رسائل الأدباء : رسالة من الأستاذ خليل مطران إلى الأستاذ عبد الرحمن صدقي

28 - 08 - 1944

حضرة الأديب الكبير والصديق الكريم الأستاذ عبد الرحمن صدقي

كتبت لأبي نواس ترجمةً وافيةً من طراز جديد، بلغة لا تختلف إلا قليلاً، فُصَحُها في هذا العهد، عما كانت في أزهر عهودها. وقد آثرت لها الأسلوب القصصي البارع في الجانب الذي صّلُح منها لهذا الأسلوب، فبلغت بقوة الخيال وحسن السبك، مع مراعاة الحقيقة التاريخية غاية ما يبلغه الكاتب القصصي المجيد من التشويق. وكم كانت لك جولة متعمقة وموفقة في نواحي تلك النفس المنغمسة في الشهوات، الحائرة الرتابة، المؤمنة في النهاية، التي فعلت فيها البيئة الظرفية أفاعيلها على الولاء

وما من شك في أن ذلك الشاعر المطبوع - الذي لم يدرك ذروته شاعر في العرب بعذوبة اللفظ، وجلاء المعنى، وطرافة الفطن، وبداعة التصوير - قد ظل طوال أيامه، وعلى اختلاف الحوادث التي مرت، وعلى علاتها الجمة صادقاً مع نفسه كل الصدق فيما استقر عليه رأيه الأدبي، أو الاجتماعي، أو معتقده الديني. ولذلك يستحق المعذرة لعبقريته، وإن تصرَّف في سيرته المتهتكة تصرفاً لا يحبه الناس من الرجل العظيم

فأشكر لك هديتك، وأثني عليك بما يحق لك. ولئن عاقني عن التوسع في متابعة دراستك الحلوة ضعفُ جسمي ووهى عزمي، لقد أوجزت لك بكلمة ما جرى به القلم على قدر

بارك الله فيك، ويسّر لك أن تزيد العالم العربي من ثمرات ألمعيتك.

المخلص

خليل مطران

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى