عبد الرضا اللامي - البلبل والوردة البيضاء.. قصة قصيرة

قال البلبل : ذات يوم غير مألوف ، غادرت عشي نحو الجنوب ، كنت أروم زيارة أحد معارفي ، يقطن غابة قريبة من وكن إقامتي ، وأنا في الجو أحسست أن الضغط الجوي قد أختل بين جوانحي ، غير أني لم أفقد توازني ..دفعت بنظري إلى أسفل ، شاهدت تحت أقدامي مستنقعاً يضج بأصوات هجينة ، وصراعا غير مسبوق ..فأدركت لماذا ترتفع درجة حرارة المستنقعات ذلك كي تحدث مطبات هوائية ..فيختل التوازن في محيطها ! هبطت أكثر ، فشاهدت تماسيح (يخمط ) بعضها بعضاً ! متحفزة (للغف ) محتويات جيوب القادمين ! كما شاهدت قنافذاً وقوارضاً ولم أتبين هوية البعض الآخر ، كونها ملطخة بوحل المستنقع ! وموسيقاها كانت نقيق ضفادع طاعنة في السن !. غير أني ذُهلت ، إذ رأيت زهرة نضرة فواحة الأريج ..أضفت على خواصر الماء شيئاً من البهاء والكبرياء ! فقلت لها : مكانك سيدتي في الجنائن فوق أعالي اليوكالبتوس أو فوق الحشائش الناعمة ، بالقرب من ساقية ماء نمير ..وليس بين الطحالب والماء الكدر ، وعنف التماسيح !. قالت الوردة :

بعد أن أصابت المياه عسرة وكدرة ..طفحت العوالق على سطحها فوخم الجو بالنتانة ..وهكذا انكمشت الحياة النظيفة وتسابقت معظم الأشجار والطيور المغردة في هروب جماعي ! لذا خلت الساحة للتماسيح والقوارض !.

قلت لها: فما الذي يجبرك على البقاء هنا ؟! .

قالت : إذا أنا غادرت ، ومثيلاتي زنابق الماء ..وتلك الشجيرات المتناثرة ، وهي تشير بإصبعها المعندم إلى شجيرة تقاوم التصحر ! وأسبلت جفنها بحزن المكابر ..إذا غادرنا وتلك الطيور النظيفة ، ستخلو الساحة تماماً لهذه الحيوانات الكاسرة ! والقوارض الدنيئة ..عندها سيقتل التصحر أسباب الحياة! وأكدت بعزم وحزم : نحن باقون كعلامات دالة على أن الحياة لم تمت ولن نسمح للشريرين بإبادتنا!. قلت لها ، لأزيل بعض كربها : لديك متسع لتخرجي من وحلها وتتحرري ! قالت الوردة: سأبقى هنا ، ليقال، صحيح أن هذا مستنقع وخم لكن فيه زهرة تُسر من يراها !! هي أنا.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى