ناصر الجاسم - أرض سميرة

لم يرق للأميرات الطيارات من الجنيات العربيات الجميلات اللاتي يسكن وادي وج , ويلدن فوق قمم جبال الهدا والشفا روائح جثث الموتى من البشر والبهائم التي أغرقها السيل الكبير في الوادي , والذي كان يسمى في خرائط كتب الجن بأرض سميرة، خرائط اطلع عليها المطوف النيجيري تيجاني أحمد الذي لبى دعوة ملوك الجن وزارهم في ممالكهم العلوية , ولما عاد يطوف بالحجاج السود أبلغهم بأن أسم الطائف كلها أ رض سميرة اختصاراً منه لبني جلدته الذين لا يفقهون العربية , ولكي ينشغلوا بالأذكار والأدعية والصلوات وليس بمعرفة سر غياب تيجاني ومعرفة باقي الحكاية، وقد كانت الطائف حينذاك أرضاً لا ورد فيها , وكانت عيون الجن تنظر في الأرحام الممتلئة، وتجس جنس كل جنين كونه الله فيها ، وتترقب مولد فتاة بدوية جميلة جدا سيسميها أبواها سميرة .


وتنتظر غفلة والدها عنها في مساء من مساءاته التي يصطحبها فيه معه لوادي وج ، كي تسلمها بذور الورد السحرية وتنتقل زراعة أشجارها من ممالك الجن لأرض سميرة ، لتتطيب بها الأميرات الجميلات , وليطردن بها رائحة جيف البشر والحيوانات، وينعمن بالاستماع لشعر القلطات ،ويتحمسن للرديات ،ويجربن أن يتحاورن شعراً فيما بينهن كما يفعل رجال الأنس ليلاً .


وفي مساء الأول من شهر أبريل من عام الطبعة، وهو عام أمطرت السماء فيه الطائف أربعةً وثلاثين يوما , وبعدما توقف المطر، كان والد سميرة يرجو بذكائه الحاد وبمعرفته بمنازل النجوم وطوالعها أن تشرق الشمس، وقد أشرقت على تورد وجنتيه وذلك لما استقبل أشعتها، وجنتاه اللتان تغريان أفواه النساء بتقبيلها .


وهذا شيء مما حكاه تيجاني أحمد لزوجته خديجة وهما على الفراش في ليل ثالث أيام التشريق من حج ذلك العام والذي كان على الجمال والبغال والحمير.


وذات أصيل طرب والد سميرة بغناء شجي عذب لأميرة من أميرات الجن، غناء يأتيه وابنته سميرة التي بجانبه من جوف شجرة معمرة في أسفل الوادي ومن فوق أعضائها المتشابكة والكثيفة فطربت معه ابنته وتحرك خصرها ذي السبع سنوات حركته الأولى..


حركة خصر تعرف الجن القبيلة الذي تحدر منها، وتعرف أم سميرة التي وهبته لابنتها بعد أن توارثت من جداتها البدويات الجميلات حفظ جماله , ونسخه في جسدها، وكان أن طرب الأب بخصر ابنته، وبالغناء معا، فالتهى، وأغمض عينيه منتشياً حوالي برهة من الزمن، تسلمت سميرة خلالها بذور الورد، وميثاق الزرع، من أميرات الجن السبع الجميلات الحوامل.


وكان ميثاق الزرع حسب ما رواه تيجاني أحمد لصديقه المطوف النيجيري آدم عثمان قبل أن يموت بالحمى في منى : ( تبذرين بذور الورد يا سميرة نثراً في الهواء في الليل في أشهر الشتاء بيدك – التي سيمتلئ ظاهر كفها باللحم كعلامة من علامات جمال سلالتك التي تدرس في معاهدنا – وأنت تمشين على سطوح قمم جبال الهدا والشفا بشعرك الطويل الذي سيتعثر في قرون الصخور وقدميك المصقولتين اللتين فاق بياضهما بياض مرايا الجن حتى ينفذ ما في الصرة من بذر وسيتكفل الله بما بقي، واعلمي أننا سنأتي بك عارية في ليالي شهر أبريل على قمم جبال الهدا والشفا من سريرك وأنت نائمة، في كل عام، منذ حيضتك الأولى حتى حيضتك الأخيرة، وسنمنح شتلات الورد أن تنظر لجمال جسدك وتشتهيه، حتى تنشط مناسلها، وتتعاظم خصوبتها ويزيد طرحها من الورد ليصل حمل كل شجرة لثلاثة آلاف وردة في كل عام.
وحتى يسمي الناس أرضك بأرض الورد، واعلمي- ولا تخافي ولا تجزعي- أننا نحن أميرات الجن الحوامل سنحضر بحملنا، لنرى جمال وجهك، وجمال جسدك، إن حملت أية واحدة منا بأنثى، سنحضر لتتحرك أجنتنا وهي في بطوننا باتجاه وجهك، وباتجاه جسدك، ولتنظر إليه، ولتأخذ شيئاً من حسنك الكثير، وتمنحه لها، أو تنسخه فيها، منح ونسخ من خلال النظر، ونعاهدك أنه لن ينقص من حسنك الذي يتغزل به شعراؤنا أي شيء يذكر، وحتى عيون أجنتنا ستكون عيوناً جميلة كعينيك، وإن خلقهم الله بالطول، وخلق عيون الأنس بالعرض، ولن نتشهى بالنظر لما استقبل منك على هيئة عرف الديك او هيئة زهور اللوتس، أو ما استدبر منك على هيئة فاكهة التفاح، فلسن بأميرات سحاقيات ).



ناصر الجاسم

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى