محمد بن إبراهيم - هم وأنا

بما بيننا من حرمة أيّها الصّحبُ *** دعوني وما يقوى على حمله القلبُ
فإنّي مدهيّ بخطب يسوءنـــــــي *** وعيشي في هذا الزّمان هو الخطبُ
فلا تنكروا منّي دموعا سكبتهـــا *** تخفّفُ أحزاني دموع لها سكــــــبُ
وأبناءُ هذا الدّهر إلاّ قليلهـــــــــم *** ظواهرهم سلم وباطنهم حـــــــربُ
فمالي وأقواما بُليتُ بحقدهـــــــم *** وليسوا بأكفّائي وما ضمّنا ســربُ
وما لي أرب عندهم متطلّــــــب *** ولا لهم عندي فأعرفــــــــــه أربُ
أضرّهم منّي الذي يعرفونـــــه *** لساني إذا جرّدته صارم عـــضـبُ
(...)
ويضحكني منهم إليّ تسابــــق *** ليخبرني خبّ بما قاله خـــــــــــبُ
كذلك أرباب المخازي إذا همو *** مخازيهم أنهوا تملّكهـــــم رعـبُ
(...)
وأبغضُ ما عندي التحبّبُ منهم *** وبغضهمُ واللّه عندي هو الحـــبُّ
(...)
عرفتهم أمّا الوفاء عليهــــــــم *** فصعب وأمّا الغدر فهو لهم دأبُ
(...)
لقد خبثت منهم نفوس شرّيرة *** وخبث النّفوس الدّاء ليس لها طبُّ
وقد أظلمت بالإثم منهم بواطن *** فنور الهدى لو حلّ باطنهم يخبو
(...)
وما أنا في أهل القريض كمعشر *** إذا منحوا ذبّوا وإن منعوا سبّوا
قريضي توحيه إليّ قريحتـــي *** فأشدو به شدوا به يُخلب اللبُّ
معانيه لي قد أسفرت عن لثامها *** ويأتي ذلولا منه لي يسهلُ الصّعبُ
أطوف على أزهاره متنشّــــقــا *** وأشرب من سلساله وهو لي عـذبُ
وتجثو معانيه أمامي خضّعـــا *** وقافية عصماء لم يجدها هُـــــــربُ
(...)
ولست تراني واصفا غير خمرة *** إذا كنتُ في حفل وطاب لي الشّربُ
يمازجها السّاقي فيطفو حبابهـــا *** أيصفو بسطح مائه اللؤلؤ الرّطـبُ؟
أوالحدق المرضي وهدب شفارها *** إذا ما ارتخت في خدّها تلكم الهدبُ
أو البانة الميساء أحرم ضمّها *** وقد ضمّها ويلاه في أهيف ثوبُ
ولي خير إخوان يودّون عشرتي *** ولي قد تصافى منهم الودّ والحبُّ
يحبّونني حبّا أحبّهم بـــــــــه *** فمنّي لهم قلب ولي منهم قلـــــــبُ
(...)
ألبّاء أكياس لطيف حديثهم *** كأنفاس زهر الرّوض باكره الصّوبُ
(...)
وما المرءُ إلاّ ذكره بفضيلــــــــــــة *** وما ذكره إلاّ فعاله والكســــــــــــبُ
فثابر على كسب المحامد في الورى *** ليذكرك التّاريخ والنّاس والـــــربُّ

( مجلة المغرب، العدد 2ـ 3، 1 مارس 1936 )



======================================
إسماعيل أزيات
محمد بن إبراهيم ( 1900 ـ 1955 ) : شاعـــرُ الهوامش المقموعة...
محمد بن إبراهيم، أراه شاعرا استثنائيا صيّر شعرهُ جسدَه تماما بملذّاته ومواجعه، بغرائزه ومعارفه، بقيوده وحريّته، بلامبالاته وعبثه... من "موت بلفور" إلى "المطعم البلدي". من "الجمعية الخيرية" إلى "الويسكي"، من " في أهل مراكش" إلى المدح ونقيضه...

قصيدة "هم وأنا" هي، على ما يلوح لي، "بيانه" في الحياة وفي الشّعر:

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى