ديوان الغائبين ديوان الغائبين : عقيل يحيى الإرياني - اليمن - 1906 - 1927

عقيل بن يحيى بن محمد الإرياني.
ولد في قرية حصن ريمان (لواء أب) وتوفي في صنعاء وهو في مستهلّ شبابه.
أخذ عن والده علومه الأولى: من الفقه وعلوم القرآن الكريم والنحو والصرف، ثم انتقل إلى صنعاء والتحق بالمدرسة العلمية متتلمذًا على عدد من علمائها.
عمل بالتدريس والتأليف.

الإنتاج الشعري:

- له قصائد نشرت في مصادر دراسته، وفي مقدمتها: «نزهة النظر في رجال القرن الرابع عشر».

الأعمال الأخرى:

- له «السيف الباتر لأعناق عباد المقابر»، و«رسالة في علم التوحيد»، ونشرت في كتاب «مجموعة رسائل في علم التوحيد».
من الغزل والوعظ والمراسلات والوصف والتشبيهات تشكلت مقومات تجربته الشعرية، حافظ على تقاليد القصيدة العربية، وتميز أسلوبه بالإحكام وقوة العبارة،
ودقة المفردة، أخذ بتقليد المقدمة الغزلية حتى وهو يشكو الزمن ويعاني جور الحاكم، على أنه قد يأخذ موقفًا متشككاً من الأخذ بآلات الحضارة الغربية ويراها ضد الدين.

مصادر الدراسة:

1 - محمد بن محمد يحيى زبارة الصفاني: نزهة النظر في رجال القرن الرابع عشر - مركز الدراسات والبحوث اليمني - صنعاء 1979.
2 - مجموعة رسائل في علم التوحيد - أشرف على طبعها وتصحيحها: القاضي عبدالرحمن الإرياني - وزارة الإعلام والثقافة اليمنية - صنعاء 1982.


صدود وهمة

بَدَتْ تتهادى في الملا ربّةُ العقدِ
فأطرقتِ الأغصانُ خوفًا من القدِّ
ألـمَّتْ فما حيّتْ أسير غرامها
فلله ما أُخفي هناك من الوجد
ومرَّتْ كأنْ لم تَجْرِ بيني وبينها
أمورٌ ولم تمزج ليَ الراح بالشهد
ولم أرتشفْ من ثغرها أي خمرةٍ
ولا بتّ أجني الورد من روضة الخدّ
ولا أقبلَتْ تحت الظلام عشيةً
مخافةَ واشٍ يبتغي عدم الودّ
ولم تشْكُ آلام المحبّة والجوى
إليّ ولا بتنا ضجيعين في بُرد
لئن نقضتْ عهدي عقيلةُ قومها
فكل الغواني لا يَدُمْنَ على العهد
وكلُّ الغواني تمزج الوصل بالقِلى
وكل الغواني تُتْبع الوصل بالصدّ
خلعتُ هواها مذ رأيت صدودها
وكيف أودّ اليوم من يشتهي بُعدي
إذًا لا علا كعبي ولا عزَّ جانبي
ولا في العُلا والمكْرمات ورى زندي
ولا فقتُ أبناء الكرام نباهةً
ولا كنتُ فيهم كعبة المجد والجد
ولا سحرتْ كلَّ العقول بلاغتي
ولا كنت في الكتّاب واسطةَ العقد
ولا صرت فيها اليوم أشعر أهلها
يشيرون نحوي بالبنان إذا أُبدي
ولا دمتُ ما دامت حياتيَ مغرمًا
بحب الذي في كفه راية المجد
سراجِ بني الغبرا وإكليلِ تاجهم
وعِرنينِهم بدرِ العلا صادقِ الوعد
أعزَّ الهدى، إن الليالي بحكمها
على أهلها زاغت عن الحقِّ والرشد
فكم رفَعَتْ نذلاً! وكم خفضت فتًى
سما في اكتساب المكرمات من المهد!
رماني زماني بالخطوب أمرِّها
فما أوهنت عزمي ولا فَلَّلَتْ حدِّي
صبرت لها والصبر ليس بهيّنٍ
ولكن قلب الحر كالحجر الصلد
فيا زمنا أضحى به العيرُ حاكمًا
على مثلنا ممن رقى صهوة المجد
إلى الله أشكو جورك اليوم إنه
هو الحكمُ العدل الذي جلَّ عن ضدّ

***

من قصيدة:
رايات الضلالات


ويلاه قد عمَّت الناس الضلالاتُ
وزُحزِحَت عنهمُ تلك الهداياتُ
وأصبح المسلمون اليوم في وَهَنٍ
وفيهمُ خفقتْ للكفر رايات
وأنفذت فيهم الأعداء أسهمها
ولم يفيقوا كأن القوم أموات
قالوا: العهاد، وما هذا العهاد؟ فها
قد مادت الأرض منه والسماوات
كنا نراه محالاً والزمان به
يأتي وتظهر للناس المحالات
أبالعِدا نرتجي نفعًا لملّتنا
لقد ضَللْنا وأعمَتْنا الجهالات
ومَنْ يلاعبْ ثعابيناً براحته
سرتْ إليه على الفور المنيّات
نحن الهداةُ فلن نرضى بمعضلةٍ
شعواء قد بَرَأتْ منها الهدايات
لئن أتونا بآلاتٍ منمّقةٍ
فإنها لاغتيال الدين آلات
فلا وربك ما جاؤوا بآلتهم
وقصْدهم ترتقي فينا الصناعات
لكن لأمرٍ خفيٍّ سوف تعرفه
غدًا إذا انكشفت تلك الغشايات
مافي البدايات أضحى وهو مستترُ
فإنها سوف تبديه النهايات
فانقُضْ - ولا تخشَ إلا الله - عهدهمُ
فما لعهدِ ذوي شركٍ مراعاة
قد كان ما كان فاجهد في تداركه
دامت عليك مدى الدهر السعادات
ولو هدينا بنور الحق بان لنا
بغيرنا عِبَرٌ شتّى جليّات
لا بارك الله في ذا العام كم ظهرتْ
فيه أمورٌ وأشياء نكيرات

***

من قصيدة:
الأنس لاح


تهنئة أخيه بمناسبة زواجه
بشرى فنجم الأنس في الأفق لاحْ
وعنبر الأفراح في الجو فاحْ
وهذه روض السرور ازدهتْ
وابتسمت عن وردها والأقاح
والطير غنَّى فوق غصن الهنا
فماس من عُجْبٍ به وهْو صاح
وأصبح الدهر لنا روضةً
تعثرتْ فيها نسيم الرياح
تعتنق الأغصان في سوحها
كأنها قد شربت كأس راح
وأشرقت أرض المسرات إذ
قارن بدرُ التِّمِ شمس الصباح
هُنِّئتَ هُنِّئتَ وجيهَ الهدى
بوصل مولاة الخدور الملاح
بزهرة الحسن التي رُمْتَها
فنلْتَها بالكفِّ ذات الصلاح
ظفرت يا خدْن الوفا والتقى
بدرّةٍ فاضمُمْ عليها الجناح
مذ علمت أنك كفؤٌ لها
جاءتك تهتزُّ اهتزاز الرماح
فما لشمس الحسن فيما نرى
كفئًا سوى بدر الهدى والصلاح
يا كوكب المجد الذي قد غدا
يروي أحاديث المعالي الصحاح
ها أنت قد أصبحتَ في ظلّ مَنْ
بوصفه استغنى عن الإمتداح

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى