نجاة معلة - إمرأه في عنق الزمن.. قصة قصيرة

أدركت أنها لاتنتمي لبنات حواء ,كانت رائعة الجمال تفيض أنوثة ,دافئة وناعمة كرملة شاطئ ندية ,قوية الشخصية وذكية ,مزدحمة بكل شي وخائفة من أي شي تخشى الزمن تحاول أن تضغطه بما تملك من طاقة كأنه جسم رخو ,يرتسم على وجهها دوما زهو ,لشعورها بأنها المرأة الوحيد في هذا الكون التي تنبهر بشعاع الشمس ,لكنها الآن تشعر بضيق موجع يوخزُ صدرها وإنقباض مخيف لروحها ,نهضت تبحثُ عن نسمات باردة ترشقُ خلايا جَسدها المُنهك الطاعنِ بالليل ,التصقتْ بنافذةِ الغرفة تستجمعُ المدى لفحها هواء بارد ,وهي تبعثر نظراتها في السكون والظلام ,لم تجد سوى هالة من السنينِ تراكمتْ لتصنعَ عمراً باهتاً يطوى وأحلام كئيبة قاحلة ,دوامة من الأفكار تتناثر برأسها ,شعرت بأنها معلقة بفضاء مضطرب ,طافت بخيالها بعض شطحات من صباها فعضت على شفتيها كأنها أقترفت ذنباً دفنت وجهها بين راحتيها وأستغرقت بغفوة وهي تطبق جفنيها على شريط من الذكريات القلقة وعشرات الصور التي مرت في الفضاء الضيق الذي تحتويه روحها ,مساحات من السنين أنفرطت أمامها ,” آآآآآآآه ” نفثتها في الهواء وهي تتنهد بعمق ,لتستيقظ من نشوة وهمية ,مدت يدها في الهواء تعبث بخاتم الزواج الملتصق ببنصر يدها اليسار كأنه تبسمر فيه منذ دهر ,أنعطفتْ لتلمحَ في المرآةِ خصلاتَ شعرها التي إستباحت ملامح وجهها الشاحب و تجاعيد صنعتها أخفاقات متراكمة لليالي والأيام ,شعرت بغصة في الحلق فأنفجرت ضاحكه ,كانت تعمل بلاهوادة طوال عمرها كأنها لاتعرف التعب تسعى لراحة الجميع لأرضاء الكل متناسية نفسها الى أن تحجر قلبها .

أجترت تفاصيل حياتها الماضية ,أحست بأنها تتضاءل أمام ضغط الأيام وشعورها بأن الدنيا أبتعدت عنها وأقتربت بها من نهاية المشوار حيث الخريف لامفر منه بحضورهِ المتوقع حيث أنتهاء مدة فعالية الأشياء معها ,شعرت برغبة عنيفة للحياة وشغف للشمس ,للنور ,أسرعت تستجدي الضياء وهي تنير الغرفة بضوء مصباح خافت .


* عن الزمان

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى