أحمد البدري - النرد

الضوء الخافت يسرقني؛ فأحتسي قليلا من المشروبات الساخنة، صوت النادل يقتل شرودي، أنظر إلي رفيقي وقد احتوته الشاشة الزرقاء تداعب أنامله فترقص بسمة خجلي علي شفتيه، أعاود النظر إلي عينيه الغارقتين في لهيب الحلم المتأرجح ، عالمه الافتراضي أشد قسوة علي قلبه من واقعي الذي يسرق ذهني، حلمه أعرج يرقص علي نبضات حروف مائعة، واقعي قاتم جدا لا بد من ثقب جداره الأسود ربما ينبثق شعاع أمل يعيد لذهني الصفاء، يتأرجح صديقي بين شدو الكلمات، يهمس لي بصوت خافت أو هكذا ظننت، صوته البائس يكسر شاشته الزرقاء يظن أنها تنتظره ،لا يعلم صديقي أنها ربما سرقت حلمه الرث وهربت إلي مخدعها تسرج من حروفه لؤلؤ تقيد نور البدر الساطع علي شاشته، هي الآن تستحم بعبق حرفه المسافر بين أوردته، هو يرتل حزنا مقيما في عينيها كما يظن، أخذه الحنين فرسم عينيها بأحرف صماء لا تنبئ عن شيء ،تركته وسافرت إلي أحزاني العمر يطير بلا أجنحة، أكاد أن أسمع الملائكة يغلقون دفاترهم وصديقي ما زال يكتب شعره المتردي من معاركه الخاسرة كل يوم يلبسه رداءً جديدًا، استنشق ذرات الهواء الساخنة بالكاد تشق حلقومي، أتجرع المشروبات لعلها تفك أنفاسي الأسيرة بين صدري المثقل بالأمراض ورأسي طريحة الأفكار السوداء، لاعب النرد يصيح لقد انتهت اللعبة، صديقي لا يصدق أن حلمه سراب وأن شاشته الممغنطة لا تتوافق مع أنامله العجفاء، أضم خوفي أتوسده ..أشرع في الرحيل تاركا صديقي يكتب علي حافة عينيها غرقه، أمد يدي إليه أنتشله ينهرني، تتصلب أقدامي ترتعش سواعدي ..أروح في سبات عميق.



* نشرت بجريدة أخبار الأدب

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى