ان كنت على حق ... سنرى تلفت الى اليمين والى الشمال افكر كالمذعور ، الشرارة المحرقة ، الشرارة اللعينة قد توقد في ىهذه المدينة ، وانا الذي احرقها ، انا النسان الصغير المتهالك الامر مهم والمدينة في يدي ولكن قد يكون الامر سهلا .

تناولت الهوى بيدي وفحصته بتمعن ، انه يحيوي اوكسجينا ، الامر سهل فالشرارة لا تحترق ولا تحرق شيئا سوى ذاتها ، اذا لا خوف على مدينتي الجميلة ولا خوف على نسائها الجميلات ، فانني لم ارى واحدة منهن بالرغم من ان عددهن كعدد الرمل .

اذا لا تقدم لافي دروب المدينة ، عفوا لا تبعد عنها ، انها شيء تافه ، انها لاتملك رجالا ، فهي لا تساوي شيئا ، فما اتعسك انت يامدن العالم الخالية من الحنين ، يامدن الضياع في الافق المتداعي انني الفظك من تأملاتي ، فانني اريد ان تستطع الحقيقة بكل النوافذ ولتغلق الشبابيك المهشمة ، فليس بامكان الشمس ان تخط حروزف ازليتها المتناهية فوق الزجاج المتناثرة .


جاسم محمد صالح

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى