مبارك الراجي - سيرة في الرماد الأزرق

إهداء : إلى صديقي حسن الرموتي

أنا المشرّد الجميل
الذي شرب الحياة
من ثدي الزجاج المكسور
الذي عرف الحليب الأسْوَد
من قطر السّخام
و هتف والحياة
ما أنصع الجرح
في جراب الجمال
أنا المشرد الجميل
الذي آمن بالقطط والكلاب
و تعلّم السماء
من دموع النساء الملعونات
الذي جابته الشوارع، جابها
بحذاء يعج بالغمام
ورماد الأنجم المطفآت
أنا المشرد الجميل
الذي ليس في جيبه
إلا قهقهات الأشباح
و قصائد فرحة بالفراغ
أنا المشرد الجميل بلا عنوان
الغير المقيم إلا في مزنة الجرح
و الريح
المشرد الجميل الذي لم يعرف نفسه
إلا كما تعرّف شفرة الحلاقة جرحها الغائر
المشرد الجميل أنا
الذي أسال جرحا في قلب السراب
و قال أي هذا السراب هل ارتويت
تسللت المرأة العارية
من لوحة بيكاسو وحدث
في اصطباغ الريح
أن تيادينا معا
قفزنا من إطار اللوحة إلى الحياة
سافرت معي إلى آخر أكواريل النجمة
إلى آخر .. آخر بقاع نفسي
أنا المشرد الجميل
الذي رافق الموناليزا
إلى ابتسامة الحب الغامضة
خلسة عن تاريخ الفن
وقال لفان كوخ : مجدا لأذنك المقطوعة
من أجل عالم لا يسمع
أنا النجم الذي هوى
ليس لأنه مات ولكن
لأن في الهوة سؤالا فاتنا
أنا المشرد الجميل
الذي رأى قوس قزح في عينيه بليلا
و تشمّم دمع الفراش
الجريح في قميصه
المشرد الجميل الذي لم يعرف أمّه
ما عنّس في الذاكرة صورتها
لا داعي الآن لأدخل للمقبرة الداغلة
أبي و أمي
هما هذه النبتة الملتوية
تعشّبا معا أمامي
هذه النبتة الملتوية
هي هما معا في وضع عناق مزهر
كأنهما لم ينجباني بعد
ها يمسحان غمام العدم عني
ها يقترفاني الآن و هما يمارسان
يمارسان ملء مجهول الموت
شعر الحياة
أنا المشرد الجميل
صرختي الآن أكثر من صرخة
– ادوارد مونيش – في لوحة الصرخة
فوق كفي صرختي الأولى على الأرض
أعيدها إلى فمي
و أطلقها أمامكم طائرا حرا في الهواء
في الأسفل الصعب من جنوني
أسلّ صديقي مني
نتيادى معا
نصفّر أغنية أو جنونا
هكذا وحدي أجني نفسي
هكذا وحدي أقترف اللّا أحد .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى