حمد علي حسين - هو و إمرأة العزيز.. قصة قصيرة

كانت وظيفتي في دائرة كبيرة على رأسها رجل حزب سياسي له القدح المعلى في الأمور كلها. قربني إليه لكفاءتي و جديتي في العمل وأغدق عليّ العطاء فعشتُ في رخاء و عز وجاه و دعة و نعيم ، حتى أصبحتُ أرفل في النعيم و حمدت الله على هذا النعيم الذي يتطلع له أكثر الموظفين في الدائرة .

ذات يوم جاء رسول منه يطلب مني الحضور في بيته. ذهبتُ من دون أن اسأل . وجدته قد سبقني إلى داره. كان يجلس وحيداً يدخن سيجاره الكوبي ذا الرائحة الزكية الذي كان قد تعود عليه في زمن الرخاء القريب. نظر إليّ بعين إغراء و وعيد، فحرتُ فيهما ، فأيهما ليّ ، الإغراء أم الوعيد ! لم يسعفني التفكير السريع في تحديد أي منهما ، و فجأة جاءني صوته ملوناً بإغراء رخيص قائلاً :

– هناك خطأ كبير في الحسابات المالية ، ثمة خطأ عليّ تلافيه و إلا سحقتُ في الأرض تماما ، فأن الشبهات تحوم حولي و هناك أكثر من دليل ضدي ، أنني الآن محاصر فلا خلاص لي ولا نجاة إلا بإعتراف شخص آخر ليحمل عني تلك التهمة و إذا نجوت ، عندها سأكون قادرا أن ادافع عنه بكل ما أستطيع وبكل ما لديّ من نفوذ و نفوذ أصحابي و معارفي، بإختصار لقد اخترتك أنت لتقوم بدور هذا الشخص الذي سيعترف و يتحمل التهمة و ربما العقوبة .

صعقت ُمأخوذًاً بما أسمع منه و أخذتْ الأرض تدور بي و قد تعثرت الكلمات في حنجرتي التي راح يحرقها الجفاف ،ظمأ مفاجئ. لقد لجمتْ الدهشة لساني ووجدتُ جملي مقطعة لا تستطيع التعبير عن أفكاري .غير أني وجدتني أردد “لا أستطيع يا أستاذ ، لا أستطيع ” طلب مني أن أهدأ و أن اجلس و أشرب قليلا من الماء الذي كان على المنضدة القريبة مني ، غيرأنه لم يكن بوسعي أن أمد يدي لتناول القدح فنهض و قدم ليّ القدح ، كرعت الماء مرة واحدة ، غير أني لم أشعر بالإرتواء . أخذتُ أحدق فيه فوجدتُ ملامح وجه جديد غير الذي سبق لي رؤيته. لقد تلون بألوان متعددة ، وقد جحظتْ عيناه و أرتجفت شفتاه ثم تضاربت الألوان في وجنيته ، كنتُ أذوب بل أتلاشى تحت وطأة الدهشة.

ران الصمت على المكان كله ، كنتُ ألهث و كأني قد جريتُ لوقت طويل. ضجتْ في رأسي أفكار وأصطخبتْ فيه صور لا أدري كيف توالتْ عليّ، وجدتُ الخوف قد تلبسني أكثر من القلق ، خوف من التهمة و العقاب ، كنتُ أبحث عن حل أجد فيه منجاة لي. رفعت بصري إليه فوجدت وجهه و قد أكتسى ملامح ذئب نهم متوثباً ليفترس حملا وديعا .أصابني هلع و خوف مستطير ، غير أنه تكلم بصوت متهدج :

– أصغِ لي جيدا و تذكر أني قد أغدقتُ عليك نفعا كثيرا و جعلتك من خاصتي و أحسبك واعيا و مستوعباً لقولي. اني أريد ك الآن أخاً و ليس موظفا أكرمته ليرد لي الجميل ، لا تتجاهل ما سيحل بك من عقاب ، سجن سنوات قد تطول ، ربما سأخرجك بريئاً من التهمة ، أنك تعرف جيدا أساليبي في مثل هذه الأمور ، بصراحة ٍ، سأجزل لك العطاء ، دار سكن ومبلغاً من المال ليوفر لك و لأهلك سندأ و كما أنك لن تشكو بعدها من العوز و الفاقة كما أني سأزوجك من أحدى قريباتي ذوات الشهادات و المراكز الوظيفية الجيدة و ربما قد أزوجك أبنتي ،شابة جميلة . سوف أجعلك تعيش في فردوس ، جنة من جنان الدينا. الآن عليك البقاء في منزلي هذا حيث خصصتُ لك غرفة في الطابق الأعلى و هي في الحقيقة أشبه ما تكون بجناح تتوفر فيه وسائل الراحة ، اعتقد أنك ذكي ومدرك لما أنت فيه و ما ستكون عليه في حالة قبولك أو رفضك ، أترك لك الأختيار. أعتقد أنك الآن بحاجة كبيرة للراحة و التفكير و التأمل ، أصعد إلى جناحك لقد هيأتُ لك فيه كل ما تحتاج و إذا ما شعرتَ بحاجة لشيء ، أخبرهم و ستجدهم يلبون لك ، أنهم تحت تصرفك .

نهض و أخذ بيدي و أرتقى بي درجات السلم الرخامي المزين برسوم جميلة إلى غرفة في الطابق العلوي و أغلق الباب من الخارج .في الغرفة ، جلستُ وحيداً ألوذ بجدار الصمت و قد سكن في أعماقي سرٌ ، كنت معروقاُ ساهماً، غير أني كنتُ على الرغم من هذا السهوم لا أزال أمتلك شيئاً من عزيمتي و إصراري على مواجهة الأمر، غير أني وجدتُ قلبي يمتلئ رهبة و رعبا

فجأة تناهى إلى سمعي صوت المفتاح يدور في الباب ثم أطل عليّ بقامته و هو يحمل طبقاً من الأكل و قدحاً من الشاي ، دفع ظلفة الباب بمؤخرته قائلاً ” لعلك بحاجة لتناول شيء إلى حين موعد وجبة الغداء .” جلس على أريكة قبالتي و أخذ يحدق بيّ و كأنه يجوس في دخيلتي ليقرأ ما يجول في خاطري من مشاعر و أفكار و هواجس.كان له وجه من الحجر الصوان حيث يصعب على المرء قراءة ملامحه بسهولة من النظرة الأولى، كان عليّ التمعن ملياً في تقاسيمه وكاني أراه لأول مرة لعلي أجد فيه ما يمكنني من قراءته و معرفة شي من أسراره . لزم الصمت برهة ثم نهض من دون أن يقول شيئاً وغادر الغرفة ثم أعاد أغلاقها من الخارج.

جلستُ وحيداً و بذلتُ ما أستطيع من جهد لأكون في جو ذهني صاف بعد أن حاول هو أن يغرس في رأسي بذوراً فاسدة بجوار براعم الخير و الدعة التي نمت و ترعرت منذ سنين.أدركتُ بعد تأمل أننا من عالمين لا يلتقيان كضفتي النهر، تسيران من دون أن تلتقيا أو كخطين من خطوط السكك الحديد يتقاربان غير انهما لا يلتقيان أيضا .كما أدركتُ أيضا ثمة نوعان من الناس ، نوع يعرق و يشقى ويكدح و نوع يستفيد من هذا العرق والشقاء والكدح من دون أن ينضح جسده قطرة واحدة .

لأيام و أنا حبيس تلك الغرفة بجدرانها و اثاثها الذي أصبحت بيني و بينه ألفة غير أني كنتُ أجد نفسي مستغرقاً في فكر مشوش مضطرب، لقد أمضيت ما مضى من سنين عمري وديعاً لا أضمركرهاً لأحد و لم أوذِ أحداً و كنت أكثر الناس إبتعادا عن جرح مشاعر الآخرين و كان بعض أصحابي يداعبونني قائلين أني أحمل قلباً وُلد في غمار نقاء وسلام و محبة متجذرة في أعماقي. أدركتُ في تلك الغرفة ما أروع أن يمتلك الأنسان من أمان و أحلام بعيداًعن عالم القتلة و الأرذال ، و كبر سؤال في رأسي :يا تُرى ماذا يريد مديري من هذه الدنيا و قد أمتلك كل أسباب النعيم و الرخاء ، أنه بحق جنة. وعندها أدركتُ أن الجنة جنتان، جنة في الدنيا و هي جنة الواقع ، جنة الأغنياء والميسورين و المتنعمين وجنة في الخيال، جنة الحلم الوردي و هي جنة الفقراء الصابرين و المعوزين والمحرومين. إلا أن صاحبي لم يرضَ لنفسه بأي منهما لشدة طمعه و جشعه ، يا تُرى كيف ستكون عاقبة الطامعين المترفين الذين لا يحمدون الله .؟

بعد يومين أو ثلاثة أيام فـُتحتْ الباب و اطل وجه شابة يشع برونق الشباب و العافية و النعيم ، ألقتْ عليّ التحية و ثمة إبتسامة رقيقة مرسومة على ثغرها الذي تلون بقلم احمر شفاه ذي بريق، كانت ترتدي فستاناً فضفاضا من الحرير الزاهي الألوان جاءني صوتها منغماً و هي تسألني :

– كيف هي حالك ، أظنك قد سئمتَ وجودك في هذه الغرفة ؟ أنه أمر سيدك ، أقصد صاحبك المدير.

– (قلت بعد أن وقفتُ إحتراماً لها ): أجل يا سيدتي ، بصراحة أجدني حبيساً ، ربما سجيناً ،عقوبة لذنب لم اقترفه .

– ليس ذنباً بل محاولة لأسقاط تهمة عنك ،لذا ما أنت هنا بسجين بل ضيف كريم .

– إلى متى ؟

– إلى حين يقضي الله أمراً مقضياً.

– لا أحسب الله يريد ظلماً لعباده وأنا احدهم .

– على أي حال لنترك الحديث في هذا الأمر فأنا لم آتِ إليك إلا لأسالك أن كنت في حاجة لشيء، لربما قد ضقت ذرعاً لوجودك بين هذه الجدران لأيام ؟

– أنكِ على حق، يا سيدتي ، لقد ضقتُ تماما بوجودي هنا ليس بين الجدران فقط بل في المكان كله , الآن ما بوسعكِ أن تفعلي من أجلي ؟

تمهلتْ في الجواب و ألقتْ عليّ نظرة إغراء ثم توسل خفي تلونه لهفة مجروح كسير القلب تخرج من أعماق بئر حرمان . قالت بعد لحظات صمت وتأمل :

– أن صاحبك ، كما تعرف ، كثير السفر و السهر ولياليه حمراء، أنني لا أعرف متى يأتي في الليل وهو ثمل ،على الرغم من إدعائه بالورع و التقوى وربما الزهد . على أي حال ، لقد سافر لأيام و عليك أن تمكث حيث أنت إلى حين عودته، أريد الحديث معك و إليك ، فأنا وحيدة في هذا البييت الكبير مع طفلين صغيرين ، هل تعلم أنني زوجته الثانية ؟ لقد تزوجني بعلم زوجته الأولى و أولاده ، يقول أن الشرع يسمح له بأربع . لقد وفر لي كل أسباب الراحة التي تراها هنا غير أني لا أزال أحن إلى صباي وشبابي و مرحي، لقد تزوجني و أنا طالبة في الثانوية ، حملني إلى هذه الدار التي لا أخرج منها إلا معه ولمرات قليلة، عليك أن تتصور حياتي داخل هذه الدار ، أنني حبيسة هذه الجدران أيضاً، بالمناسبة ما أسمك ؟

– و هل يجدي هذا نفعاً يا سيدتي ، أنني في محنة كبيرة لا خلاص لي منها بمعرفة أسمي .أن محنتك بسيطة ، الحرمان و هذه الجدران أما أنا فمحنتي التهمة التي لم أرتكبها و عقابي الذي أجهله والسجن الذي أجهل نوعه و مدته ، انني رجل مسالم لم يسبق لي أن عشتُ هذه التجربة ، أنني يا سيدتي أجد الحرمان سهلاً فلقد عشته سنوات طويلة و أصبحتُ في ألفة معه، أما التهمة فأني لا أطيقها.

– قالت بعد أن ألجم التردد و التهيب لسانها وتكلمت بجملة ممزقة الكلمات التي تكاد تكون كلمات شاردة و هي تردد (بهيمة زرعوني و مشوا و عزوا عليّ الماي ) إنني الآن يا صاحبي نبتة يقتلها الظمأ، هلا فهمتَ أي ظمأ يقتلني ؟

أجبتها بهزة رأسي يمينا و شمالا .

-هل بوسعك ان تروي ظمأي يا صاحبي ؟ أني أريدك لهذا، لأن وجودك هنا فرصة لا تعوض و لن تتكرر ، كيف أدخلك إلى بيته هذا و هو حذر و كثير الشكوك !! أحسب أنه أختار لك هذا المكان لأنه بعيد عن الشبهات فلا يخطر على بال أحد أنه يأتي بشاب ليقيم مع زوجته الشابة

لذتُ بالصمت مطرق الرأس الذي راحت تصطخب فيه الظنون و الأسئلة الكبيرة ، قالت :

– عليك التفكير في عرضي هذا . ما يزال عندنا بضعة أيام حتى يعود صاحبك ، إلى اللقاء.

غادرت الغرفة و أدارت المفتاح من الخارج أيضا. عدتُ إلى وحدتي مستغرقاً بافكار لم أحسب لها حساب فراحت تزيد محنتي . تذكرتُ سيدنا يوسف الصديق و زوجة العزيز، يا تُرى هل هذا فخ ينصبه لي صاحبي ليحملني على قبول التهمة ؟ جلست خائب الرجاء فما لي من شاهد يشهد ببراءتي حيث لا قميص قد من دُبرٍ و لا من قُبلٍ . و هل سيكون السجن أحب لي مما تدعونني إليه ؟ و هل سيكون من الواجب عليّ االحفاظ على عرض صاحبي و صونه؟ لقد ألبسني ثوب جريمته فكيف سيكون بوسعي النجاة مما نُسب إليّ زوراً و بهتاناً ؟ أنى! ليّ أن أناى بنفسي عن عالم هذا الرجل؟ , و كيف أنجو بنفسي من التهمة و العقوبة ؟ في المساء وجدتها تفتح الباب و تدخل حاملة طبق الأكل و قنينة شراب و هي ترفل بثوب فضفاض من الحرير بألوان زاهية رائعة وهي تتمختر و كأنها فراشة تتراقص حول مصباح نور. أبتسمتْ و تساءلت وهي تبتسم :

– لعلك قد أهتديتَ إلى قرار . اني أحسبها فرصة لا ينبغي أن تضيع منا ، أننا لوحدنا و الشيطان ليس معنا .أنه غائب في سفر و لربما يعيش الآن في فردوس الفسق و الفجور. أني أدعوك ليّ .

ثم ذهبتْ أغلقت الباب من الداخل و أقبلت نحوي متبخترة جذلة و تسبقها نسمات عطر فواح لم انتبه له عند دخولها أول وهلة. أخذتْ تنضو عنها ثوبها الحرير و أنتصبتْ أمامي بقميصها الداخلي الزهري اللون الذي راح يكشف عن لدانة جسدها و طراوته . تطلعت فيّ و نثار إبتسامة أغراء رقيقة على وجهها ،و بدأت نوبات إغراء أنثوي تنثال من ثنايا قميصها الذي ألفيته لا يحتمل دفقات إشتهاء كظيم . دنتْ مني فلامست أنفاسها وجهي و هي تضوع بنفحات عطر يبعث في أوصالي خدراً لذيذأ . همست قائلة :

– الآن ، هَيْتَ لك .

– قلتُ مبتسماً : و هل أنا مع أمرأة العزيز ؟

– أنني الآن أنثى أولاً . ثم زوجة عزيز ، العزيز الذي يسعى للإيقاع بك و إرسالك إلى غياهب السجون ، انه لم يحسن مثواك و لم يكن عليك و على مستقبلك أميناً ، كما أنه لم يكن أميناً معي ، زوجة و اما لطفليه . أنا التي ستحسن مثواك.ثم ألقت بذراعيها حول رقبتي و طوقتني بلهفة و هي تردد (بارك اللحظة التي تعيشها ، فهي أهم لحظات حياتك )

– قلتُ : تمهلي يا سيدتي أنكِ زوجة و ….

– أنني أعرف ذلك ، و علام أتمهل؟ وإذا ما تمهلتُ أنا فهل يتمهل العواء في داخلي ؟ و هل يتمهل الظمأ في عروقي ؟ تعال و نل حظك من جسد يبخسه زوج ماجن.ثم أطبقت شفتين ملتهبتين بالشهوة على شفتيّ ، وجدت الخدر اللذيذ يدب في أوصالي و شعرت أني أغيب في جسد يذوب .جاءت في اليوم التالي بوجه يرسل نثار أرتواء وأبتسام و سعادة و هي تحمل طبق الفطور الصباحي ، نظرتُ إلى محياها فوجدتها مفعمة برضا و كانت عيناها تومض ببريق يشي بوداعة و سكينة .جلست بجواري فأخذ حسيس جسدها يدب في أوصالي و كأنه يسعى أن يوقظها من جديد. قلتُ بتوجس و خيفة:

– أرجو أن تتركيني لوحدي لربما يصل العزيز فجأة.

– لا عليك ، أنه غارق الآن في مجونه ، عندما يعود من سفره ،إعتاد أن يذهب مباشرة إلى عمله ليشعر الآخرين بأنه حريص على عمله ,ثم لا يصل إلى البيت في اليوم التالي حيث يمضي يومه في بيت زوجته الأولى و أحياناً يرسل الحقائب لي مع أحد أولاده أو مع السائق . أطمئن أنه لا يعود من الخارج إلا بعد أن يطمئن ان التهمة قد أبعدت عنه .

– لربما إلى حين تلبسني التهمة و أدخل السجن والله أعلم كم ستكون مدة السجن .

– أطمئن أنه و أصحابه يحسنون التصرف في مثل هذه الأمور ، أنهم ثلة من السارقين المارقين و الذين لا يخشون الله ، انهم فجرة ، أنهم معتادون على مثل هذه الأمور و لكن هذه المرة تختلف عن سابقاتها ، لربما أن المبلغ كبير جدأ و يبدو أنه يثق بك فجاء بك إلى بيته و ليكن هو في أمان حين تكون أنت نفسك في مكان ليس بوسعك الهرب منه و أن بيته أكثر أمانا له . أطمئن أني لن أسمح لهم ليصيبونك بأذى ما دمتَ تلبي حاجتي و تروي ظمأي . لقد أعجبتني وأتمنى لو أني أستطيع الهرب معك ،غير أني أخاف عليك منه و من أصحابه و نفوذهم .

– رحمة بي يا سيدتي ، لا طاقة لي على تحمل كل هذا ، أعتقيني لوجه الله .

– ما دمتَ أنت هنا أروِ لي ظمأي و ستكون في أمان ، سأغدق عليك المال الذي تريد .

– لا أريد شيئاً ياسيدتي إلا حريتي؟

– ستكون حرأ وسوف تكون لك حريتك و سيمنحك هو المال ولكن بعد أن يتأكد من سلامته هو اولاً.

– و متى سأكون حراً ؟

– عندما يعود سيقول لك هو بنفسه و قد يعمل من أجل خلاصك بعد خلاصه هو و الآن لا أريد ان أقضي الوقت معك في الحديث ، أريد أن أنعم بنعمة حضورك لأنها لحظة لن تتكرر أبداً حسب إعتقادي،. أنه حذر ولا ادري كيف إئتمنك ، ان هذا من حسن حظي . فدعني الآن أبارك اللحظة التي أعيشها فهي أهم لحظات حياتي بعدها رمتْ بثوبها و قميصها الداخلي على الأرض وابتسمت و أستلقتْ في حضني و سحبت رأسي و أخذ تقبلني بشفاه قد سُجرتْ بظمئها وسحبت جسدي فوقها . بعد ها خرجت من الغرفة فرحة منتشية و كأنها فراشة أرتشفت من رحيق زهرة ما يمنحها فرحا و حبورأ .

كان هذا ديدنها معي كل يوم و كل ليلة و كأن خواء كبيرأ يسكن جسدها الفتي ، كانت روحا تهيم في فلاة جرداء حيث ليس لها فيها معين إرتواء ،وجدتُ عنفوان الحياة و عشقها قد ملكا عليها كل أحاسيسها كأنثى فنسيت أنها زوجة رجل ذي نفوذ و أم لطفلين ، راحت تغنم من الحاضراللحظات التي باركتها وجعلتها زادا لقادم الأيام المجدبة حيث الخواء والظمأ . وصل صاحبي المدير حين كنت أغط في النوم و لم أستيقظ إلا على صوته وهو يوقظني من نومي وهو يقول : ما هذا النوم الثقيل؟؟

– قلت محاولا الإستيقاظ : لقد أثقلني الهم الذي أجده يجثم على قلبي و روحي يا سيدي . قاطعني مبتسما ، ابشر ، لقد أنتهى كل شيء . لقد دونوا إعترافك بالخطأ و أعتبره القاضي تقصيراً و أهمالا لا غير و أكتفوا بفصلك من الخدمة .- قاطعته بصوت عال : و لكن يا سيدي المدير أني لم أكتب أي إعتراف و كيف أصدروا بحقي قرار الفصل؟

– لقد رتبنا كل ذلك فلا حاجة لنا بك ، فهناك منْ ناب عنك و قلد توقيعك ، أليس هذا جيدأ ؟

– و لكن فصلي يا سيدي ، ماذا ساعمل و كيف سأعيش ؟

– سأتدبر لك عملاً في أحدى الشركات الخاصة لأحد معارفي ، أنه رجل يقف معي عند االشدائد. لا تجزع ثم أني سأمنحك مبلغا كبيرا من المال فتستطيع أن تسكن داراً و تتزوج من أبنتي من زوجتي الأولى ، أنها شابة متعلمة ، ولكن بعد أن تهدأ الزوبعة.

– متى ستهدأ الزوبعة يا سيدي ؟

– بعد شهور أو سنة و عليك الإنتظار.

– وماذا سأعمل طوال هذا الشهور أو السنة؟

– سأدبر الأمر بنفسي و كن على ثقة بي . ثم قدم لي ظرفاً و هو يقول:

– هذا مبلغ من المال تدبر به حالك لأيام و أطلب مني المزيد إاذا ما وجد نفسك في حاجة إلى المال .

غير أنه حنث بوعده سريعا حين عرفتُ أنه قد أستقال من وظيفته من دون علم الآخرين وهاجر وعائلته : أولاده و زوجتاه إلى خارج الوطن بعد أن باع كل شيء، لم يحنث بوعده لي فحسب بل باع الوطن ليشتري بثمنه وطناً في الغربة .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى