زيتوني عبد القادر - البيت

كان الشارع فسيحا.. .. السماء داكنة تعد بمطر غزير. . . . كنت وحيدا .وكان القلب ضيقا. . . كنت امشي بخطوات ثقيلة كسلحفاة عجوز…مررت بدكان خضر وفواكه. . . أدرت نظري للجهة المعاكسة خوفا من يطالبني صاحبه بما له لدي من دين..وسترها الله لأنه كان منهمكا في خدمة زبائنه…لكن سرعان ما قابلني دكان جزار حارتنا وله الاخر ديون لي …تحاشيته (سمعت ندائه) تابعت سيري وعلى شفتي سؤال مرعب:
–الى متى التهرب.؟ * * *
تابغت سيري المتعثر ..شيء ما يكبل خطواتي …نظرات البقال , الجزار و… كلهم يلاحقونني ويقيدوا مساري…رحت اتحسر علىايامي التي تموت بسرعة مذهلة تنساب بانسيابية غريبة
ولا بوادر امل تلوح في الافق.. ..امدد خطواتي دائما الى الامام امني النفس بمستقبل اكثر غنى ورفاهية لكن أحلامي مفتونة بالتبخر.
لماذا. ؟

* * *

الاولاد كبروا .. كلهم بنات…لم ينجحن في الدراسة والذنب ليس ذنبهن…الزوجة شكاياها طالت…والحقيقة انها لم تنعم بالحياة كخلق الله…لم تزه في عرس ولا عرفت نزهة كجاراتها…وانا غارق في الديون.,.. ستقضم ظهري هذه الديون..؟
تابعت خطواتي السلحفاتية…اعبر من رصيف الى رصيف…ابحلق في واجهات المحلات العامة والخاصة… ياكل عيوني ما خلف الواجهات…اقمشة فاخرة…ماكولات وادوات تسيل اللعاب…امني النفس بالراتب الشهري..وعند استلامه تتوقف النفس عن أي امنية…الا متى سياتي الراتب الجديد؟

* * *

عشرون عاما وانا اكدح في هذه الوظيفة من اجل الرغيف لا غير…عشرون عاما وانا منهمك في تربية اولاد الناس …اربعون عاما عز الشباب كما يقولون…وهن العظم واشتعل الراس شيبا…شيء واحد تعودت عليه لا غير ..التحدث بحكمة و خلق لا يصغ لهما احد أي احد…
زوجتي اقلب حديثها راسا على عقب حين يقترب من الاراضي والعمارات والقروض ,والاعلانات التي تبثها التلفزة الوطنية يوميا حتى كلت وملت ورضخت لواقعها المربر…كانت كلما ذكرتني باهمية بناء بيت للاولاد, اطمانها بان البيوت ستكثر والحكومة ستوفر لكل مواطن بيت, بل اذهب احيانا في تخميناتي المعوجة الى اننا كشعب سياتي زمن تبقى فيه العمارات خالية ولن تجد الحكومة من يعمرها…؟

* * *
وبالفعل .. . كان الوقت يمر والمدينة تتطور بسرعة مذهلة… الناس تتوالد كالفطريات…تتكاثر العمارات… تقفز اسعار المنازل…الايجار…القطع الارضية…مواد البناء…وتبقى العمارات فارغة لغلائها.
اه لو سمعت كلام زوجتي…كنت انام نوم الفيلة ببلادة تامة…الناس (تقفز) وانا اتعاطى الحكمة في مملكة شعارها : (ان لم تكن ذئبا اكلتك الذئاب) .
اليوم …هاجر النوم اجفاني.. ابات احسب واترقب…صدا راسي بالارقام…ولا مخرج ؟؟؟
لعبت الرهان الرياضي وانا مقتنع بانه حرام؟ ولكن اعلل النفس بـــ …ولا بادرة امل.


* * *

منذ ايام طرق الباب صاحب البيت قال:
امامك شهر سازوج ابنتي
–ارمي اولادي للشارع لتزوج ابنتك؟
–ما ذنب ابنتي ؟ هل تتزوج في الشارع وبيت ابيها يحتله غريب شهر يدفع واشهر يماطل؟
افحمني الرجل والواقع , ولم اجد بدا من امهالي لابحث عن ايجار جديد…
وها انا الان امد خطواتي على الرصيف البارد.. . داخلي نار حامية احسها تلتهمني بهدوء وتأن.
وحرارة سؤال موجع : اما لهذا الكابوس من نهاية ولو بالمـ…. . . ؟


* المجلة الثقافية مجلة جزائرية

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى