محمد إسعاف النشاشيبي - نقل الأديب

570 - إن الكفاف لراهب أو زاهد

أبو القاسم عامر بن هشام القرطبي:

قالوا: الكفاف مقيم. قلت: ذاك لمن ... لا يستخف إلى بيت الزراجين
ولا يبليله هب الصبا سحرا ... ولا يلطفه عرف الرياحين
ولا يهيم بتفاح الخدود ورمان (م) ... الصدور وترجيع التلاحين

571 - فأصلح الأمر أن يبقوا مفاليسا

الحسن بن شاو المعروف بابن النقيب:

في الناس قومٌ إذا ما أيسروا بَطِروا ... فأصلحُ الأمر أن يَبقَوا مفاليسا
لا تسألِ الله إلا في خمولهم ... فهم جيادٌ إذا كانوا مناحيسا

572 - ما تطاق في الشعر يا أصمعي!

أسحق الموصلي: سأل الرشيد عن بيت الراعي:

قتلوا ابن عفاف الخليفةُ محرماً ... ودعا فلم أر مثله مخذولا

ما معنى (محرما)؟ فقال الكسائي: أحرم بالحج. فقال الأصمعي: والله ما كان أحرم بالحج، ولا أراد الشاعر أنه أيضاً شهر حرام فيقال: أحرم إذا دخل فيه كما يقال: أشهر إذا دخل في الشهر، وأعام إذا دخل في العام. فقال الكسائي: ما هو غير هذا. فقال الأصمعي: ما أراد عدي بن زيد بقوله:

قتلوا كسرى بليل محرما ... فتولى لم يُمتع بكفن

أي إحرام لكسرى؟ فقال الرشيد فما المعنى؟ فقال: كل من لم يأت شيئاً يوجب عليه عقوبة فهو محرم لا يحل منه شيء. فقال الرشيد: ما تطاق في الشعر يا أصمعي!

573 - ليس عدو بين أضلاعه إلا معدته

قال أبو الفرج الأصبهاني: وجدت في كتاب الشاهيني: أنشد أبو الحارث حميد قول العباس بن الأحنف: قلبي إلى ما ضرني داع ... يكثر أسقامي وأوجاعي

كيف احتراسي من عدوي إذا ... كان عدوي بين أضلاعي
إن دام هجرك لي يا مالكي ... أوشك أن ينعاني الناعي

فبكى ثم قال: هذا شعر رجل جائع في جارية طباخة مليحة، فقيل له: من أين قلت ذاك؟ فقال: لأنه بدأ فقال: (قلبي البيت)، وكذلك الإنسان يدعوه قلبه وشهوته إلى ما ضره من الطعام والشراب فيأكله فتكثر علله وأوجاعه، وهذا تعريض ثم صرح فقال: (كيف احتراسي: البيت)، وليس للإنسان عدو بين أضلاعه إلا معدته، فهي تتلف ماله، وهي سبب أسقامه، وهي مفتاح كل بلاء عليه، ثم قال: (إن دام لي: البيت). فعلمت أن الطباخة كانت صديقته، وأنها هجرته ففقدها وفقد الطعام، فلو دام ذلك عليه لمات جوعا، ونعاه الناعي




مجلة الرسالة - العدد 574
بتاريخ: 03 - 07 - 1944

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى