أحمد ختّاوي - على مقربة من عشقها..

إلى يسرا وأيمن.. عشيقان فلسطنيان.. بمناسبة عيد الاضحى


…ولم يرفث. بل ارتفع منسوب عشقه كماء السدود الى ناصية ودّك، كما أبو ذر الغفاري وقد رفض ” صرة “ عثمان بن عفان التي أوفدها مع عبده لقاء عتقه، حين قال أبو ذر : في عتقك رقي

آوى إلى عشقه على مقربة من عشقك ، يتوسدعشقك لتتوسدي طوعا أو كراها أو قسرا عشقه…
يتوسد ملمس زر المذياع وأنت تنصتين لآهات “رفح “ وهي تخرج من جلدك.
أنت كذلك صرفت نظرك عن ” صرة ” منظمة غوت اللاجئين.
أجزم أنه لم يرفث.
وأنت أيضا لم ترفثي…
كانت أم شيماء على مقربة ” البيارة ” ، قبالة ذهب السموات السبع، فيما كانت جدائل ” يسرا ” تعبث ” بالعبث ” على مشارف القهر بمخيم ” جباليا “. تصفف شعرها ” البعثي بوجودية ” سارتر .
أجزم أن ” يسرا ” لم ترفث ، وسارتر أيضا عندما قال ذات مرة : (هناك قوة أقوى وأعلى ) لم يرفث.
يسرا الصغيرة على مقربة من الكانون تراجع دروسها وقد احتوت محفظتها “تلصصها” على قمر الزمان عند اكتمال البدر ،لم تخن قضيتها ، ولم ترفث.
فقط آوت إلى جحرها كما تؤم الغربان بياضها وقد يخرج غالبا من ” سوادها “
شعر “يسرا ” السنبلي يراوح مكانه، أم شيماء تغزل الصوف على مشارف المخيم ، و” أطونيو غرامشي ،يتصنت على مذياعك الذي وليت ظهرك عنه,
قرامشي لم يرفث أيضا ، هو صديق يسرا ، يجلس دوما إلى يسارها ، في زنزانته وزنزانتها يتضرع إلى أم شيماء لتغدقه بالبركات …
من قال ” غرامشي سليط اللسان ، قد رفث ، ومن أوى إلى جحره قد نجا ، أو لغى …أو تنصل من االهوى. ومن لغى فلا مساءات له.
غرامشي يصهل ، يسعل ولا يرفث, وأم شيماء تترقب البخور من أول نور ، من ثقاب ” الرفث ” وتواصل غزل الصوف,من ثقاب ” الرفث”
أم شيماء تلج ضوءها الاسود وتغيب إلى الابد دون أن ترفث هي الاخرى ,
يظل الدوار والغبار على مشارف العنة يدور كما البخور، كما الغبار كما الرفث …
أيمن أخوك من الرضاعة ، يا يسرا ، هو الاخر رضع رصاصة من يد مجهول فأرتده ” رفثا ، لم تمرغه الرصاصة بالتراب ، ولم ينقل على التابوت ، امتصته جدائلك يا يسرا ، تذكري ذات عيد أضحى ، لا تبكي ولا تستبكي ولا تقيمي المأتم على أم شيماء ، فإنها لن تعود لتصفف جدائلك مثلما تصفف وتغزل الصوف,
أم شيماء ابتلعها الحوت كما يونس عليه السلام ، وهي تجول بين ضفائرك وضياء الاماسي … تتهيأ للغسيل ,,للظفر بريشة حمامة تطير على مقربة من عشقك ، من ألقك من ”أرض البرتقال الجزين “(2) لغسان كنفاني.
يسرا ، أنا هنا بجوارك ، قال قرامشي ، لا تخافي ، قنديل الاماسي القادمة بين يدي ، صمتك أسري ، صمتك آسر ، لاتقترقبي من أيمن ، إنه ينزف عشقا ، لا تقتربي منه إنه ينزف غيظا عليك
أيمن يحبك ، ويحبني ،أيمن سيهديك عشقه ، وسأهديك أنا ما أملك من حليب ” عنزة” وستائر بيتك الصغير ، وضفيرة دميتك البلورية, القزحية،الشقراء ، سأهديك مساء عائما في الماء ، في التسابيح إلى غاية الفجر.
سأهديك كل هذا بمناسبة العيد ، عيد الاضحى ، لتنحري وتحرقي أشواقي وصهيل ” تأوهاتي” ولتوزعي ضياءك على مشارف المعمورة .
طوقته يسرا بمنديلها البنفسجي ،
لم ترفث حين قبلته وقبلت أيمن بحرارة ، وقبلت أم شيماء بفم ” الحوت ”
كان ”أيمن” على مقربة من عشقها، وهو مسجى، يداعب ما تبقى من ضفائر يسرا، يتوسدها وهي شظايا ,بين دموية النشيد والعشق ، وحليب العنزة الذي تدفق شلالا ليروي المساءات القادمة .


البليدة في 14/11/2010



هامش
أنطونيو قرامشي مفكر إيطالي ماركسي 1)
2/ أرض البرتقال الحزين / مجموعة قصصية لغسان كنفاني.


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى