عبد الرزاق رشيد الناصري - أسيل

لم أكن أتصور ان تكون علاقة وهمية ‘ بين أمرأة ورجل سبيلاً الى الجنون … جنون غريب ملتبس ‘ تماماً كما لوكنت تحلم ‘ وفي لحظة تنسى ذلك ..تنسى الحلم وتسقط في اليقظة . وتاخذ بالحديث معها ..معها هي بكامل شخصيتها ‘ بمكرها وشيطنتها ‘ بذكائها وحيويتها العذبة ..وحين بلغ غايته لم تكن تنقصه الأسباب . إذاً ليكون راضياً . لكن هي التي كانت لا تكف عن المناكدة ‘ والحوار الطويل والشاق حتى عندما لم يظهر عليها ذلك مخضعة إياه الى إذعان مستمر لم يكن يعبر عن نفسه صراحة في الكلمات الملفوظة من أحدهما اومن الأخر ‘ الكلمات التي كانت تخلف له طعماً علقماً ‘ كان يحدس انه إنتصر لكنه كان يدرك أيضا ان الأنتصار أيضا يتضمن قسطاً من الوهم والضلال ‘ حتى النقطة التي سيكتشف فيها نفسه – بصورة مريرة – محاصراً على الرغم من تحفظه ‘ عن تبصر خلال فترة حرجة من علاقتهما . لكي لايستسلم للأغلال اكثر مما يجب والان وقد قرر ان يضع حداً لعلاقتهما وبأنتظار اللحظة المناسبة وجد نفسه مرغماً على مناشدتها الخوض في مغامرة مشتركة تحتوي أماله وتطلعاته ‘ وكل نواياه التي تجهل دوافعها وغاياتها . وهوإذ يغدوحزيناً ‘ يتذكر جيداً حشداً من الكلمات الأسيانة الغاضبة المتفجرة كمداً . يتذكر أماداًً قصية وفيها يتذكر اشجاراً طويلة جداً حتى ان رؤوسها تتحدث ليلاً مع النجوم هل هووهم أخر ؟ ام شعر الفطرة ‘ يتماهى مع حزمة من الألوان التي هي ضراعات وأمنيات وابتهالات . ليكن وفي دخيلته سمعها تقول :- الزوجة غلطة على كل رجل ان يرتكبها ‘ ولا أدري لماذا ؟ ثم لماذا نبدع لأنفسنا أمراة خرافية ما دامت تغدومنفى قلوبنا ؟ ومع ذلك فهي كثيراً ما كانت ترتجل شعراً بشفاه لونها مطر …وهي تتمثل أحيانا بالقول أنها تعتبر العلاقة الحبية مع الرجل إحساناً مثلما تتصدق على المحتاجين ..اليس هذا لوناً من الجنون والوقاحة ؟..ربما وقد يكون تباهياً كاذباً وتجسيداً للوهم ..وهي تقف أمام مرأتها كان شعرها الاسود الطويل ‘ يهطل مطراً على كتفيها . ولها كنت أقول حيثما كانت المحبة كانت المغفرة . ولنفسي كنت أهمس :- ثمة كمال في أي شيء يتعذر إمتلاكه .. ربما كان الأمتلاك هوالأخر وهماً من الاوهام . وأعترته دفقة من الفرح المباغت ‘ وتنفس بعمق وتطلع الى الأفق البعيد وقال في نفسه :- الطقس جميل حتى ليغدوالرجل كطفل والمرأة كنجمة .. ومع هذا الأحساس الجديد لم ينس ان يتذكر ‘ وسمع نفسه يردد :- ها نحن قد شخنا ‘ وكنا قد خنا شبابنا مراراً وتكراراً ‘ بحيث ما عاد يليق بنا إلا التزام الصمت عنه لقد سقطت عن ذكرياتنا القديمة الوانها القشيبة وعنفوانها المحتدم لقد تبدل كل شيء حولنا وأمامنا وفينا . ان عالمنا أضحى ضوءاً خافتاً مرتعشاً ‘ تعصف به رياح الشيء المقدس الخرافي والأقدار الغريبة … وفجأة أطرق متفكراً وهويعلم بأنه لم يعد مقياس أي شيئ لقد أدرك مكانه ‘ كان الصمت والرقاد يفعمان جميع الأشياء ..عالم غريب يشرب فيه الأنسان نفسه دون عطش . واليوم وهويسترجع ذكريات عزيزة ‘ يتردد كثيراً في أسترجاع ماكتبته في قصاصاتها الوردية الصغيرة …هي أفكارا غامضة ومشاعر وأمنيات وأحزان ‘ تتلمس طريقها نحوالظهور والأشهار..وهو يتذكر كيف كان يتلقاها بفرح طفولي ودهشة ‘ لاتتناسب مع عمره ….عجوز وصبية …مخاطبة وحوار غريب وفاجع . هوهكذا ‘ لكنه يظل إنسانياً في معانيه وتجلياته ‘ يظل هكذا على الرغم من بعض السذاجة المحببة والبوح الطفولي المتلعثم .ولما كانت الأوهام هي المنبع لهذا الفيض من العطف والرثاء معاً . فاليكن التقبل والترحاب لأن الكلمة الطيبة لاتموت..ولماذا هذا الاعتذار ؟ لماذا هذا الخوف ‘ والتردد من الايتان بالحقيقة ‘ كما هي عارية صريحة مباشرة ‘ وليذهب التأويل والتعليل ‘ أدراج الرياح . وبعد كل شيء هي أمور تخصك بكل ما يحيطها من غموض وغرابة ‘ فيها من الصدق الكثير ‘ ومن الأفتعال والتجريب الاكثر .عليك أذن ان تقف وسط حدائق العمر وتقطف الثمار الفجة ‘ قبل ان تنضج وتتلف ‘ وتسقط بين الاثلام طعاماً للدواب والحشرات .هكذا اذن وتلك هي القضية ‘ محاولة جادة للأبتهال أمام الذات وقرباناً للاخر‘ الحقيقي والمتخيل ‘ الأخر الامنية والحلم ..وأمسك بواحدة من القصاصات الوردية الصغيرة وأخذ يقرأ…(( عندما يكون النبل إنساناً ..الأن وكل أن والى الأبد ..لوان الانطباعات هي ما سأكتب ‘ لكنت قد إستنفدت كل قرطاسي وقلمي ‘ الحائر أبداً .. إلا ان الانطباعات هي من ستكتبني وتسكبني بهيئة حروف ‘ أرجوان تكون بعض شغفك وشغافك . لقد أردت أن تكون رائعاً إلا ان الروعة قد تقمصتك ..العالم أشبه ببحر وانت الملح فيه ..انت الفارع بين الاقزام ..والصديق بين الاعداء ..وجودك بين أقرانك – أن وجدوا- يجعل من حضورك إستثنائياً ‘ وكل صوت ماخلا صوتك نقيق ضفادع . تأكد ان أرضي معطاء ‘ وان غرستك ستكون مورقة باسقة كروحك ..ان روحي وحياتي تكونتا من تراكمات ‘ من الاسود والابيض ‘ حتى غدت كرنفالاً من الوان مساحيق التجميل .. كنت انت الغدق النقي الذي أعاد شفافيتي ‘ التي كنت أظن انها رحلت بقلب جاحد .. ليس هناك من شيء يربطنا ‘ لاننا نحن من نربط الاشياء والأشخاص ‘ والازمان بل ان كل هؤلاء ‘ قد لايكون قد قدر لهم العيش ان لم يقدروا على إيجاد رابطة تشدهم بحنوالى اليابسة في صخب بحر هذا العالم ‘ كما فعلت أنت .. ان الصمت في حضرتك بلاغة .. أعتذر ان كانت ثرثرة قلمي مقتبسة من جذوتكم .. إلا ان البادي اكرم ‘ فانت من جعلت من قلمي يستلذ البوح أمام نظراتك وتأملاتك الحانية الطيبة … إعتراف …كنت أومن ان الرجال أوتاد دخان ‘ أوأعمدة ملح ‘ إلا أنك قد بشرتني بنوع ثالث ‘ الارتباط بهم حياة ‘ كحياة الجنين وهومرتبط بمشيمته))…ان محاولة تحديد معاني هذة الكلمات تتعثر وتنطمس ‘ بدلالة غموضها ‘ مع بساطتها ‘ وإستقلالها هنا الصور والافكار تتدفق بمفاجأت مرتدة ‘ لكن دقتها وإشعاعها يدهشان اكثر مما تدهش غرابتها ‘ انها خاضعة في سطوعها الباهر الى عمق الاحساس انها فياضة لكنها ملجومة ‘ ومتحررة ولكن الى حد ‘ وهي منيرة اكثر منها مبهرة ‘ وملتقطة بأقل جهد تستطيع كل جملة في هذا البوح ان تستقل وتلمع بضوئها الخاص ‘ بيد ان أقل تفصيل يتوهج في وضوح عجيب ‘ يرفده الاتقان والتدبر ‘ ويحتوي في ذاته على رحابة اللوحة التي هوجزء فيها ‘ لا يبدوالبوح هنا منافياً للقصد المضمر … وهنا لابد من إستنتاج من ان وجود العمل ‘ يفترض وجود الكلمة أيضاً الكلمات التي لدينا موجودة ومتداولة ‘ ولكن ليس كل الكلمات التي نحتاجها لنتفاهم بعضنا مع البعض الاخر ‘ على سبيل المثال … لا ادري اي كلمة يمكن ان تعبر عن تراكب وغموض المشاعر التي أشعر بها في هذة اللحظة …وأدرك انه لم يكن يعبر عن نفسه صراحة في الكلمات المنطوقة من أحدهما اومن الاخر ‘ الكلمات التي كانت تترك له مع ذلك واحدة بعد الاخرى مذاقاً يزداد مرارة في الفم كما تفعل الهزيمة والخذلان ‘ كان يعرف انه إحتاز الفوز ‘ لكنه كان يدرك أيضاً ان الانتصار والفوز يتضمن قسطاً وافراً من الوهم والأيهام … قد تبدوكلماتها في القصاصة غاية في التواضع والاستسلام ..عمن كانت تتحدث ؟ ..من كانت تخاطب ‘ بهذا الفيض من الاعتراف بالجميل ‘ من الأبتهال لشخص لاتنقصه الخطيئة بكل أشكالها ؟ ..وهويتساءل ‘ اذا كان لي هذا القدر من التاثير النافع للاخر ‘ الذي هو‘هي ..هذه المرأة الرائعة التي تجود بهذه المشاعر والافكار والاعترافات ‘ كأنها تكتشف إنساناً من كوكب أخر…هذه الكلمات الجميلة المفعمة بالرقة والكرم ‘ والمليئة باللوعة والأسى ‘ لايمكن ان تصنع علاقة طبيعية مع الاخر ‘ اذا ما إسقطت على أرض الواقع … ومع هذه الهواجس هوما يزال حفياً بكلماتها ‘ حريصاً على قراءتها مراراً وتكراراً..كلماتها . بما هي علية من ثقة متناهية بالأخر ‘ لا تخلومن شك وريبة قد تستحيل الى يقين مباغت ينسف هذة الثقة ‘ ويعود القهقرى نحوالأسف والخيبة ربما هي عاشت هذة التجربة اكثر من مرة وهي الان تتشبث بهذا الوهم الجديد لأنه يساعد من جهة القضاء على البشاعة والاحساس بالطفو‘ أي بالذات العدمية والشعور بالعزلة والاستبعاد ومن ناحية اخرى يحصل على الايمان بالذات الأنسانية ‘ والارادة الأنسانية اليس الانسان حراً ليختار ويقرر؟…كلماتها تعبر عن أمراة حزينة وجميلة حتى لتكاد لاتطاق ‘ وفي كلماتها تحاول مقارعة الشك . والسخرية واللؤم والامبالاة ‘ وهي كذلك تحارب في كلماتها الوحدة التي هي أقسى وأتعس من وحدة الصخر .. كانت حين يجتاحها الاشمئزاز الساخط ‘ الذي يرتد به الأنسان على ذاته ساعة يعرف فجأة أغوار نفسه وكانت تقول حينها :- اني أغيٌبُ الشمس عند الظهيرة وأجلب الظلمة على الارض في النهار الضاحي …انها هواجس نفس مدلهمة كانت تنشد الخلاص ‘ ولكن مماذا ؟ ربما من هذة السوداوية المطبقة ‘ وفيما هي تكابد هذا الشعور المرهق ‘ تبتسم باشفاق وهي : تقول الانسان يصنع الحب ‘ وليس الحب هوالذي يصنع الانسان ‘ الحب هووعي الذات والشعور بالذات لدى المرأة التي لم تجد بعد ذاتها أوالتي فقدتها ‘ الحب هوتنهدة الانسان المضطهد ولأن الامر كذلك هي تشعر باستياء عام وأرتكاس وضيق في الفكر مدع وبلا صحوفي أن معاً ‘ كل ذلك يقع في واقع ‘ هوالحقارة وقد أصبحت حياة تعيش على كل الحقارات ..هي تشعر وبلا هوادة ‘ ان في دمها كأبة وفي قلبها مصير وفي نفسها وحشة ‘ وبين يديها أمل حيران ..انها تنشد المحبة والسلام ‘ وطرد الهمجية والشر والبؤس في قلوبنا .. وهوفي المقابل يعلم ان أفضل طريقة هي دائماً الابسط ‘ ولاننا نتعلم ليس في هذا العالم مجال لأنتظار المكافات بعد ان حرم العالم من الشرف والعدل ‘ ان هذا العالم الدنيء ملك للأوباش الخبثاء .. قالت مركزة عليه عينيها الجميلتين الحنونتين ‘ الفرحتين أيضاً ..(( تمر أسراب الايام وحياة الناس تتغير ‘ بل تتقهقر في عالم اليوم المرٌ وأنا- دون البشر- الذين يعانون زكام الرتابة ‘ ووجع الملل ‘ إعاني الثبات في نسغ حبك ‘ فأمسى أحببتك ‘ واليوم أحبك ‘ وغداً سأحبك اكثر))..كيف لك ان تتقبل هذا المديح العجيب وانت تعيش فقرك المدقع ‘ احساسك بالغربة والضياع ..انت محبوب لهذة الدرجة ‘ شيئ لا يصدق ‘ نزوة وهذيان صحيح أنك كنت تلتهما بالقبلات والمداعبات ‘ في كل أحلامك ‘ لم تكن لديك حبيبة ولن تكون ‘ وكنت في كل أحلامك ‘ وبعذوبة ورقة توسلت اليها وانت تقبل يديها ان تسمح لك بأن تريها كم يمكن للمتعة ان تكون عذبة ومبهجة بين صديقين متحابين . ومنذ ذلك الحين صرتما عند كل لقاء أووداع تتبادلان عواطف مشتعلة لم لا طالما كانت في الحلم ‘ حلمك انت ملاذك وملجأك الأمن وهمك المتسلط والمهيمن ‘ تهاويلك الشرهة . هل تشعر بأنها خسارة واحباط أم هي لعبة صبيانية يلعبها عجوز متصابي يستدر الشفقة ‘ ويبعث على الضحك والسخرية … لقد لعبت بك دون أدنى وازع مشجعة إياك بردودها الملتبسة وبذلك السهوالمدروس الذي كانت تسمح فيه ‘ لك أحياناً بتقبيل يديها عندما تأتي لزيارتك في مخبئك ‘ وكنت تريح رأسك على ركبتيها وهي تداعب شعرك الخفيف بل أنها سمحت في أحدى المرات بأن تلامس شفتاك شفتيها . أكانت نادمة لست ادري لا بل انت تدري وحين تستيقظ من أحلامك المداجية ‘ وتأوب الى حقيقتك تطلق زمجرة ‘ وتباشر الرقص وتتلوى وتدور حول نفسك وانت تبدي وجهاً جهماً مرعباً . لكن المرعب حقاً كان شعورك بأنسانيتك المستلبة ‘ أحساسك بصلتك البعيدة بهذا الصخب الوحشي الصخب الممتلئ عاطفة .. بشع ومفزع ..نعم كان بشعاً جداً لكن لوكان لديك ما يكفي من الجسارة ‘ لأعترفت لنفسك ‘ ان فيك أثراً ضئيلاً من الاستجابة للصراحة المرعبة لهذا الضجيج المتواتر إستجابة لوجود شك بسيط ‘ بوجود معنى فيه . أما هي وفي هذا التصخاب والفوضى ‘ لم تنس نفسها كما هوشأنها لقد عملت كثيراً كي تبدوعيناها مثلما تتذكرهما ‘ واسعتين سوداوين فضوليتين ‘ خجولتين قليلاً وحزينتين كثيراً .

أما بشرتها فكانت كما عهدتها شديدة البياض ‘ تكسب حيوية في خديها ‘ بالتورد الذي يطل منهما ‘ عندما يتوجه اليها احد بالكلام ‘ أوتدخل غرفة فيها أناس لا تعرفهم . الخجل والتحفظ الكامل هما الملمحان البارزان في شخصيتها وتلك القدرة على المعاناة بصمت ‘ دون إحتجاج . وعندما تتحدث مع مجموعة من الغرباء مصادفة ‘ كانوا يستمعون اليها بدافع الفضول مثلما يُصغى لتغريد طائر مجهول ‘ دون ان يولوا ما تقوله كبير إهتمام . كانوا ينظرون الى تنورتها ‘ يديها ‘ فمها ‘ خصرها ‘ نهديها ‘ باهتمام اكبر من إهتمامهم بكلماتها . وهكذا كان يتقاسمها شعوران ‘ أحدهما مندفع والاخر حييٌ متردد خجول ‘ متسامح بغير إبتذال أحدهما صادق نبيل والاخر كاذب ‘ محتال متلون . وهذا ما إنعكس قوياً في رسائلها العاطفية المندفعة ‘ تلك الرسائل المهربة والتي لم تترك فسحة للتأمل ‘ للتفكير‘ كلماتها جموحة ‘ صاخبة ‘ مسرفة ‘ ولعل هذا النموذج ‘ واحدة منه… ((إهداء…الى ذلك المتفرد بين أرتال المتشابهين الى المؤمن بين جموع الكافرين الى الرجل المحاط بالمخنثين ..أشكرك أقولها ‘ ليس لانك ‘ كما وصفتك وحسب ‘ بل لأنك أعدت ألي فتوتي .. رعشة الكتابة ‘ التي حسبت أنها ودعتني من سنين أشكرك .. فمعك أغدوكاملة الأنوثة .. المع كنجمة .. اليك .. وفقط اليك ‘ من قلب ينبض بالأمتنان اليك)).. قد تقول إنها نرجسية مازوخية في أن معاً .. رهان مجاني وتنازل متعمد ‘ يبدأ ولا ينتهي . هومحاولة للتعويض وترويض الذات على القبول والاستسلام ‘ في هذا العرض الباذخ لعواطف مرتبكة وكبرياء مهزومة . كيف يمكن قبول هذا البذل والعطاء ‘ للأخر وتضخيم أناه على حساب الذات المصدومة ؟ .. ومن هذا الشعور المباغت تأخذ أنت في البحث عن الفعل عن التجسيد الحقيقي المفقود دائما في حمى القناعات الأنانية ‘ التي تعتريك وتتلبسك وانت تقرأ كلماتها في حالة من النشوة والأفتتان . وبالتاكيد انت لا تدري متى يتوقف هذا العذاب اللذيذ .. تقبل وترفض ‘ تسترخي وتتشنج دوامة من الصراع غير المتكافئ ‘ وكلها تدور في فراغ فسيح وحركة محتدمة . ربما كانت فرصة ملفقة بأنتظار هجمة جديدة تحملها رسالة أوشكوى أوأنين ‘ وربما صرخة ملجومة ‘ هي دائماً خليط غير متجانس ..إشتعال وأنطفاء .. ((إستاذي الغالي .. سألتني ذات يوم عن سبب بكائي ..وقد راعني وروعني ‘ إهتمامك بذلك .. لذا قررت ان أهديك هذة السطور المتواضعة :- كما تشاء يا سيدي كما تشاء .. لقبتني بكنى أجمل النساء ..ولوني على قرطاسك ..واجعلني ربيع الضياء .. فكلها قشور ..وكلها هباء .. لأني يا مليكي ..أميرة التعساء .. ووردة شوكية مزروعة للعناء وسنبلة محنية ‘ منكورة العطاء . فشتائي عاصف ‘ وغيومه تعبر السماء ‘ وروحي هشة يابسة .. كأشجار الخريف الجرداء أنا كل هؤلاء بل بعض ما بقي من هؤلاء ‘ فلا أرض لي ولا سماء .. فقد خذلني البشر .. وخنقني حقد القمر .. فشعاعه متحشرج الضياء .. فأعذرني يا سيدي ..فأنا مسلوبة الهواء ..ولا ترجومني يوماً ‘ الكف عن البكاء)).. ليس من جديد ‘ هوذات التفجع والبكاء على أطلال الذات المدمرة ذات الشعور بالهزيمة والاستسلام . ومن خلال ذلك هي تسفح نفسها للأخر دون تحفظ .. وانت كنت تقرأ وتعيد قراءة الرسالة ‘ مع الابتسامة المقتنعة ‘ للرجل الذي يستمع الى ضروب المديح والاطراء ‘ التي لا يبدوعليه انه يرتاب في إستحقاقه لها ‘ وشيئاً فشيئاً صار تعبيرك جدياً ‘ ثم تأملياً ‘ ثم قلقاً وهذا ما جعلك تتذكر كلمات كانت قد فاهت بها في وقت ما ..(( يخامرني الشعور بأنني قلت أشياء كان من الأفضل لي ان أسكت عنها .. كنت أتمنى أن تمنحني الكثير ‘ الكثير ‘ من الاهتمام . أقسم في كل مرة أنني لن أعود الى ذلك ابداً ثم ما البث ان أسقط في الذل نفسه .. لم أشأ شيئاً ابداً ‘ بمثل هذة الحرارة والرغبة . اكثر ان اسمعك .. أرجوك لا تعطيني اليوم امالاً لا تستطيع غداً تحقيقها ))..لا بد انك تحلم من المستحيل ان يكون ما قرأته ‘ وتقرأه حقيقياً .. ربما هوحلم .. ولان الحلم مرض نفسي قصير يستغرق الليل . أما المرض النفسي ‘ فهوحلم طويل يستغرق الليل والنهار . فأيهما تختار وانت تحاول التوفيق والجمع بين المتناقضات وربما تبرر ذلك كله من أنك …أنت وهي في حلم يقظة …هو دليل العجز والخيبة.



* عن الزمان

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى