الجنس في الثقافة العربية الجنس في الثقافة العربية : سعيد منتسب - الجنس في حياة الرسول

وفي حديث آخر عن أنس بن مالك: «كان النبي (ص) يدور على نسائه في الساعة الواحدة من الليل والنهار وهن إحدى عشر. قلت لأنس : أو كان يطيقه. قال : كنا نتحدث أنه أعطي قوة ثلاثين»..
وإذا كان للفعل الجنسي أهمية في حياة الرسول (ص)، وألقى الله في قلبه حب النساء، فإن الطعام وسيلة لإضرام الحيوية في الفراش، مما يزكي إقبال النبي على أطعمة بعينها وإيلائها أهمية قصوى كمادة محركة للطاقة. وهذا، كما يبين التاريخ، ليس حكرا على ثقافة الإسلام، ذلك أن كافة المجتمعات الإنسانية كان لديها مجموعة من الاعتقادات بخصوص الأغذية والخلطات المحرضة على الجنس، أو المعالجة للخلل الجنسي. بل إن علم الجنس الحديث- السيكسولوجيا- يرى أن «الدفع الجنسي لكي يسير بشكله الطبيعي أو ينشط بمعدل أكبر من نشاطه الطبيعي، فإنه يتطلب موازنة بين عمل الغدد والأعصاب من جهة واختيار الطعام المناسب من جهة وبطبيعة الحال لا بد من توفر الراحة النفسية» (كتاب الطعام والجنس). والسؤال هو: ما هي أنواع الطعام التي كان يستعملها النبي للحفاظ على لياقته البدنية وقدرته على الفعل الجنسي؟
كان النبي (ص) حينما يستفيق من نومه، يتناول كوباً من الماء مذاباً فيه ملعقة عسل. وفي حديث أنه قال: «عليكم بشراب العسل». وعن عائشة قالت: «كان رسول الله (ص) يحب الحلواء والعسل».
وذكر البخاري في الصحيح «عن عبيد بن عمير عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرب عند زينب بنت جحش عسلاً ويمكث عندها، فتواطأت أنا وحفصة على أيتنا دخل عليها فلتقل: أكلت مغافير؟ إني لأجد منك ريح مغافير! (المغافير: بقلة أو صمغة متغيرة الرائحة، فيها حلاوة)، قال: لا ولكن شربت عسلاً ولن أعود له وقد حلفت لا تخبرني بذلك أحداً».
إن حب النبي (ص) للعسل جعله يطلبه لدى بيت زينت بنت جحش، فيمكث عندها طويلا مستلذا حلاوته، مما دفع بحلف عائشة إلى «التواطؤ» من أجل إنهاء «هذا الحب».. إذ تحول العسل إلى وسيلة للاستدراج والاستفراد.. وإلى احتمال لتحقق الفعل الجنسي. فما هي إذن العلاقة القائمة بين العسل و»العسيلة»؟
فالعسل، لغة، هو لعاب النحل، أما العسيلة فهي
«النطفة» أو «ماء الرجل» أو «حلاوة الجماع»، وقد جرى تشبيه (الجماع) بالعسل للذته، وهي كناية عن لذة الجماع، أي تغييب حشفة الرجل في فرج المرأة.
فما سر هذا الحديث الكثيف عن العسل والجماع، وما سر اجتماعهما معا في قلب النبي (ص)؟
تنقل عائشة عن النبي (ص) أن «العسيلة هي الجماع». وفي جاء في صحيح مسلم عن عائشة: «جاءت امرأة رفاعة إلى النبي (ص)، فقالت: كنت عند رفاعة، فطلّقني، فبتّ طلاقي، فتزوجت عبد الرحمن بن الزبير: إن ما معه مثل هدبة الثوب! فتبسم رسول الله (ص)، فقال: أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؛ لا! حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك». وفي لسان العرب تفاصيل أخرى عن هذا الحديث، حين يقول: « وقال النبي (ص) لامرأة رفاعة القرظي، وقد سألته عن زوج تزوجته لترجع به إلى زوجها الأول الذي طلقها، فلم ينتشر ذكره للإيلاج: أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا، حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك! يعني جماعها لأن الجماع هو المستحلى من المرأة، شبّه لذة الجماع بذوق العسل».
إن البحث عن الماء والكلأ بالنسبة للعربي، لم يكن يوازيه في الحلم سوى تلك المسافة التي يعبرها نحو العسل والعسيلة، أي نحو «الحلاوة» والجنس، مما أدى إلى تعزيز ذلك التواصل بين المسلم والجنة، أي تلك المنطقة التي ظلت تحفر عميقاً في وعي العربي من جهة توضيح المسافة بين قساوة الصحراء والوفرة التي تمثلها «أرض عدن» التي تمتلك «الذهب والفضّة»، وتنعم ب «أنهار من الخمر والعسل»، وأيضاً تنعم ب «الحور العين».
إن محبة العسل والعسيلة، في العمق، هي محاولة للبحث عن أسلوب للسيطرة على «الوفرة»، وكان هذا هو الدور التاريخي للنبي (ص)، أي تبشير المؤمنين بأن هناك في الضفة الأخرى أرضا «زراعية» لا مهانة فيها ولا اضطهاد، ولا جوع فيها ولا عطش، ولا زوابع فيها ولا عواصف.. أرضا خارج البيئة الصحراوية القاحلة، تتدفق أنهارا من عسل ولبن وخمر، مليئة بالنساء والفواكه والأبكار والولدان المخلّدين والأرائك.. ولذلك نستطيع أن نقول إن محبة العسل والعسيلة انتماء لما وعد به النبي الناسَ..


* نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 08 - 07 - 2012

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى