عادل المعموري - موت العاشق الوحيد.. قصة قصيرة

خيول آهاته تصهل مع كل ترنيمة فجر جديد ،لعله يحظى برؤيتها في أعماقه يباب مجدب وفي مشاعره ثورة لايهدأ عابثيها.

أمواج تنهداته تملأ الأكوان بحثاً عن وسيلة ،تساقطت أوراق الشوق في بئر حرمانه، مرافئ حبه غادرتها شطأن اللقاء الغائر في ندبة المجرات البعيدة

كتب رسائل حب مغمسة بدم قلبه الموجوع ،عند الصباح يحرقها بلفحات أنفاسه،ثم يكتب غيرها في الليلة التالية.

يقف أمام صورتها التي رسمها من الخيال فيناجيها :من منحك حقوق تعذيب الآخرين؟ لِمَ هذه السادية أيتها النمرة المتوحشة ؟كلما تأمل ابتسامتها ..

أعاد رسم شفتيها بلون جديد ..وفرشاة جديدة ..كان يكلم الصورة كل يوم. والصورة ساكتة لا تحر جواباً، كيف سيتخطى الأسوار العالية ،ويعبر كثبان رمل حراستها المشدَّدة ،مرت عليه الفصول تباعاً ..وزهوره التي قطفها من الحديقة ..شابها الذبول ، الوصول اليها ضرب من المستحيل ..يراها كنقطة تعوم في عباب بحر عميق الغور ، منعوها من الخروج ..وقطعوا كل وسائل الإتصال بينه وبينها ، كلما أسرج ضوءه ، خبا بريق الأمل في لقياها .

أنزل أشرعته والقى مرساته ،واتجه الى بيتها ، قرر خوض المعركة النهائية .

أغتيلت حتى أحلامه ،ولم يتبق سوى تلك اللوحة الصامتة ، تمنى أن يحلق بجناحي نسر وبعانق أسوار مملكتها الحصينة أهلها رفضوه ،،وهددوه إن اقترب من بابها ..سيكون طعماً للغربان.

في تلك اليلة الماطرة ، قرر أن يذهب اليها ،وهو يعلم ان الحراس سيمنعوه من رؤيتها ،وربما سيقتلوه ،سيَّان عنده إن عانق الموت من أجلها

او الحبس ، وسوست له أحلامه أن يخرج في تلك الليلة الماطرة ،

في الظلام الحالك ،اشتعلت روحه الثائرة ، حرج منادياً ..ووقف قبلة البوابة الرئيسية ، وصرخ باسمها نادى مرة ومرتين ،لم يتحرك الحارسان.

نظرا اليه بسخرية صامتة .. تعب من الصراخ .. وعاد أدراجه ، دلف الى غرفته ،بعثر الوانه ،ورمى أدوات الرسم من النافذة ،ودنا من الصورة .

مدَّ أصابعه ومررها على خديها ..مسَّدَ شعرها الطويل الأشقر

خلع الصورة من اطارها الخشبي، ومزَّق القماشة ..بدا يمزقها ، قطعة قطعة .

خرج من غرفته ،واتجه ثانية الى بيتها ،ضاقت في فضائه شمس حريته وامتلأت عيناه بدمع الفجيعة ، خرج وهو يعلم انه لابد أن يكون اأو لا يكون .

اندفع كموج هائج ، دفعه اعصار مجنون .. جرفته روحه الظمآنة الى رحيق لا يعرف طعمه ..اما موت أو حياة ،صرخَ من جديد باعلى صوته أخذ يصرخ -اطفئي نار الشوق وأشعلي شموع الفرح فقد جئتك ،أتسمعينني ..أنا لا أخاف أحداً .

جئتكم من الباب ولم آت من الشباك ،على شريعة الرب ،بسطتُ يدي لكم

أين أنتِ؟ .رن هاتف أحد الحراس ..وضعه قرب أذنه ..القى نظرة جريئة باتجاهه.

هز رأسه وأبتسم بمكر ..رفع بندقيته وصوب ماسورتها نحوه.

ضغط على الزناد ..تهاوى الى الأرض محتضناً التراب وعيناه مازالتا تنظران الى البعيد …الى أمل ضاع في بحور اللا عودة …. الى الأبد.

عادل المعموري – بغداد

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى