محمد إسعاف النشاشيبي - نقل الأديب

487 - مثاقف

يتيمة الثعالبي: سمعت عونا الهمذاني يقول: أتى الصاحب ابن عباد بغلام مثاقف. فلعب بين يديه. فاستحسن صورته وأعجب بمثاقفته. فقال لأصحابه: قولوا في وصفه، فلم يصنعوا شيئاً. فقال الصاحب:

ومثاقف في غاية الحذق ... فاق حسان الغرب والشرق
شبهته والسيف في كفه ... بالبدر إذ يلعب بالبرق

479 - راقص

قال ابن خروف في غلام جميل الصورة راقص:

ومنزّع الحركات يلعب بالذهى ... لبس المحاسن عند خلع لباسه
متأوّد كالغصن وسط رياضه ... متلاعب كالضبي عند كناسه
بالعقل يلعب مدبراً أو مقبلاً ... كالدهر يلعب كيف شاء بناسه
وبضم للقدمين منه رأسه ... كالسيف ضُمّ ذبابه لرياسه

480 - وان غلبه العدو لم يغلبه حقير

قال لسان الدين بن الخطيب: حضرت يوما بين يدي السلطان أبي عنان في بعض وفاداتي عليه، وجرى ذكر بعض أعدائه فقلت ما أعتقده في إطراء ذلك العدو، وما عرفته من فضله. فأنكر عليّ بعضَ الحاضرين ممن لا يحطب إلا في حبل السلطان. فصرفت وجهي وقلت: أيدكم الله! تحقير عدو السلطان بين يديه ليس من السياسة في شيء بل غير ذلك أحق؛ فإن كان السلطان غلب عدوَّه كان قد غلب غير حقير، وهو الأولى بفخره وجلالة قدره، وإن غلبه العدو لم يغلبه حقير فيكون أشد للحسرة وآكد للفضيحة. فوافق - رحمه الله - على ذلك واستحسنه، وشكر عليه، وخجل المعترض.

481 - تفتضح العشاق وقت الرحيل

قال ابن السكيت: عزم محمد بن عبد الله بن طاهر على الحج. فخرجت إليه جارية له شاعرة فبكت لما رأت آلة السفر. فقال:

دمعةٌ كاللؤلؤ الرّطْ ... بِ على الخدّ الأسيل
هطلتْ في ساعة البي ... نِ من الطرف الكحيل

فقال مجيزة:

حين همّ القمرُ البا ... هرُ عنّا بالأفول
إنما تفتضحُ العشّ ... اقُ في وقت الرحيل

482 - تغافل كأنك واسطي

في (معجم البلدان وخزانة البغدادي): شرع الحجاج في عمارة واسط سنة (84). ولما فرغ منها سنة (86) كتب إلى عبد الملك: (إني اتخذت مدينة في كرش من الأرض بين الجبل والمصرين وسميتها واسط)؛ ولذلك سمي أهل واسط: (الكرشيين) فكان إذا مر أحدهم بالبصرة نادوا: يا كرشي فيتغافل ويرى أنه لا يسمع أو أن الخطاب ليس معه. فقيل: تغافل واسطي، وتغافل كأنك واسطي. ولفضل الرقاشي:

تركت عيادتي ونسيت برى ... وقدماً كنت بي براً حفيا
فما هذا التغافل يا ابن عيسى ... أظنك صرت بعدي واسطيا

483 - ولكن قذاها زائر لا نحبه

في الأغاني: بينا الأخطل جالس عند امرأة من قومه، وكان أهل البدو إذ ذاك يتحدث رجالهم إلى النساء لا يرون بذلك باسا وبين يديه باطية شراب، والمرأة تحدثه وهو يشرب. . . إذ دخل رجل فجلس. فثقل على الأخطل وكره أن يقول له: قم، استحياء منه! وأطال الرجل الجلوس إلى أن أقبل ذباب فوقع في الباطية في شرابه. فقال الرجل: يا أبا مالك، الذباب في شرابك! فقال:

وليس القذى بالعود يسقط في الخمر ... ولا بذباب، نزعُه أيسرُ الأمر
ولكن قذاها زائر لا نحبه ... رمتنا به الغيطان من حيث لا ندري

فقام الرجل فانصرف:

484 - كلب البيت ابن قتيبة: قال عُمارة بن حمزة: يُخبز في بيتي كل يوم ألف رغيف، كلهم يأكله حلالا غيري. . . (وكان يأكل رغيفا وأحدا). ويقولون: فلان رب البيت، وإنما هو كلب البيت.

485 - الأراجيف

في (تاريخ الأمم والملوك) لابن جرير الطبري: قال أحمد ابن اسحق بن برصوما: لما حصر محمد (الأمين) وضغطه الأمر قال: ويحكم! ما أحد يستراح إليه؟ فقيل: بلى، رجل من العرب من أهل الكوفة يقال له: وضاح بن حبيب بن بديل التميمي، وهو بقية من بقايا العرب وذو رأي أصيل. قال: فأرسلوا إليه. فقدم عليه. فلما صار إليه قال له: إني قد خُبّرت بمذهبك ورأيك فأشر علينا في أمرنا. قال له: يا أمير المؤمنين، قد بطل الرأي اليوم وذهب، ولكن استعمل الأراجيف؛ فإنها من آلة الحرب فنصب رجلا كان ينزل دجيلا يقال له: بكير بن المعتمر فكان إذا نزلت بمحمد نارلة وحادثة هزيمة، قال له: هات! فقد جاءنا نازلة. فيضع له الأخبار، فإذا مشى الناس تبينوا بطلانها.



مجلة الرسالة - العدد 318
بتاريخ: 07 - 08 - 1939

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى