أدب مغربي قديم في الأدب المغربي القديم : دعوة الحق - كراسي الأساتذة بجامعة القرويين -1-

مقدمة :
وهذه ظاهرة أخرى من مظاهر جامعية القرويين في العصرين : الوسيط والحديث، وتتمثل في وفرة عدد هذه الكراسي المخصصة بجامع القرويين وفروعه لكبار الأساتذة، والموقوفة لتدريس أمهات المصنفات في مختلف العلوم.(1)
وهو تقليد علمي وجد في الشرق أيضا، ومن هذا ما يحدث به ابن بطوطة2 عن (المدرسة المستنصرية) ببغداد حيث يقول :
".... وبها المذاهب الأربعة، لكل مذهب إيوان فيه المسجد وموضع التدريس، وجلوس المدرس في قبة من خشب صغيرة على كرسي عليه البسط".
ونذكر – أولا – أن ولاية كرسي التدريس بالقرويين تعتبر منصبا ساميا، ولهذا كانت لا تصدر إلا عن السلطان أو ولي عهده خاصة، كما سنرى هذا في العصر السعدي وأكثر العصر العلوي.
كما كان لهذه الكراسي أوقاف خاصة صادرة عن السلاطين أو الأفراد، وتوجد في حوالات القرويين عدة لوائح فيها أوقاف كراسي التدريس بجامع القرويين وغيره، وهذه واحدة منها تخص جامع القرويين، وقد وردت تراجمها هكذا :
أوقاف كراسي جامع القرويين :
- كرسي بالبلاط الثاني عن يمين الداخل من باب الكتبيين، للنحو
- كرسي التدريس قرب مصرية المفتي
- آخر يظهر الصومعة
- كرسي التدريس بظهر خصة العين
- كرسي التفسير
- كرسي التدريس بمستودع باب الحفاة
- كرسي الرسالة بمستودع باب الحفاة أيام الشتاء
- كرسي بمستودع ابن عباد
- كرسي البخاري للتدريس باعلا باب الرواح بالقرويين أسفل الأسبوع الأعلا3.
ومن الكراسي الأخرى التي لها أوقاف : كرسي صحيح البخاري بشرحه فتح الباري (وهو غير المتقدم في اللائحة)، وسنتحدث عن هذا ووقفه بعد، وجاء في (فهرسة) أبي العباس المنجور4 لدى ترجمة عبد الرحمن سقين :
(وكان يلازم أقراء العمدة والموطأ عند باب مصرية الخطيب بالجامع المذكور : "جامع الأندلس"، وهما من أوقاف الشيخ الخطيب الصالح أبي فارس عبد العزيز الورياغلي خطيب القرويين5، وحبس – أيضا – مثل ذلك بالقرويين).
وفي "تنبيه الصغير من الولدان"6 لما ذكر درس أستاذه أبي العباس أحمد بن علي الزموري في التفسير قال : (وكانت قراءته للتفسير المذكور بتفسير الإمام الفخر "الرازي"، لكون الحبس عليه كذلك).
وقد تساوق وجود هذه الكراسي مع جامعية القرويين، حيث يبتدئ ظهورها في العصر المريني الذي اكتملت به جامعية هذا المعهد، ويلاحظ أننا لا نظفر في هذا العصر بالوفرة التي صارت لهذه الكراسي بعد، ولعل مرد هذه القلة إلى زهد بعض علماء العصر المريني في مثل هذه المظاهر، وقد جاء في (المدخل)7 لابن الحاج ضمن أحد فصول آداب الدرس : (وما رأيت أحدا من علماء المغرب وفضلائهم يقعدون على حائل دون جلسائهم)، وفي (المعيار)8 للونشريسي يذكر أن اتخاذ الكراسي وإحداثها في المساجد للإقراء من أعظم البدع.
ويظهر أن من ترخص من العلماء في الجلوس على هذه الكراسي راعى رغبة المحبسين عليها، ورأى أن هذه البدعة لا تصل إلى حد التحريم، مع ما في ذلك من المعونة على أداء الدس للطالبين والمستفيدين، وقد تغلب هذا الموقف مع مر الزمن، فكثرت كراسي التدريس، وتوافرت أحباسها، وهذا ما سنلاحظه ابتداء من العصر الوطاسي.
وكما رأينا في لائحة حوالة القرويين فقد كانت هذه الكراسي تضاف للفن أو الكتاب المعني بالأمر، كما يلقب بعضها بكرسي التدريس، وهذه – فيما يظهر – لم تخصص لتدريس فن أو كتاب معين، وهناك كراسي تنسب لأفراد من مشاهير العلماء : مثل ما سيذكر من كرسي ابن غازي، وكرسي الونشريسي، وكرسي العبسي.
وكان للكراسي مواضع قارة بالمعاهد التي تنسب إليها، فمثلا في جامع القرويين – أثناء العصر السعدي – كان توزيع الكراسي حسب الأماكن التالية :
- مستودع باب الحفاة يمنة الداخل من هذا الباب.
- خلف الناحية التي تحمل اسم (ظهر الصومعة)
- بسرة الداخل من باب الموثقين
- قرب باب الكتبيين
- يمنة الداخل من باب عقبة السبطريين
- بالصف الأول يسرة الداخل من باب مسجد الجنائز
- يسرة الداخل من الباب المقابل لدرب ابن حبون بانحراف يسير
- الناحية المعروفة بـ "ظهر الخصة"
- مستودع ابن عباد9
وبعد هذا فإن الدروس الوقفية بما فيها ذات الكراسي، وكانت مدة القراءة فيها هي زمن الشتاء وأول الربيع، قال في "مرآة المحاسن"10 أثناء كلام : (وكانت القراءة على العادة في المغرب الأقصى في فصل الشتاء وأول فصل الربيع، وقد حلل هذه العادة الإمام محمد بن يوسف السنوسي11 هكذا :
(وجرت عوائد الشيوخ قديما وحديثا أن يجتهدوا في فصل الشتاء برد القليل من المسائل، وإفراغ الوسع في نقل ما للعلماء فيها، وتحقيق ما يخصها من مباحث وأنظار، ولا يسمحون لأنفسهم في هذا الفصل بشيء من البطالة، فإذا انصرم هذا الفصل أجمعوا أنفسهم بعض الإجمام، ثم شرعوا في إقراء الطلبة والمبالغة في نصيحتهم بقدر الإمكان، لا سيما طلبة المدرسة التي تضاف إليهم.
وعادتهم في سائر فصول السنة غير فصل الشتاء أن تسرد عليهم كثرة المسائل، ويقتصرون على بيان صورة كل مسألة، مع نقل ما لا بد منه عليها من المباحث والأقوال، وجل ما يعرض في ذلك من نظر وأشكال).
والآن – بعد هذه المقدمة – ها هي كراسي الترديس بجامعة القرويين نستعرضها ابتداء من العصر المريني.

في عصر بني مرين :
إذا استثنينا أواخر هذا العصر، واعتمدنا المصادر القليلة جدا في هذا الموضوع – فإننا لا نعثر في هذه الفترة إلا على ثلاثة كراسي للتدريس، وهي :

1) كرسي الونشريسي :
وهو أبو الربيع سليمان الونشريسي ثم الفاسي المتوفى بها عام 705 هـ 12 / 1306 / 1305 م 13، وكان – حسب جذوة الاقتباس 14 – يقرئ بجامع الأندلس، ويقوم على التفريع والمدونة.

2) كرسي أبي الحسن الصغير :
كان يدرس فيه "تهذيب البراذعي" في اختصار المدونة بجامع الأزدع15 الذي يعرف الآن الحي الواقع فيه بفندق اليهودي.
أما أستاذ الكرسي فهو أبو الحسن علي بن محمد ابن عبد الحق الزرويلي ثم الفاسي، المعروف بأبي الحسن الصغير، المتوفى بفاس عام 719 هـ16 1319 / 1320 م.

3) كرسي التهذيب بالمدرسة العنائية :
أنشأه أبو عنان المريني بهذه المدرسة بفاس ورشح للتدريس به أبا الحسن عليا الصرصري17.
وهذا آخر الكراسي المرينية الثلاث التي لا يعرف عنها تفصيلات أكثر، وهناك كرسيان أنشئا أواخر هذا العصر، وصارا ينسبان لابن غازي وعبد الواحد الونشريسي، وسيذكران في العصر التالي.

في عصر بني وطاس :
إن فهرسة المنجور هي المرجع الأول لهذا العصر، حيث أورد فيها مؤلفها عددا من الكراسي التي كان يدرس عليها أساتذته بفاس، وهي التالية :

4) كرسي ابن غازي :
وهو – في يظهر – من أوقاف أبي فارس الورياغلي السالفة الذكر بجامع القرويين، وقد تداول الدراسة به :
أ – أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن غازي العثماني المختاري المكناسي نزيل فاس والمتوفى بها عشية الأربعاء 9 جمادى الأولى عام 919 هـ 18 / 1513 م.
ب – محمد بن عبد الواحد الغزال تلميذ ابن غازي19.
ج – أحمد بن محمد بن محمد المعروف بابن جيدة المديوني الوهراني نزيل فاس، والمتوفى بها في رجب عام 951 هـ 20 / 1547 م، وقد كان يدرس به العمدة في الحديث والرسالة القيروانية.

5) كرسي البخاري بشرحه فتح الباري :
أنشأه السلطان أبو العباس أحمد بن محمد بن الشيخ الوطاسي، ليدرس به "الجامع الصحيح" للبخاري بشرحه "فتح الباري" لابن حجر العسقلاني، وقد حبس عليه لهذه الغاية نسخة من الشرح المذكور عام 847 هـ / 1443 – 1444 م، وهي مكتوبة بخط الحافظ محمد بن عبد الله بن عبد الجليل التنسي ومنقولة من خط ابن حجر نفسه.
أما موضع هذا الكرسي فقد كان عن يسار الطالع من الباب الذي بشرقي جامع القرويين والموالي للفندق الأكبر هناك على حد تعبير وثيقة التحبيس المكتوبة على أجزاء نسخة فتح الباري الآنفة الذكر، والتي لا تزال محفوظة بخزانة القرويين بفاس تحت رقم 10021.
وقد كان يدرس في هذا الكرسي الإمام الشهيد عبد الواحد بن أحمد بن يحيى الونشريسي ثم الفاسي المتوفى ليلة الاثنين 27 حجة عام 955 هـ 22 / 1549 م، قال المنجور في "فهرسته" أثناء ترجمة أستاذه هذا :
(وحضرت عنده ليالي كثيرة في مجلس البخاري بين المغرب والعشاء بالقرويين، ينقل عليه كلام فتح الباري ويستوفيه، لأنه شرط المحبس).
ومن فوق هذا الكرسي قبض على الونشريسي ثم أخرج من القرويين من باب الكتبيين حيث قتل أيام قيام السعديين، وقد جاء في تاريخ الدولة السعدية لمؤلف مجهول 23: أن موضع هذا الكرسي كان في ناحية باب الكتبيين.

6) كرسي الونشريسي :
وهو كرسي آخر كان يدرس فيه – أيضا – أبو محمد عبد الواحد الونشريسي بالغداة في القرويين، ويقرأ عليه تفسير القرآن الكريم ومختصر ابن الحاجب الفقهي، وقد ذكره المنجور في فهرسته دون أن يحدد موقعه، وتحدث عنه في ترجمة الونشريسي هكذا ك
(وقد حضرت على شيخنا أبي محمد هذا دولا من فرعي ابن الحاجب : واحدة من باب القضاء إلى آخره بكرسي الفداة بالقرويين).
ثم ذكر في ترجمة أبي عمر عثمان اللمطي : أنه كانه ملازما لكرسي التفسير وابن الحاجب للونشريسي.
وقد يكون هذا هو الذي صار يسمى كرسي الونشريسي بعد، وكان يدرس فيه الفقيه محمد بن أحمد الوهراني نزيل فاس والمتوفى بها عام 1013 هـ 24 / 1604 م.

7) كرسي التهذيب بالمدرسة المصباحية :
وأستاذه – أيضا – هو الإمام عبد الواحد الونشريسي الذي صار يدرس فيه هذا الكتاب بعد وفاة والده أبو العباس أحمد بن يحيى صاحب المعيار، والظاهر أن هذا الكرسي صار بعد للقاضي عبد الواحد الحميدي آتي الذكر، والذي كان يقرئ بهذه المدرسة تهذيب البرادعي قبيل صلاة الظهر25.

8 / 9) كرسيان للرسالة القيروانية :
وأستاذهما – معا – هو أبو محمد عبد الرحمن ابن محمد ابن إبراهيم الدكالي المشنزائي الفاسي المتوفى أول عام 962 هـ 26 / 1554 م، جاء في ترجمته من فهرسة المنجور :
(حضرت عند هذا الشيخ دولا من رسالة الشيخ أبي محمد – وكان له المزية فيها على سائر أهل عصره – مدة طويلة بكرسيه بين المغرب والعشاء بجامع القرويين .... وبكرسي الخميس والجمعة بعد صلاة الصبح به أيضا).
10) كرسي العبسي بجامع الأندلس :
وهو محمد بن أحمد بن عبد الله العبسي الفاسي المتوفى عام 965 27 / 1557 / 1558 م، قال المنجور في الفهرسة :
(حضرت عنده مجالس يعرب فيها القرآن، ويقرئ الألفية بنقل المرادي، ومختصر خليل، وشيئا من التفسير، ومن الدرر اللوامع : بكرسيه بجامع الأندلس).

العصر السعدي :
وسيكون مصدرنا الأساسي في هذا العهد هو الفصلة الدفينة داخل رسالة (تنبيه الصغير من الولدان .... 28، حيث تحدث فيها مؤلف الرسالة أبو سالم إبراهيم الكيلالي عن طائفة من الكراسي التي كانت بفاس وقت دراسته بها إبان المنصور السعدي، وهو – في هذا الصدد – يدقق أكثر من المنجور، ويقدم لائحة أطول، وسيقع تقديم هذه الكراسي مرتبة حسب وضعها في جامع القرويين، ثم يذكر الموجود منها بمعاهد فاس الأخرى :

في جامع القرويين
11) كرسي مستودع باب الحفاة :
موقعه يمنة الصاعد للمستودع الواقع عن يمين الداخل للقرويين من باب الحفاة، وقد تولى التدريس فيه :
أ – أبو العباس أحمد بن علي بن عبد الرحمن المنجور الفاسي المتوفى ليلة الاثنين 16 قعدة عام 995 هـ 29 / 1587 م، وكان يقرئ فيه التوحيد بقصيدة ابن زكري التلمساني : (محصل المقاصد) صبيحة يومي الخميس والجمعة.
ب – أبو القاسم بن محمد بن أبي النعيم الغساني الغرناطي ثم الفاسي المتوفى خامس قعدة عام 1032 هـ 30 / 1623 م، بتولية من المنصور السعدي بعد وفاة المنجور، وكان يدرس فيه – بين المغرب والعشاء – صفرى السنوسي وبعض الرسالة القيروانية، وبعد صلاة صبح يومي الخميس والجمعة قصيدة ابن زكري الآنفة الذكر.

12) كرسي السير :
موضعه خلف ظهر الصومعة، وأستاذه هو أبو العباس أحمد بن علي الزموري ثم الفاسي المتوفى ليلة السبت أول يوم من رجب عام 1001 هـ 31 / 1593 م، ثم تنازل عنه لتلميذه أبي الحسن علي بن عبد الرحمن بن أحمد بن عمران السلاسي ثم الفاسي المتوفى في شهر ربيع الثاني عام 1018 هـ 32 1609 م.

13) كرسي التفسير :
وكان موضعه يسار الداخل للقرويين من باب الموثقين، ولم يحدد مرجع هذا الموضوع وقت الدراسة به، وقد تداول القراءة عليه :
أ – أبو العباس أحمد المنجور الآنف الذكر.
ب – أبو زكرياء يحيى بن محمد السراج الحميري النفزي الفاسي المتوفى في 18 جمادى الأولى عام 1007 هـ 33 / 1598 م، بتوليه من محمد الشيخ ولي عهد أحمد المنصور السعدي ونائبه بفاس بعد وفاة المنجور.
ج – محمد بن قاسم بن محمد بن علي القصار القيسي الأندلسي الغرناطي ثم الفاسي المتوفى في رمضان عام 1012 هـ 34 1604 م، بتوليه من المنصور السعدي بعد وفاة السراج.

14) كرسي صحيح مسلم :
كان قرب باب الكتبيين، وكان يقرئ فيه :
أ – أبو العباس المنجور بين المغرب والعشاء، وقد وصف طريقته في تدريس هذا الكتاب ابن أبي محلى في الأصليت35 في القولة التالية :
(.... وأما علم الحديث : فقد وقفت ليلة واحدة بجامع القرويين، والإمام المنجور – رحمه الله – يومئذ على كرسيه بين المغرب والعشاء في الشتاء، يقرر في سند من أسانيد متونه، ويعرف برجاله، أما في مسلم "وهو الواقع" أو البخاري، لصغر سني وقلة علمي ساعتئذ، فما وعيت منه إلا صفة الإقراء، وكيفية ترتيب المقال، والبحث في أحوال السند بمعرفة رجاله علما ودينا وحفظا وبلدا وزمانا وغير ذلك مما يتعلق بالسند، حتى تتحقق براءته من قوادح الريبة، ثم يخوض بعدها فيما يخص المتن لفظا أولا، ومعنى ثانيا، وما فيه من الروايات، ومن يوافقه أو يخالفه في أهل الصحاح على ذلك عموما أو خصوصا، ثم يأتي بما يعين على فهمه من غيرها كالحسان وما قاربها من الأحاديث، لتقييد أو تعميم أو جمع بين متعارضين أو ترجيح أو تزييف أو تبيين أو نسخ، مما يشهد لمذهب من المذاهب بأرجحية أو ضدها، إلى غير ذلك من فوائد الفن بعد الإعراب واللغة واستنباط الأحكام).
ب – القاضي عبد الواحد بن أحمد الحميدي الفاسي المتوفى يوم السبت 18 ربيع الثاني عام 1003 هـ 36 / 1594 م، وقد صار إليه بعد وفاة المنجور بتولية من طرف ولي العهد محمد الشيخ بن المنصور السعدي.

15) كرسي ثاني للتفسير :
موضعه يمنة الداخل للقرويين من باب عقبة السبطريين وهو باب الصفر "الواقع في فسحة الكتبيين سابقا" وأستاذه هو أبو زكرياء يحيى السراج ثم تنازل عنه لأبي القاسم بن أبي النعيم، وقد مر ذكرهما معا، وكانت الدراسة في الصباح.

16) كرسي أسفل الأسبوع الأعلا 37:
وهو الواقع بالصف الأول يسرة الخارج من باب مسجد الجنائز، وقد تداول الدراسة فيه :
أ – أبو العباس المنجور سابق الذكر والذي كان يقرئ فيه بعد صلاة الظهر درسا لم يعينه مصدر هذا الموضوع.
ب – أبو القاسم بن أبي محمد قاسم بن محمد ابن سودة المري الغرناطي ثم الفاسي المتوفى يوم الجمعة 25 شوال عام 1004 هـ 38 / 1596 م، صار إليه بعد وفاة المنجور بتولية من المنصور السعدي، وقد كان يقرئ فيه – بعد صلاة الظهر – مختصر ابن الحاجب39 وصغرى السنوسي.
ج – ولما تولى هذا قضاء مراكش نفذه المنصور السعدي لولده أبي عبد الله محمد المتوفى عام 1015 هـ 40 / 1606 / 1607 م، قال في "الروضة المقصودة" 41 : ووقفت على ظهير السلطان أبي العباس المنصور، نفذ ما بيد والده من الأحباس، كراسي وغيرها، لما ولي والده قضاء مراكش في آخر عمره سنة ثلاث وألف).
د – وبعد وفاة هذا صار الكرسي لولده القاضي العدل أبي عبد الله محمد المتوفى صحوة الأحد 25 قعدة عام 1076 هـ 42 1666 م، قال في "الروضة المقصودة" أيضا : (وكان عالما متبحرا يدرس على كرسي والده وجده بمسجد القرويين في المعقول والمنقول والتفسير والحديث والفقه وفروع الأحكام ونوازل الفتوى والتصوف).
هذا كلام "الروضة المقصودة" الذي يفيد أن هذا الكرسي لم يكن – آنذاك – مخصصا بفن معين، ويظهر أنه خصص بعد بالحديث، حيث تسميه الحوالة السليمانية 43: "كرسي البخاري"، وسنعود للحديث عن هذا الكرسي في العصر العلوي بحول الله سبحانه.

17) الكرسي الشتوي للتفسير :
وكان موقعه يسرة الداخل للقرويين من الباب المقابل لدرب ابن حيون بانحراف يسير، وأستاذه هو القاضي عبد الواحد الحميدي سابق الذكر، الذي كان يقرئ عليه التفسير في فصل الشتاء.

18) كرسي ظهر الخصة :
وهي الناحية التي تحمل هذا الإسم شرقي صحن القرويين، وأستاذ هذا الكرسي هو أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد بن علي الشريف الحسني المري الأندلسي ثم التلمساني ثم الفاسي المتوفى عام 1018 هـ 44 / 1609 / 1610 م، وقد كان يدرس فيه الرسالة القيروانية بعد صلاة الصبح كل يوم.

19) كرسي المدونة :
وهو يقابل وجه الداخل لقبة هذه المدرسة، وكانت القراءة به في فصل الشتاء، وأستاذاه هما :
أ – أبو زكرياء يحيى السراج المتقدم
ب – محمد بن القاسم القصار السالف الذكر.

20) كرسي المرادي على الخلاصة :
ولا ندري هل هو نفس الكرسي السابق أو هو كرسي آخر وكانت الدراسة فيه بعد صلاة العصر، وأستاذاه هما :
أ – أبو العباس أحمد بن علي الزموري السابق الذكر.
ب – محمد بن قاسم القصار الذي تخلى عنه بعد هذا لغيره.

21) كرسي التفسير بجامع الأندلس :
وكان حسب "تنبيه الصغير من الولدان"45 مسندا إلى الحائط الواقع يمين الداخل لجامع الأندلس من الباب المقابلة لمدرسة الوادي، وعن يسار الداخل من الباب المقابلة للمدرسة الصغرى، وأستاذاه هما :
أ – أبو العباس الزموري المتكرر الذكر، وكانت قراءته بتفسير الفخر الرازي وقوفا مع رغبة المحبس، وقد أطال المصدر الآنف الذكر في وصف درس هذا الأستاذ، وذكر يوم ختمه للتفسير.
ب – محمد بن قاسم القصار، ثم تنازل عنه لغيره.

(1) هذا المقال تابع لموضوع (مدخل إلى تاريخ القرويين الفكري) المنشور ضمن (الكتاب الذهبي لجامعة القرويين) سنة 1379 هـ / 1960 م ص 182 / 187.
2 "تحفة النظار، في غرائب الأمصار، وعجائب الأسفار" ط مكتبة الحاج مصطفى محمد بمصر عام 1377 هـ ج 1 ص 141.
3 "الحوالة السليمانية" خ. ع. ورقم 23 ص 244 / 249 (فيلم).
4 نسخة خاصة.
5 ترجمته في "سلوة الأنفاس" ج 2 ص 80 / 81، وسأكتفي استقبالا بهذا المصدر في التراجم الآتية، حيث أنه في الغالب بديل الترجمة بأسماء المراجع الأخرى.
6 سيرد التعريف بهذا المصدر في التعليق رقم 28.
7 المطبعة الوطنية بالإسكندرية عام 1293 هـ ج 1 ص 164.
8 ج 2 ص 380.
9 هذا مأخوذ من رسالة "تنبيه الصغير من الولدان" التي سيرد التعريف بها في التعليق رقم 28.
10 ص 235.
11 "المعيار" للونشريسي ج 7 ص 238.
12 ترجمته مع ذكر الكرسي في "جذوة الاقتباس" ص 320 / 321، و"نيل الابتهاج" مطبعة المعاهد بمصر سنة 1351 هـ ص 119 / 120، وسلوة الأنفاس ج 3 ص 316 / 317.
13 هذه الموافقة مع الموافقات التالية مأخوذة من :
Tables de concordance des ères chrétienne et hégirienne – Troisième édition – Edition techniques nord – africaines – 22, zankat Zakonne – Rabat, 1961.
14 ص 320.
15 "الديباج المذهب" مطبعة المعاهد بمصر سنة 1351 هـ ص 212، "جذوة الاقتباس" ص 299.
16 ترجمته في "سلوة الأنفاس" ج 3 ص 147 / 149.
17 "أزهار الرياض" ج 3 ص 27) وقد أيهم في هذا المصدر اسم الصرصري وتعيينه مأخوذ من فهرسة انسراج نسخة المكتبة التطوانية بسلا.
18 ترجمته في "سلوة الأنفاس" ج 2 ص 73 / 77.
19 لم أقف على ترجمته، وإنما ورد ذكره في فهرسة المنجور لدى الحديث عن هذا الكرسي أثناء ترجمة أبي جيدة الوهراني حيث سمي بأبي عبد الله الغزال، وجاء ذكره – أيضا – عند ابن غازي في الإجازة التي كتبها بخطه له ولغيره أول فهرسته المكتوبة بخطه أيضا والمحفوظة في المكتبة الزيدانية بمكناس وقد سمي فيها بمحمد بن عبد الواحد أنظر "أتحاف أعلام الناس" ج 4 ص 11.
20 ترجمته في "سلوة الأنفاس" ج 3 ص 249 / 250.
21 "الخرانة العلمية بالمغرب للأستاذ الكبير محمد العابد الفاسي" ص 36.
22 ترجمة في "سلوة الأنفاس" ج 2 ص 146 / 148.
23 ص 13.
24 انظر رسالة "تنبيه الصغير من الولدان" النسخة الآتية الذكر ص 21، وعن ترجمة الوهراني ارجع إلى "ابتهاج القلوب" نخسة خاصة)، و(نشر المئاسي) ج : 1 ص 89.
25 تدريس الحميدي للتهذيب بهذه المدرسة وارد في "تنبيه الصغير من الولدان" النسخة الآتية الذكر، ص 18.
26 ترجمته في "سلوة الأنفاس" ج 2 ص 130 / 131.
27 ترجمته في "جذوة الاقتباس" ص 153 و "درة الحجال" رقم 636.
28 اسمها الكامل : "تنبيه الصغير من الولدان، على ما وقع في مسألة الهارب مع الهاربة من الهذيان لمدعي استحقاق الفتوى آجليان" ومؤلفها هو أبو سالم إبراهيم بن عبد الرحمن بن عيسى الشهير بالكلالي المزياني الأصل الورياكلي النشأة نزيل فاس ودفينها سنة 1047 هـ / 1637 م. توجد من هذه الرسالة نسخة واحدة بالخزانة العامة بالرباط أول مجموع يحمل رقم ك 571 من ص 1 إلى ص 30، أما الفصلة المعنية بالأمر فهي تشغل من هذه الرسالة من ص 15 إلى ص 22.
توجد ترجمة هذا المؤلف ومراجعها في "سلوة الأنفاس" ج 3 ص 256.
29 ترجمته في سلوة الأنفاس ج 3 ص 60 / 62.
30 ترجمته في سلوة الأنفاس ج 2 ص 104 / 105.
31 ترجمته في سلوة الأنفاس ج 1 ص 270 / 271.
32 ترجمته في سلوة الأنفاس ج 3 ص 312.
33 ترجمته في سلوة الأنفاس ج 2 ص 57 / 58.
34 ترجمته في "الإعلام بما حل بمراكش واغمات من الأعلام" ج 4 ص 227 / 233، وقد خلت من تاريخ وفاته وهي مذكورة في عدد من المراجع الواردة بهذا المصدر.
35 نسخة المكتبة الملكية بالرباط رقم 100.
36 ترجمته في سلوة الأنفاس ج 2 ص 60 / 61.
37 يقصد بالأسبوع الأعلا ما صار بعد يسمى : (مصرية المفتي).
38 ترجمته في سلوة الأنفاس ج 2 ص 61 / 62.
39 لم يوضح مصدر هذا الموضوع هل هو الأصلي أو الفرعي.
40 ترجمته في سلوة الأنفاس ج 3 ص 80 / 81.
41 نسخة المكتبة الأحمدية.
42 ترجمته في "سلوة الأنفاس" ج 3 ص 76 / 77.
43 انظر ص 2 من هذا المقال.
44 ترجمته في "سلوة الأنفاس" ج 3 ص 286.
45 ص 17 من النسخة السالفة الذكر مع نشر المثاني ج 1 ص 20 حيث ورد فيها نقل هذه الفقرة ببعض زيادة على النسخة المشار لها.

* دعوة الحق ع 86

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى