ديوان الغائبين ديوان الغائبين : فاروق سميرة - الجزائر - 1966 - 1994

ولد فاروق سميرة في قرية الحامّة بوزيان (قسنطينة - الجزائر)، وتوفي في مدينة قسنطينة.
أنهى تعليمه الأوّلي في قريته، ثم التحق بمعهد الآداب واللغة العربية بجامعة قسنطينة وتخرج فيها (1988)، ثم واصل دراساته العليا لنيل الماجستير في جامعة الجزائر، لكنه انتحر قبل أن يناقش رسالته، وكان قد أصيب بأزمة نفسية عميقة إثر انتحار صديقه الشاعر عبدالله بوخالفة عام 1988.
عمل مدرسًا في المدارس الثانوية، كما كان يحاضر في قسم اللغات الأجنبية بجامعة قسنطينة.
كان عضوًا في اتحاد الكُتّاب الجزائريين، وعضوًا في جمعية (الجاحظية) الثقافية بالجزائر العاصمة، ونشط من خلال فاعلياتها الثقافية، وقد انتمى إلى اليسار الجزائري ونشط من خلاله سياسيًا مع أبناء جيله.

الإنتاج الشعري:
- له قصيدتان منشورتان ضمن كتاب «ديوان الحداثة» وهما: «تجاعيد» و «تمائم غزلية»، وقصائد منشورة في صحف ومجلات عصره منها: «حيزبة والفارس الجوال» جريدة النصر - 23/11/1988، و«البرتقال» و «خبب الغزالة» - مجلة القصيدة - منشورات الجاحظية - الجزائر 1995.

الأعمال الأخرى:
- له عدد من المقالات النقدية والنظرية كان ينشرها في صحف ومجلات عصره، منها: دراسة بعنوان: «من الشعر إلى القصيدة» - مجلة القصيدة، كما نشرت
له دراسات في جرائد ومجلات أخرى منها: (النصر - الخبر - المساءلة - جسور).
كتب قصيدة التفعيلة فأكدت أبنيته توجهاته إلى شعر الحداثة، حيث تعددت الأوزان في القصيدة الواحدة، وأحيانًا تتخلص من الوزن تمامًا فتستعيض عنه بالجمل القصيرة والمكثفة لتخلق إيقاعًا متلاحقًا ومتنوعًا قلقًا، وتكسر الصياغات التقليدية للبلاغة والاستخدام اللغوي المألوف، فيضفي ذلك على قصائده جوًا ضبابيًا يلف معانيه ويعكس ذاتًا مضطربة ومحتشدة بهواجس مأساوية، تطرح تساؤلاتها (الوجودية) في حالات بين اليأس والرجاء.

مصادر الدراسة:
1 - عمار ويس (وآخرون): موسوعة الشعر الجزائري - منشورات جامعة منتوري بقسنطينة - دار الهدى - عين امليلة 2002.
2 - واسيني الأعرج: ديوان الحداثة.. بصدد أنطولوجيا الشعر الجديد في الجزائر - مطبوعات اتحاد الكتاب الجزائريين - الجزائر (د. ت).
3 - الدوريات: يوسف وغليسي: وداعًا أيها الفاروق - جريدة الحياة - السنة الرابعة - عدد 149 - قسنطينة 1994.

تمائم غزلية

أكلِّمها
مثلما انبثق الوردُ من شوكهِ
مثلما جاءتِ الأغنياتُ
مثلما انهمرَ الشكُّ
في نظرات الصغارِ
وتهدَّمتِ الانطلاقاتُ
خارج الأمكنهْ
قد يشيخ الزمان المكفَّن في ليلهِ
ساعةَ النورِ
قد تتصدَّع أفئدةُ الكلماتِ
ونحتاج للأنبياءْ
قد نموت جميعًا
على حافة الشوقِ
لكننا
سنظل بقايا دخانٍ
نجيء مع الوردِ
أو من شقوق الضحى
نُعتِّق الأرضَ
نستمطرُ الصَّبواتِ
كيف تفتكُّ أصداءَها
وتقلِّبُ أسرارَها
وتعلِّق فوق مرايا الرؤى
كلماتِ الجسدْ
لا تزال دفاترها منهلَّةً
بهجة الطرق المدلهمَّةِ
أن تستبيح البناياتِ للبوحِ
أن تستريح المغاورُ من حلمها
أن تخضَّ العواطف أسوارَها
أن يرشَّ البريق المسائيُّ
أعماقَها
لن أقاسمها الفرح العسْجديَّ
المدَبَّجَ بالسُّهدِ
بالطّوفان البعيدْ
لن أجاورها في التلذّذِ
بالظمأ العنفوانْ
إنها الطعمُ
واللونُ
والرائحهْ

***

من قصيدة: خبب الغزالة

متوحشٌ
بالأطلسينِ
مع الصخورْ
ذاك الفتى
الرمليُّ
من زحف العصورْ
الريحُ مزمار الظمأْ
الجسمُ رائحةٌ
ونور الأرضِ
عاشقةٌ
تهتزُّ من خَبب الغزالةِ
واليمامْ
هل يستوي هَوَسُ الجنون!


***


حيزبة والفارس الجوال
إلى روح الشاعر الراحل عبدالله بوخالفة

تغيبُ في الغمامِ
دائمًا تغيب في الغمامْ
لتتركَ البحارَ والمدنْ
وتنجلي هناك في السماءْ
هناك في «الليل الفسيحْ»
يا أيها «المسيحْ»
وكنت في ظلالك البيضاء راكضًا
في هدأةِ الصلاةْ
عيناك والثلوج والمشاعل الحزينه
عيناك والحريق والشروقْ
عيناك والشوق المطيرْ
«هوميرُ» أنت في جبال «بومنتوش»
تنسج الأفق غناء
كوكبًا من ينابيع الجنونْ
«هومير» والنايُ و«عود» القلب في يديكْ
والهائم العذريُّ أنت في الأنينْ
وماذا قلت للنخيل في «سطر الملوك»
أيها «الطائر الولهانْ»
ماذا قلت للبياض للقفار في «زواغي»
الحجرة رقْمها «أربعة سبعة»
صفراء بل سوداءْ
بل تأتي عصافير الشتاءْ
أصواتُها نجومْ
والنار أجنحةٌ
وماذا قلت حين جاء الريح؟
أيها الخليل جاء الريح بالهديرِ
والرمادْ
والحجرة السوداءْ
و«الإزار» و«القميص» أبيضان
والنخلة البيضاء باسمه
وماذا قلت حين قُدْتَ العربات للجبالْ
واحترقتِ الأحجبه
فلترتمي إلى لباس «الأُفعوانْ»
إلى ظلامك المريحْ
يا أيها «المسيحْ»
لن يختفي الغناء من جفوننا
لن يختفي من الفضاء دهشةُ
الطيورْ
لن يختفي الجنونْ
لن يختفي الجنونْ

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى