محمود رزق سليم - البردة وأثرها في الأدب العربي

البردة هي القصيدة البارعة المشهورة التي نظمها شرف الدين البوصيري المتوفى عام 695 هـ في مدح النبي عليه الصلاة والسلام. وقد ولد البوصيري عام 608هـ في (دلاص)، ونزح منها صغيرا مع أمه إلى (بوصير) وكلتا القريتين من بني سويف. وقد نسب البوصيري وأهل الإسكندرية الآن يقولون: (الأباصيري).

وقد عاش البوصيري متكسبا بالكتابة في دواوين الدولة، متنقلا فيها من مدينة إلى أخرى وعاني في هذه الدواوين كثيرا من عنت كتابها ورؤسائها. وقد سجل ألوانا من فسادهم في إحدى قصائده، فأصبحت بذلك ذات قيمة تاريخية ثمينة.

وكان بالبوصيري ميل إلى النسك والزهد، ويبدو أن هذا الميل هو الذي أغرى به رؤساءه فمنعوه أحيانا مرتبه. وقد كانت خاتمة مطافه بالإسكندرية حيث مات ودفن وبها قبره ومسجده الشهير.

والبوصيري من أصل مغربي، يمت إلى صنهاجة إحدى القبائل البربريه بالمغرب الأقصى ولكنه مصري المولد والإقامة. وقد قرض الشعر حتى عد من مشهوري شعراء مصر في القرن السابع الهجري ولم يكسب هذه الشهرة من لفظ رائع أو أسلوب بارع أو معان يلفتك جمال صورتها، ويأسرك رونق جدتها؛ ولكنه كسبها من خصوصيات ومزايا ندرت نظائرها في غيره من الشعراء. . . كتسجيلاته الشعرية لبعض حوادث عصره، وصورة الاجتماعية.

والبردة أحد هذه الخصوصيات. فإن تلك الصوفية التي بدت فيها وفي غيرها من مدائحه النبوية، أثر من آثار الحياة الروحية التي نزع إليها بعض الناس في هذا العصر امتدادا لنظيرتها في العصر الأيوبي الذي عاش فيه ابن الرفارض الشاعر المتصوف المشهور. وقد كانت تلك الحياة بمثابة رد فعل لما انتشر بين المسلمين من مفاسد كثيرة. غير أن ابن الفارض اتجه بشعره إلى الغزل الإلهي، بينما انصرف البوصيري إلى الغزل النبوي. فبردته بما فيها من وجد وحنين ولهفة وشوق، ودموع وذكر ديار، أقرب إلى باب الغز منها إلى باب المديح أو الشعر الذهبي. وهذا هو الفن الشعري الجديد الذي ولده البوصيري في الشعر العربي، فكان بذلك فذا بين شعراء المديح النبوي من لدن الأعشى وكعب وحسان ومن بعدهم.

ونزعة الحب التي نلمسها في نفس البوصيري تفسر لنا في يسر وسهولة تلك الأوصاف التي تشهدها في ثنايا البردة وغيرها، يقدس بها الرسول، ويضفي عليههالات من السمو، وبخاصة إذا قرن اسم الكريم باسم غيره من أنبياء وملائكة، وقد يعيبها عليه بعض النقاد ويعتبرونها مبالغات لا داعي إليها، بينما هي في قرارة نفس الشاعر، أضيق الألفاظ وأيسر الأساليب التي تعبر عما فيها من إحساس صادق وشعور دافق، هو وليد الحب الخالص الصراح الذي لا شائبة فيه. فقدسه المحبوب والتسامي به. أبسط مظاهر الحب الصادق.

لم يكن البوصيري - فيما اعتقد - شاعراً طماحاً إلى الشهرة يسعى إليها عن طريق شعره، ولذلك لم يتكسب به، ولم يسع إلى باب من أبواب الرؤساء. وكذلك لم يكن يعنيه أن يكون شعره جيداً بديع النظم رائع الأسلوب، بقدر ما كان يعنيه أن يكون صدى لما في نفسه، ورجعا لهجسات فؤاده. فأغلب شعره شعر شخصي يسجل خواطره الشاعر وأحاسيسه النفسية. وقد خرج البوصيري مرة عن طبيعته، فنظم قصيدة غزلية وروى حكاية له مع جارية حسناء، فدل ما فيها من الغزل الساذج وحيله البدائية، على أن الرجل مقلد في غزله، أن الغزل ليس أصيلا في نفسه. - أما غزله النبوي وبخاصة في البردة، فإن شخصيته تبدو فيه ناطقة وثابة في كل بيت. فالبردة منظومة نفسية حاشت بها نفس الشاعر في الباطن، وعلق عليها آمالا، قبل أن يتحرك بها لسانه ويجنح إليها في الظاهر - وهذا أيضاً يفسر لنا الرؤى التي رآها البوصيري وأصحابه، متصلة بها هذا الرجل أن يعالج نفسه من فالجه الذي أصابه. فإنه لما حار في علاجه فكر في نظم قصيدة نبوية، يستشفع بها الله أن يعافيه. فنظمها وكرر إنشادها ثم بكى ودعا وتوسل ونام، فرأى النبي عليه الصلاة والسلام في نومه فمسح بيده المباركة على مكان دائه، وألقى عليه (بردة) فانتبه من نومه وفيه نهضة وأحس بالشفاء.

ونحن لا نرتاب في صحة الأحاديث النبوية المتصلة برؤيته الشريفة، فقد روى البخاري عن أبي هريرة أن النبي عليه السلام قال: (تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي، ومن رآني في المنام فقد رآني حقا، فإن الشيطان لا يتمثل على صورتي، ومن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار). وبعد فهل كان البوصيري كاذبا في دعوى الرؤيا؟ هذه مسألة يخشى من ينصف نفسه أن يجازف بالحكم فيها على غير ظاهرها، وبخاصة أن البوصيري يعلم أن من كذب على النبي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار.

ليس هناك ما يمنع البوصيري من أن يرى النبي في نومه، وليس هناك كذلك ما يمنع من أن يشفى من فالجه بسبب قصيدته؛ وقصيدة البردة - وبعضهم يسميها البرءة - لا تشفى ولا تبرئ من سقم. فالله سبحانه وحده واهب البرء والشفاء. ولكن إذا اخلص مريض النية، واتجه إلى الله بقلب مؤمن ودعاه واستشفع بالنبي عليه السلام، أو بتلاوة القرآن، أو قراءة البردة او نحوها، فليس هناك ما يمنع أن الله يستجيب الدعاء. والمريض في حاجة قصوى إلى مثل هذه المعنوية يعين بها طبيبه على علاجه.

وأطلق لفظ (البردة) على قصيدة البوصيري، لما لابس نظمها والاستشفاع بها من ذكر بردة النبي عليه السلام. وقد روى أن الصاحب بهاء الدين بن حنا - وكان صديقا للبوصيري - أحتفظ نسخة من القصيدة لديه. ثم أصيب سعد الدين الفراارقي برمد اشرف منه على العمى، فرآى في المنام هاتفا يدعوه إلى الصاحب بهاء الدين ليأخذ منه (البردة) ويضعها على عينيه فيشفى بإذن الله، فذهب إلى الصاحب وطلب منه (البردة)، فقال له الصاحب (ما أعرف عندي من أثر النبي صلى الله عليه وسلم بردة). ثم تذكر قصيدة البوصيري، فقال لعلها المراد بالبردة، وأعطاه إياه. ومن ثم سميت القصيدة بالبردة.

وبعد، فأبيات البردة نحو مائة وستين بيتاً. وهي أجود مدائح البوصيري وأسلسلها أسلوبا وأرقاها عبارة وأكثرها رونقا، وأجمعها أغراضاً وأروعها أمثالاً وأوفرها معاني تنشدها العامة وتكرر إنشاءها في مناسبات كثيرة تيمنا بذكر ممدوحها، ومن شأن التكرار في مثل هذه المناسبات أن يعقب الملل، ويورث النفور، ويبعث على الإبتذال، ومع ذلك لا تزال القصيدة محبوبة أثيرة عند العارفين.

وقد تناول الشاعر فيها - فضلا عن ذكر الديار والأحبة ووصف الشوق والحنين، والنزع الصوفي والدعوة إلى الزهد والتحذير من الهوى إلى غير ذلك - موضوعات السيرة النبوية وما امتاز به الرسول الكريم من عظيم الصفات، وهذه الموضوعات منثورة في كتب السيرة، فليس الشاعر هنا فضل ابتكار، وإنما فضله في نظمها هذا النظم السائغ حتى انحدرت إلى الأسماع جميلة الإيقاع، ورددها اللسان رائعة الألحان. وقد زودها الشاعر ببعض الحلي البديعة التي لا يمل وسواسها ولا يثقل جرسها.

قال في المطلع:

أمن تذكر جيران بذي سلم ... مزجت دمعا جرى من مقلة بدم

أم هبت الريح من تلقاء كاظمة ... وأومض البرق في الظلماء من أضم

فما لعينيك إن قلت اكففا هتما ... وما لقلبك إن قلت استفق يهم

وقال في التحذير من هو النفس:

وخالف النفس والشيطان واعصهما ... وإن هما محضاك النصح فاتهم

ولا تطع منهما خصما ولا حكما ... فأنت تعرف كيد الخصم والحكم

وقد تناول الحديث عن (النفس) في عدة أبيات تصلح للدراسة النفسية، يتناول فيها الدارس مسألة الغرائز وتربيتها، والعادات وتكوينها، بما لا يقل في جملته عن الدراسات النفسية الحديثة. ومن هذه الأبيات قوله عن النفس بعد أبيات عن المشيب:

من لي برد جماح من غوايتها ... كما يرد جماح الخيل باللجم

فلا ترم بالمعاصي كسر شهوتها ... إن الطعام يقوى شهوة النهم

والنفس كالطفل إن تهمله شب على ... حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم

ومن أبياته في وصف الرسول عليه السلام قوله:

ظلمت سنة من أحيا الظلام إلى ... أن اشتكت قدماه الضر من ورم

وشد من سغب أحشاءه وطوى ... تحت الحجارة كشحاً مترف الأدم

وراودته الجبال الشم من ذهب ... عن نفسه فأراها أيما شمم

وبعد، فإن الحديث لا يتسع لإيراد أبيات هذه القصيدة الفريدة، التي كان نظمها فتحا مبينا في الأدب العربي، أفاء عليه ثروة لولا هـ ما فتحت مغالق كنوزها. لا تغلو في ذلك ولا نبالغ. والحق أ، البردة بحاجة إلى رسالة مستقلة تتحدث عنها وعن أثرها، وقد تناولها الدكتور النابه زكي مبارك بالحديث في كتابه الممتع (المدائح النبوية)؛ ولكن إذا علمنا أن البردة قد وضعت لها شروح عدة، وعورضت، وشطرت، وخمست، وسبعت، ووضعت شروح أخرى لكثير من هذه المنظومات الناشئة عنها، علمنا أي ولوع ذلك انتاب الشعراء والكتاب بالبردة من لدن عهد البوصيري إلى عهد أمير الشعراء شوقي بك، وعملنا أي إيجاز مخل ذلك الذي نتوخاه هنا في هذه العجالة ونحن نتصدى للحديث عن أثر البردة في الأدب العربي.

وفي دار الكتب المصرية، ودور الكتب في الأقليم، وفي كشف الظنون وكتب التراجم وتاريخ آداب العربية لجورجي زيدان، وفي غير ذلك من المظان إشارات إلى مؤلفات شعرية ونثرية، كانت البردة سماء وحيها ومتنزل إلهامها. وهي في انتظار البحث وترقب التمحيص. ولا تضاهي البردة في هذا الفتح قصيدة أخرى.

وفي الحق أن بعض القصائد العربية حظيت بنصيب من مثل هذه العناية فشرحت أو عورضت أو نحو ذلك، مثل (بانت سعاد) ولامية العجم، ولامية ابن الوردي. ولكن لم تبلغ إحداها شأو البردة، ولا شقت غبارها. - وتذكر هنا بعض هذه المؤلفات على سبيل المثال والاستدلال. منوهين قبل ذكرها، بان هذا الفن الشعري الجديد - وهو الغزل النبوي - قد سرت روحه في كثير من شعراء المديح النبوي بعد البوصيري، بل في جميع الشعراء، وقد قضى نهجه الجديد على نهج من تقدمه من شعراء هذا المديح، وتأثر به - بلا ريب - ابن نباته وابن حجر وغيرهما في نبوياتهم. هذا وممن شرح البردة: الشيخ الباجوري المتوفى (1198هـ) وحاشيته مشهورة، والشيخ خالد الأزهري المتوفى (905هـ)، ومن شراحها الجلال المحلي المتوفى (814هـ) وشمس الدين بن الصائغ (776هـ) وزين الدين زكريا الأنصاري (926هـ) شهاب الدين الأقفهي المعروف بابن العماد (808هـ) وعلاء الدين مصنفك (775هـ) وشهاب الدين القسطلاني (923هـ) وأبو عبد الله المرزوقي المغربي (781هـ).

وقد عارض البردة كثيرون، ومن أبرزهم في العصر الحديث: البلوودي في قصيدته (كشف الغمة) وهي نحو 450 بيتا، وشوقي في قصيدته (نهج البردة). - ومن أبرزهم في العصر المملوكي وما بعده ايضا، أصحاب البديعيات. والقصيدة البديعية - كما نعتقد - منظومة عارض بها ناظمها بردة البوصيري، فالتزم بحرها ورويها وعرضها، على أن هذا الغرض - وهو المديح النبوي - ليس الهدف الأول من المعارضة، وإنما إيراد الأنواع البديعية هو الهدف الأول المقصود.

أما المديح فقد كان من أهم المشهيات التي جذبت أصحاب البديعيات إلى النهج البوصيري والنظم على نمط البردة. وقد التزموا أن يضمنوا كل بيت من أبيات البديعية ضربا من ضروب البديع، وزاد عز الدين الموصلي هذا الالتزام بأن التزم التوربة بكلمة ما عن اسم الضرب البديعي المضمن. فأصبحت قيود البديعية خمسة، غير أن القيد الخامس لم يلتزمه كثير من البديعيين. وفي الوقت نفسه ترى أبياتا في بديعية عز الدين اقتصر فيها على التورية باسم النوع البديعي دون ذكر مثاله.

وقد نظم بعض الأدباء فيما بعد، بديعيات لم يلتزموا فيها بحر البردة ورويها وغرضها، وهذا في رأينا انحراف عن الشروط الأولى للبديعية، وخروج بها عن جادتها الأصلية.

ومن أصحاب البديعيات: صفي الدين الحلي (750هـ)، وابن جابر الأندلسي الضرير (780هـ) وعز الدين الموصلي (789هـ) وتقي الدين حجة الحموي (837هـ) وشرف الدين بن المقري اليمني (837هـ) وتاج الدين بن عربشاه (901هـ) والجلال السيوطي (911هـ) وعائشة الباعونية (930هـ) ولها بديعيتان وعبد الغني النابلسي (1143هـ) وله بديعيتان ايضا.

ومبتكر فن البديعيات، صفي الدين الحلي، وقد صرح بذلك في مقدمة بديعيته، وروى رؤيا ذات شبه برؤيا البوصيري، وذلك أنه عرته علة طالت مدتها واشتدت شدتها، فرأى النبي عليه الصلاة والسلام في نومه، يتقاضاه المدح ويعده البرء. فنظم على إثر ذلك بديعيته. ومن يقرأ ديوان الحلي يشعر أن الرجل قد طاع له من البديع ذهبه، ولان حديده، فاستطاع أن يبتدع في صوغه حلى قل أن يجاريه في صوغها شاعر.

وهذا مما يؤكد دعواه في ابتكار فن البديعيات._على أن الدكتور زكي مبارك في كتابه (المدائح النبوية) رأى أن مبتكر هذا الفن هو ابن جابر الأندلسي، ولم يقم وزنا لهذه النزعة البديعية الجارفة التي طغت على نفس صفي الدين ودعنه إلى التجديد في البديع، ولا لسبقه ابن جابر في الوفاة بنحو ثلاثين عاما. وقد عقب على ما ذهب إليه الدكتور، زميلنا الفاضل الأستاذ أحمد موسى المدرس في كلية اللغة العربية، فكتب فصلا ممتعا عن البديعيات، في رسالته الشائقة (الصبغ البديعي). وقد كشف كشفا في هذا الموضوع له خطره؛ إذ وجد أن الشاعر أمين الدين السليماني الأربيلي المتوفى عام 670هـ، قد نظم قصيدة غزلية في ستة وثلاثين بيتا، في كل بيت منها نوع بديعي، وعزز الأستاذ كشفه بما رواه ابن معصوم المتوفى عام1120هـ شرحا على بديعيته من (أنه كان يظن أن صفي الدين أول من نظم أنواع البديع على هذا الأسلوب حتى وقف على قصيدة أمين الدين السليماني).

ورأى الأستاذ أن أمين الدين المذكور هو مبتكر فن البديعيات. - على أني أعتقد أن المسألة لا تزال عند موقفها الأول، وأن كفة صفي الدين لا تزال الراجحة. وأن الفارق بين أمين الدين وصفي الدين في ابتكار فن البديعيات، كالفارق بين زهير وأبي تمام أو المتنبي في أبتكار الحكمة، وأنتترى صفي الدين في مقدمة بديعيته يقول إنها نتيجة لدراسة سبعين كتابا في فن البديع.

وبعد، فأي خطر للبديعيات، حتى نعني بها كل هذه العناية؟ البديعيات - على أي حال - فن شعري جديد في حينه بلغت به النزعة البديعية فمنها شعرا، كما بلغتها بالمقامات نثرا.

هذا إلى أن البديعيات نمط من شعر العلوم والفنون، لم يطرق قبل هذا العصر. ومنزلة البديعية في علم البديع، كمنزلة ألفية أبن مالك - مثلا - في علمي النحو والصرف. - هذا إلى أن كثيراً من البديعيات وضعت لها شروح قيمة فأضافت بذلك ثروة جديدة إلى علوم البلاغة والأدب، ومن أجل شروحها (خزانة الأدب) لتقي الدين بن حدة الحموي.

هذا. وقد شطر البردة كثير من الأدباء. منهم في عصرنا الحديث: عبد العزيز باشا محمد، ومحمد بك فرغلى، ومنهم الشيخ أحمد بن شرقاوى الخلفى (1316هـ) والشيخ أحمد بن عبد الوهاب الجرجاوى (1254هـ) وأحمد بن عثمان العوامي الزبيري، فرغ من تشطيره عام (1201هـ) والشيخ أحمد الحفظي اليمنىـ كان حياً عام 1293هـ ـ. وخمسها بعض الأدباء ومنهم محمد بك فرغلي، ومنهم زين الدين طاهر بن حبيب الحلبي (808هـ) ومجد الدين إسماعيل الكناني القاهري (802هـ) وبرهان الدين البهنسي (846هـ) وفتح الدين بن الشهيد (793هـ) وزين الدين القرشي (828هـ) وشمس الدين محمد الفيومي ـ لعله من أدباء القرن التاسع ـ وعبد الرحيم السيوطي المالكي الجرجاوي توفي بعد عام (1320هـ) وفي دار الكتب المصرية مجموعة خطية بها تسعة وستون تخميسا من بينها تخميس لابن حجة الحموي. ومجموعة أخرى خطية بها ثلاثون تخميسا.

وسبعها بعض الأدباء، ومنهم الشيخ محمد الملطي المصري الخلوتي، من علماء القرن الحادي عشر الهجري. وقد التزم أن يبدأ كل تسبيعة بلفظ (محمد) والقاضي ناصر الدين اليضاوي (696هـ) والتزم أن يبدأ كل تسبيعة بلفظ الجلالة.

وهناك شك في نسبة التسبيع إلى البيضاوي، فقد نسب إليه مرة، ونسب إلى الأمير عثمان بك؟ مرة، ونسب إلى شهاب الدين احمد بن عبد الله المالكي المكي مرة أخرى. وقد قرأت هذا التسبيع نفسه في دار اكتب بالمنصورة منسوبا إلى أديب اسمه صلاح الدين احمد بن محمد الرفاء الدمشقي، وهو بها مخطوط (رقم 1172هـ) فمسألة هذا التسبيع تحتاج إلى شئ من التحقيق.

وبعد، فها نحن أولاء نرى من حديثنا الوجيز عن البردة أنها استطاعت وحدها أن تنشئ دولة كبرى لها جنودها وعتادها. وأن الدولة كانت ذات صوله في العصر المملوكي. ثم اخذ ظلها يتقلص شيئا فشيئاً، حتى كادت أحداث العصر الحديث الجارفة تعفي آثارها وتطمس أخبارها.

محمد رزق سليم
مدرس الأدب بكلية اللغة العربية


مجلة الرسالة - العدد 799
بتاريخ: 25 - 10 - 1948

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى