مهند يونس - لعنة السيجارة

تطلّ من شباك بيت الجيران- الذي لم ألحظه سوى الآن- فتاة تبتسم بمكرٍ، أبتسم لها ببلاهة، تلقي بماء الغسيل فوق رأسي، ألتفت مرة أخرى وأحييها، أمشي بضع خطوات، وأتحسّر على نصف سيجارة، تحتبس في صدري.

أركب سيارة الأجرة، بجانب السائق الخمسيني، يبتسم لي، بثلاث أسنان أمامية، أستلُّ سيجارة لأشعلها، فيعترض بأن التدخين ممنوع، أرجعها إلى جيبي في حسرة، أستغرب، أشير إلى أسنانه، فيبرر، لقد أجّل قرار إقلاعه عن التدخين ثلاثين سنة حتى اللحظة!

أقترب من وصولي للجامعة، أبصر جمهرة أمام مفترق الأزهر، يبدو أنها للعاطلين عن العمل والأمل، أشعل السيجارة اللعينة أخيرًا، أجد امرأة تقف إلى جانبي، تتأملني وعيناها مغرورقتان بالدموع، أبادلها النظر، لكنها لا تكف، أستفهم: أنت تشبه ابني الأسير، حتى طريقة إشعال السيجارة ونفث دخانها.

أقرر أن أقلع عن التدخين، لا بد لتلك المصادفات من معنى. ألقي بعلبة السجائر على الإسفلت، أرى عشرة

شواقل تنسحق تحت عجلات السيارات، أخيرًا أصل إلى الطابق الخامس، كلية الصيدلة، يسألني صديقي: معك سيجارة؟

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى