حسن أحمد بيريش - حوارات مع محمد شكري.. المعيش قبل المُتخيَّل -7- اخترت الزواج بكتبي· بالكتابة، وبحريتي الشخصية

* رفضت دائما فكر الزواج وإنجاب الاطفال· هل سبب الرفض يكمن في تمرد المبدع بداخلك على الاستقرار؟ ام يرجع الى عواطفك التي لم تعد تكفي غيرك؟
- اخترت الزواج بكتبي· بالكتابة، وبحريتي الشخصية!
لا يعني هذا انني ضد المرأة· او ضد مؤسسة الزواج· انه موقف شخصي لا أقل ولا أكثر·
ويمكنني تفسير رفضي للزواج بأمرين اثنين:
اولا: انا عشت في وسط عائلي تميز بالعنف الشديد والقسوة البالغة من طرف الاب نحوي ونحو إخوتي ووالدتي ايضا، أورثتني تربية أبي الوحشية، الهمجية، خوفا لا شعوريا من الابوة والزواج! كرهت ان اصبح ابا حتى لا أعامل اولادي مثلما عاملني أبي·
ثانيا: حياتي في الماضي· وحتى الان· ليس فيها اي استقرار· هذا الأخير الذي لابد من توفره لنجاح أي ارتباط شرعي بين رجل وامرأة·
لكل ذلك ضحيت بالمرأة والأسرة من أجل الزواج بالكتابة والقراءة!

* هل هذا يعني، برأيك، ان الزواج ضد الابداع· وان زواج الاديب يحول بينه وبين التفرغ للانتاج الادبي؟
- ثمة زيجات ناجحة· انا اعرف بعضها· مثلا حالة محمد برادة وزوجته ليلى شهيد· حياتهما الزوجية ناجحة· لانهما متفاهمان: هي تفهم عقليته وهو ايضا، ويسافران ويقومان بمهمتهما: السياسة بالنسبة اليها والادبية بالنسبة اليه·
في الحالات الاجنبية· هناك جان بول سارتر وسيمون دوبوفوار· عاشا حياتهما الزوجية كلها في انسجام· هو كان يسكن في منزل وهي في منزل آخر· وكانا يلتقيان في مقهى· او في مطعم، او يزور احدهما الآخر في منزله الخاص·
ولكن هذه الحالات نادرة جدا· وأنا لا أستطيع ان احدثك عن الحالات الفاشلة· اذن من المحتمل ان ينزعج اصحابها

* والاطفال· ألم تفكر يوما في ان يكون لك ولد من صلبك يحمل اسمك، ويمثل امتدادك في الحياة؟
- أنا لا أحتمل تأسيس أسرة· ان استحواذ المرأة على الرجل، او العكس· وارد في مؤسسة الزواج· وانا بطبعي اكره ان اكون مستحوذا (بكسر الواو) او مستحوذا (بفتح الواو)·

* والاطفال؟
- الاطفال تواجدهم لا يساعد على تفرغ المبدع لانتاجه الادبي وتجويد ما يكتبه· ثم انني أعتبر كل الاطفال اولادي· اما اولادي الحقيقيون فهم كتبي!

* هل حدث يو ما ما، تحت ظرف صحي او نفساني، ان ندمت علي رفضك للزواج؟ اتساءل لانك قلت في "وجوه": "مرضت ففكرت في الزواج· ادركت فيما بعد اني كنت ابحث عن ممرضة وليس عن زوجة"·
- اي انسان قد يمر بتجارب معينة تدفعه الى التفكير في الارتباط الشرعي بامرأة ما· اذا كان غير متزوج مثل حالتي· وهذا ما حدث لي بالضبط· مررت بتجربة مرضية صعبة قادتني ،انذاك، الى التفكير في الزواج والارتباط بامرأة تعتني بي وتهتم بشؤوني الصحية·
ولكني فيما بعد طرحت الفكرة جانبا· ولم يعد الزواج واردا عندي بعد ان انتفت الحاجة اليه· وبعد أن ادركت اني لا أريد زوجة تشاركني حياتي، بقدر ما كنت في حاجة الى ممرضة!
ولست نادما على عدم زواجي· والوحدة التي اعيشها ليست عادية· ولكنها و حدة سامية وخلاقة· وحدة مبدعة·

* يحتل الجنس في نصوصك مكانة محورية· ما الذي ترمي اليه من وراء توظيف تيمة الجنس؟
- الجنس الموظف في كتاباتي لا يساعد المصابين بالعنة· انا لا علاقة لي بتلك الاعضاء المصابة بالارتخاء! من هو منتصب فهو منتصب· ومن هو مرتخ فهو مرتخ! لا أتاجر انا بالاعضاء التناسلية للرجل والمرأة·

* هناك من يتهمك بتعمد "الاستشارة الجنسية" من خلال وصفك الصريح لتفاصيل العملية الجنسية بين رجل وامرأة·· ما تعليقك؟
- هذا غير صحيح على الإطلاق· الاستشارة الجنسية غير واردة في كتاباتي· لست كاتبا أتعمد تهييج المكبوتين جنسيا! وتوظيفي للجنس ليس موجها لهؤلاء المصابين بالكبت والحرمان الجنسي· وليس للاغراء· ان هذا الاخير عمل تجاري· وانا لا أتاجر بكتاباتي·

* هل أنت نادم عما اقترفه؟وهل تخلصت من عقدة الذئب؟
- لم اتدم · ولا ينتابني اي شعور بالذنب· لا الآن ولا في السابق؟ ان الشعور بالذنب لا ينتج الا عن قصدية في الإجرام· واذا كنت قد رضعت بعض المحرمات فلأن غرائز الاشباع كانت اقوى من ضميري الاخلاقي· اننا لا نعرف مساوئ ما نقترفه من اثام الا بعد فوات الاوان· الانحراف الجنسي مثلا (بمعناه الشامل) لا نعرف مضاره، نظريا، الا بعد ان يترك عاهاته التي قد لا نبرأ منها·
ان مجتمعنا الذي يخلو من التربية الجنسية القويمة يضاعف من خلق الانحرافات المزمنة! "كل ماهو مباح لذيذ" هذه فلسفة من تربى مثلي في الشارع بعيدا عن القهر والتسلط الأسري· وهي ايضا فلسفة منقطعي الجذور!


10/21/2004

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى