عبد العزيز الحيدر - موت البحيرة وانبثاقها.. قصة قصيرة

في هذه المفازات الممتدة في كل اتجاهات الغربة والوحشة,عيناه المتلصصتان كانتا تدوران بدهشة ,وخوف ,وترقب ..فيما ابدية الشموس الحارقة تضرب راسه وتجفف القطرات الاخيرة من عرقه..... وقبل ان يغلق او تغلق عينيه نوافذها المضفورة من الاشواك واغصان الغراقد اليابسة..ابتسم على الصور التي كانت تعرض في شاشة ذاكرته وهي تتصدع.....
كانت ممالك الطيور والنخيل والضفائر...وابناء ادم يصبحون على بعض..ويقلبون الصحف ويفتتحون عروض السينما القديمة...غير الملونه....الصحراء كانت مدنا..والكل كانوا
يمارسون لعب الرياح وعقارب الساعات..والمكننة وارتياد مقاهي الارصفة تحت شموس شتائية دافئة.. واحيانا الميتافيزيقا الكنسية المتغايرة في عفة شباب خجولين...تلك المفازات .كانت واحات زرقاء.. ونيونات حانات متلاعبة الالوان والانطفاء والتوقد...المفازات ليست في كل الاوقات هكذا... جرداء ...لان ذلك هو ما تختاره انت وتتخيله ...فيما اشواك التاريخ هنا تصرخ مغادره..مثله... تستغيث..رمالا ..وصخورا...وعطشا... جرداء ايتها الغافية في حضن كثيف الظلال..هنا كانت البحيرة الكبيرة ..الطافية فوق روؤسنا ..راسه كان يتحرك في الاتجاهات التي تلعب بها رياح ربيعية وردية وزرقاء..سماء مفتوحة..وافق اخضر...وامواجها تلعب بالارواح التي كانت اشجارا وبساتين واعشاشا عامرة القش والافراخ...واخيرا ....عجلات وقاطرات ومعامل ترتفع مداخنها...البحيرة الزرقاء في الرأس تكون عادة جميلة وهادئة ولكنها حين انزلقت باتجاه الرمال كانت هذه الرمال نفسها تبكى التغلغل النزق والعبثي باتجاه الموت الذي نما بصمت...وبصمت كانت الاوراق الصفراء الهشة الاخيرة تتمزق بين الانفاس الهزيله...فيما البحيرة مجددا تنبثق ..تتدفق.. تتمدد..تفرش جسدا عاريا متعالي الامواج....احتضن اخر الصور بصمت واستسلام وهدوء وانعدام الرغبة والارادة.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى