سمير حكيم - غرفة باقية لأُمه.. قصة قصيرة

عندما دخل البيت ، اتجه الى زوجته فى المطبخ ، رغب فى الحديث معها عن شئ يؤرقه ، صمت قليلاً وما إن بدأ الحديث حتى قاطعته بلهجة خشنة ، أحياناً ماتخدش أذنيه ، قالت إنها مشغولة الآن ، وليست مستعدة للنقاش ، استدار وذهب هذه المرة الى غرفة النوم حيث كانت ترقد امه . منذ زمن لم يزرها ، ولم يجلس على تلك الأريكة أمامها أسفاً الا فى أيام مرضها الأخير ، نادى عليها كطفل وصوته يختنق فى حلقه ، استقبلته صورتها التى لم تزل فى مكانها فوق منضدة صغيرة مطرزة بشريط أبيض يكسو المنضدة ،، لكنها كعادتها مبتسمة فى وجهه إذ تدرك أنه يتحول الى طفل ساعة الغضب أو التعب ، دعته بنظرة حانية للجلوس، جلس أمامها بخشوع ، راح يفضى لها بما يعتمل فى صدره ، حكى عن متاعب كثيرة تكاثرت عليه فى العمل ، وذلك العبء الثقيل الذى تضيفه الحياة حتى بدت ثقيلة كجبل على الصدر ، تصغى له امه بصبر لاينفد ، ولمَّا فرغ من الكلام أحس براحة يدها دافئة وهى تمسد رأسه ، تزحزحت كتل الهموم ثم تفتت مثل قطع من الصخر مسنونة حوافها وتساقطت سريعاً الى الخارج دون أن تجرح شيئاً بداخله ، استأذن وطلب منها السماح له بزيارتها من وقت لآخر ، عاود النظر إلى صورتها وشكرها قبل أن يسمع الرد ، ثم أغلق الباب خلفه برفق .
عند الباب رأته زوجته ، تأملته وفى عينيها دهشة متسائلة :
- كنت تكلم من ؟؟ .... لا أحد بالداخل ...!!!!


* عن نادي القصة السعودي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى