محمد اسعاف النشاشيبي - نقل الأديب

90 - من اكتتب ضمنا بعثه الله ضمنا

في (الفائق) للزمخشري:

قال عمر (رضى الله عنه): من اكتتب ضمناً بعثه الله ضمناً. وهو الرجل يضرب عليه بالبعث فيتعالَّ ويتمارض ولا مرض به. ويحكى أن أعرابياً جاء إلى صاحب العرض فقال:

إن تكتبوا الضمني فإني لضمن ... من داخل القلب وداء مستكن

91 - منذ ثلاثين سنة أنتظر

سئل الشاعر الأهوازي كيف أصبحت؟ فقال: أصبحت (والله) أظرف الناس، وأشعر الناس، وآدب الناس،

فقال السائل: اسكت حتى يقول الناس ذلك.

فقال: أنا منذ ثلاثين سنة انتظر الناس، وليسوا يقولون.

وعزيز علي مدحي لنفسي ... غير أني جشمته للدلاله

وهو عيب يكاد يسقط فيه ... كل حر يريد يظهر حاله

92 - حلقة، حلقة

في تاريخ ابن عساكر:

كان زريع على عسس بلال فقال له يوماً: يا بني، إن أهل الأهواء يجتمعون في المسجد ويتنازعون، فأذهب فتعرف ذلك، فذهب ثم رجع إليه، فقال: ما وجدت فيه إلا أهل العربية حلّقة، حلّقة.

فقال له: ألا جلست إليهم حتى لا تقول: حلّقة، حلّقة؟

93 - الخاطر

قال ابن جني في (الخصائص): حدثني أبو علي (الفارسي) قال: قلت لأبي عبد الله البصري: أنا أعجب من هذا الخاطر في حضوره تارة ومغيبه أخرى، وهذا يدل على أنه من عند الله، فقال: نعم، هو من عند الله إلا أنه لا بد من تقديم النظر، ألا ترى أن حامداً البقال لا يخطر له.

ومن ظريف حديث الخاطر أنني كنت منذ زمان طويل رأيت رأياً جمعت فيه بين معنى آية ومعنى قول الشاعر:

وكنت أمشي على رجلين معتدلا ... فصرت على أخرى من الشجر

ولم أثبت حينئذ شرح الجمع بينهما ثقة بحضوره متى استحضرته، ثم إني الآن وقد مضى له سنون أعان، الخاطر واستثمده وأفانيه وأتودده على أن يسمح لي بما كان أرانيه من الجمع بين معنى الآية والبيت، وهو معتاص متأب، وضنين به غير معط.

94 - أفضل الناس بعد رسول الله

أتى شيعي وسني أبا نؤاس فقالا: أي الناس أفضل بعد رسول الله؟

فقال: أفضلهم بعده يزيد بن الفضل.

فقالا: ومن يزيد بن الفضل؟

فقال: رجل يعطيني كل سنة ثلاثة آلاف درهم. . .

95 - ريبة

في (الكشاف):

عن بعض العرب أنه سئل عن نسبه، فقال: قرشي والحمد لله!!

فقيل له: قولك: (الحمد لله) في هذا المقام ريبة. .

96 - أستريح منه إليك

في (الصناعتين) لأبي هلال العسكري:

قال معاوية (رضي الله عنه) لابن أوس: ابغ لي محدثاً

قال: أو تحتاج معي إلى محدث؟!

قال: أستريح منه إليك، ومنك إليه، وربما كان صمتك في حال أوفق من كلامك.

97 - والي شرطة بغداد وأهل السنة والشيعة سنة 442 في (النجوم الزاهرة) لابن تغري بردي:

في سنة (442) كان من العجائب أنه وقع الصلح بين أهل السنة والشيعة، وصارت كلمتهم واحدة، وسبب ذلك أن أبا محمد النسوي ولي شرطة بغداد، وكان فاتكا، فاتفقوا على أنه متى رحل إليهم قتلوه؛ واجتمعوا وتحالفوا، وأذن بباب البصرة بـ (حي على خير العمل) وقرئ في الكوخ فضائل الصحابة، ومضى أهل السنة والشيعة إلى مقابر قريش فعد ذلك من العجائب، فان الفتنة كانت قائمة، والدماء تسكب، والملوك والخلفاء يعجزون عن ردهم، حتى ولي هذا الشرطة

98 - تغير شعره ورق طبعه

قال السمعاني: لما ورد علي بن حسن الباخرزي بغداد مدح (القائم بأمر الله) بقصيدته التي صدر ديوانه وهي:

عشنا إلى أن رأينا في الهوى عجبا ... كل الشهور وفي الأمثال: عش رجبا

أليس من عجب إني ضحى احتملوا ... أوقدت من ماء دمعي في الحشا لهبا

وإن أجفان عيني أمطرت ورقا ... وان ساحة خدي انبتت ذهبا

وان تلهب برق من جوانبهم ... توقد الشوق في جنبيَّ والتهبا

فاستهجن البغداديون شعره وقالوا: فيه برودة العجم، فانتقل إلى الكوخ وسكنها وخالط فضلاءها وسوقتها ثم أنشأ قصيدته التي أولها:

هبت علي صبا تكاد تقول ... إني إليك من الحبيب رسول

سكري تجشمت لربي لتزورني ... من علتي، وهبوبها تعليل

فاستحسنوها وقالوا: تغير شعره، ورق طبعه

99 - خطباء الطير

قال الثعالبي: خطباء الطير هي الفواخت والقماري والراوشين والعنادل وما أشبهها، وأظن أن أول من اخترع هذا الاستعارة المليحة أبو العلا السروي في قوله:

أما ترى قضب الأشجار لابسة ... حسناً يبيح دم العنقود للحاسي؟

وغردت خطباء الطير ساجعة ... على منابر من ورد ومن آس 100 - ما مدحته إلا ثقة بضمانك

مدح ابن نباتة الكبير فخر الدولة وزير بهاء الدولة ابن عضد الدولة بقصيدة قال فيها:

لكل فتى قرين حين يسمو ... وفخر الملك ليس له قرين

أنخ بجنابه واحكم عليه=بما أملته وأنا الضمين

فامتدح بعض الشعراء فخر الدولة بعد هذه القصيدة، فأجازه بجائزة لم يرضها، فجاء الشاعر إلى ابن نباتة وقال له:

أنت غررتني، وأنا ما مدحته إلا ثقة بضمانك فتعطيني ما يليق بمثل قصيدي، فأعطاه من عنده شيئاً رضي به، فبلغ ذلك فخر الدولة، فسير لابن نباتة جملة مستكثرة لهذا السبب.

101 - أحسنت والله! هذا أحسن

قال ابن الخطيب البغدادي: كان بين أبوي العباس (ثعلب والمبرَّد) منافرات كثيرة، والناس مختلفون في تفضيل كل واحد منهما على صاحبه. وقال محمد بن خلف: كان بين المبرَّد وثعلب من المنافرة ما لا خفاء به، ولكن أهل التحصيل يفضلون المبرَّد على ثعلب

قال عبيد الله بن عبد الله بن طاهر: حضرت مجلس أخي محمد بن عبد الله بن طاهر، وحضره أبو العباس ثعلب وأبو العباس المبرَّد النحويان. فقال لي أخي محمد: قد حضر هذان الشيخان وأنا أحب أن أعرف أيهما أعلم، فاجلس في الدار الفلانية، ويحضر هذان الشيخان حضرتك ويتناظران ففعلت ما أمر، وحضرا فتناظرا في شيء من علم النحو مما أعرفه، فكنت أشاركهما فيه، إلى أن دققا فلم أفهم، ثم عدت بعد انقضاء المجلس، فسألني فقلت: إنهما تكلما فيما أعرف فشاركتهما في معرفتي، ثم دققا فلم أعرف ما قالا. ولا والله يا سيدي، ما يعرف أعلمهما إلا من هو أعلم منهما، ولست ذاك الرجل. فقال أخي: أحسنت والله! هذا أحسن


مجلة الرسالة - العدد 207
بتاريخ: 21 - 06 - 1937

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى