رسائل الأدباء : رسالتان من شريف القبج!!!!!!! إلى الأستاذ حبيب الزحلاوي

30 - 04 - 1945

إلى الأستاذ حبيب الزحلاوي

قرأت قصتك الممتعة (الأفعوان) في مجلة المنتدى التي تصدر في بيت المقدس (عدد نيسان 1945) فأسفت أشد الأسف على ما ورد فيها من الغمز الجارح للدكتور بشر فارس، كقولك فيها: (نسمع محاضرة صديقك الدكتور نشر فهارس في مذهب الشعر الرمزي والعقل الرمزي) وقولك: (إن صاحبك الدكتور فهارس السربوني سيتكلم عن الرمزية. وستضحك منه مع من سيصفرون له من المستمعين كما ضحكنا وسخرنا من شعره المهلهل وقصصه الرمزية الملتوية) وقولك أيضاً: (كما يقال مثلاً دكتور بيطري. ودكتور في الشعر الرمزي. ودكتور نشر فهارس) الخ

إن قصة الأفعوان لا يتصل بحثها بما بينك وبين الدكتور. بشر فارس من الخصومة الأدبية في كثير ولا قليل، وقد أقحمت أسمه فيها إقحاماً لا يرضى به الأدب رسالة الفن السامي، فلا يصح أن يكون وسيلة تعين على تنشيط الغرائز غير المهذبة في الإنسان؛ فعمل الناقد في الأدب كعمل الطبيب الجراح، يعمل مبضعه في الجسم العليل بمقدار، غير مدفوع إلى ذلك بعوامل الانتقام من المريض، بل بدوافع الرحمة وتخفيف الآلام.

وفي الأدب الحديث نزعة خطيرة تلزم القائمين على توجيه المجلات الأدبية في العالم العربي، بمحاربة تلك النزعة، ذلك أن القراء يريدون أن يقف الناقد الفني إلى جانب الأديب المنتج في حلبة صراع لا رحمة فيه ولا هوادة، وهم يقهقهون ويغمزون ويلمزون.

وثمة نزعة أخرى لا تقل في خطرها على الأولى؛ ذلك أن الناقد الفني ينسى أو يتناسى أن عمله الأدبي لا يقل خطورة عن الأثر الأدبي الذي يتحدث عنه إلى قرائه، فلا ينبغي له أن يسمح لفنه أن يهبط إلى مستوى المهاترات الكلامية والتراشق بالألفاظ غير المهذبة.

إننا من المعجبين بأدبك أيها الأستاذ فنرجو أن ينصرف عملك كله إلى الفن الخالص. عفا الله عنك. وسدد في المستقبل خطاك. والسلام عليك ورحمة الله.

(فلسطين)

شريف القبج

دكتور في الفلسفة



***



: 21 - 05 - 1945


إلى الأستاذ حبيب الزحلاوي

قرأت في عدد الرسالة 617 كلمة موجهة إليك بتوقيع شريف القبج الدكتور في الفلسفة، وأنا حاملَ هذا الاسم وذلك اللقب أبرأ إلى الله مما جاء في هذه الكلمة الرقيقة، ولست آسف كثيراً على هذا المجهول الذي نزع كلمة من هنا وكلمة من هناك ووقف على منبر في الخفاء ليعطي الإرشادات الفنية بشكل رسالة للفن السامي، ويخاف من نشاط الغرائز غير المهذبة في الإنسان، ويخشى أن يستعمل الأديب في النقد مبضعه بلا رحمة ولا هوادة.

ويتوقع أن يقف الأديب والناقد في حلبة صراع يجلب غمز القراء ولمزهم وقهقهتهم. وكأنه يندب حظ الأديب إذا تلطخ بالمهاترات الكلامية والتراشق بالألفاظ غير المهذبة.

ونحن القراء في هذا البلد (فلسطين) لا نزال ننعم ونتمتع بما تجود به الأقلام المصرية علينا لنغذي نفوسنا كما كانت مصر الخصيبة تملأ غرائزنا في المجاعات العالمية التاريخية.

لقد دل هذا الكتاب المقنع من تزييف توقيعي على أن إرشاداته للأدب والأديب كاذبة، وأنا معذورة إذا لم تتولد في روحي الحرارة الكافية للرد عليه، لا لأنه أساء إلى الناقد الأديب السيد حبيب زحلاوي، ولا لأنه أساء إلى القراء بقصة بهلوانية، ولا أساء إلى بلاده بعملية التزوير، بل لأنه كأولاد الشوارع الذين يرشقون السيارات بالحجارة ولا يسع صاحب السيارة إلا أن يشتم أهل البلد الذي وقع فيه الحادث، ولكن المذهب في الحادث فرد مجهول.

قيل لي إن الذي مثل هذه الرواية شاب خليع ليس بالكاتب ولا بالأديب ولكنه يقول الشعر الجارح لا من قريحته بل من جمعه للقوافي المختلفة وقياسها بخيط طول معلوم عنده، فإذا جاءت قياساتها متناسقة وقوافيها على نغم واحد

أخرجها قصيدة شتامة لرفاقه. ولقد كسدت بضاعته أو ربما أضاع الخيط الذي يقيس به فانتقل إلى صناعة النثر وبدأ باستعارة الأسماء، وواجبي تجاه هذه المجلة العظيمة أن أعتذر للسيد حبيب زحلاوي عن هذا الواعظ المجهول، واعتذر لصاحب الرسالة عن ذلك الصبي الذي يرشق سيارات الناس فيسئ إلى سمعة بلده، وأعترف أنني لا أملك المقدرة لمعالجة هذه الثلمة الأخلاقية بدرس ألقيه في الرسالة فأترك ذلك إليكم

والسلام عليكم ورحمة الله.

(طول كرم - فلسطين)

شريف القبج

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى