أيسر الصندوق - ملامح معزول.. قصة قصيرة

الجميع يسيرون والممرات تضيق بهم على الرغم من قلة عددهم ..السكوت يجتاح المكان ..لكن ضوضاء النظرات تداهم أركانه تأخذ(أم حنان ) بقية أوراقها , أوراق القضية حاملة بيدها بعض ما تريد وباليد الأخرى أغطية ولم تبالِ بحملها تسحبها وتسحب إقدامها علها تصل إلى نهاية الممر تمر على غرف عدة لا تستطيع عيناها من الفرار مما تراه ..



تسير بجانبها الأخريات ومسؤول السجن ..



ها قد وصلن الواحدة تلو الأخرة الى تلك الغرفة عند نهاية الممر , غرفة باهتة الوجه كوجه تلك المرأة (ام حنان ) التي تحلم بأحلام فاتحة اللون تود تحقيقها لترضي غايات في نفسها على حساب أبنتها وعذابها …



امرأة انتهت خطواتها بعد ملل انتظار صدور الحكم عليها .. اليوم كما هي لاتستميل رحمة قاض او شفقة مسؤول يأخذها الذهول ويرمي بها بين أوجه الحياة الصاخبة بمتاهاتها بعيدة عن ابنتها الوحيدة (حنان ) وطأة أقدامها عند تلك الغرفة وخطواتها تركض ألى اقرب مكان تجلس فيه تتمتم ..نعم إنني اجلس في أي مكان كان



مرددة :



“أريد ان اجلس لكي ارتاح ارتاح فقط “



لم يبالِ الجميع بما تقول فكلماتهم تائهة في ظل هذا المكان ولكن هناك من تسمع لكلماتها ويدفعها الفضول للاجابة عليها اذ تقول :



” انه مكان لابد ان تستريحي فيه ” فهو في الأول والأخير لك، لم انت ِ متعبة وتملكين صحة كافية وعمراً جميلاً على الرغم من ملامحك المتعبة ..



انني لا اطلب منك الأجابة غداً انت ِمن تجيبين على أكثر من سؤال ويدفعك الملل الى كثير من الكلام بسبب وبغير سبب ..



تركتها وغادرت جانبها ..هنا اثقلت ( ام حنان ) رأسها على تلك الزاوية من الجدار واشغلت كل ما يدور بذهنها تسترجع ما كان يتلاشى ساعة وأخرى ولكن هذه اللحظات كفيلة ان تعيد كل الذاكرة الى جذورها الباقية طول العمر ..



عندما بدأ فصل من فصول حياتها بدأ بانفصالها من زوجها وخروجها من ضغوطه اليومية وعدم مبالاته بها , اهانتها وضربها …



انتهت علاقتهم بالعيش مع ابنتها ( حنان ) في أحدى الشقق السكنية عند أحد الأحياء الشعبية في الطابق الثاني من العمارة وهذا ما تسمح به حالتها المادية فهي لامعيل لها ولا أقارب سوى بعض من ساكني في منطقتهم ولا يودون ان يحيوها بتحية



بعد هذا الحال مضى الزوج بطريقه ناسياً حالهم وململم نزوات عمره وما كان به وقد فتح أبواب بيت آخراً ليستقر به مع امرأة ثانية وأسرة أخرى



مرت أيامهم وألام و(حنان ) يسيرون بخفى الأيام لم تبدو عليها ملامح من الحياة وانسانيتها فالبنت تعيش في البيت فبالرغم من عمرها السبع سنوات متروكة في غرفة صغيرة تكتم كل ما ترغب به لم يترك لها اي رأي تقوله ..



(الحال كما هو منذ ان تم الطلاق بين الوالدين )



الأم لاتستطيع الفرار ممن يتصل بها علاقاتها ..حياتها خروجها المستمر على حساب حياة بنتها التي يسترق سمعها كل حديث يدور بين والدتها وممن تلتقي بهم في البيت …



تكتب البنت كثيراً من الاسئلة في خاطرها عن حال أمها وهي من تجيب لا تتجرأ ان تسال ألام عن كل ما يدور في البيت



قد تأخذها ساعات وتسيء لامها عن ما ترغب وينتهي الجواب بضرب وتعذيب على جسدها وأشد أنوع العقوبة



كان أمل البنت ان تقضي يومها مع أبيها حتى وصلت مشاعرها الى ساعة الانهيار, فجدران تلك الشقة تمتص حرارتها وتبعث انين كلماتها كلمات الحزن في اعماق ذاكرة (حنان ) ..



اليوم وكذلك انتهى أمسها بضربات قاسية مشدورة الرأس مرتمية على الأرض كل ما حصل بسبب جدالها المستمر مع أمها اذ تقول :



( لم تخرجين وتتركيني في البيت ) ؟



لم يعد احد يهتم بي؟



لم يكن بوسع الأم ألاَ ان تقول :



( افعلي ما تشائين لا انتظر اي حياة اخرى وامشي اليها ) لم تزل تلك الشقة تحوي هموم البنت محتمية بين سنينها الصغيرة



وذات صباح عادت لحظات البنت على حافة الانهيار تقترب من انفجار مشاعرها وأحاسيسها من ضغط الام عليها ..



استهوت البنت نوازع الانتحار بعد ان نفذ صبرها وألام تسارع بضربها الضربة والأخرى بدون سبب مقنع بالنسبة لها ماسكة بيدها آلة مخيفة لم تشاهدها من قبل



ما كان بها الِاَ ان تهرع الى شرفة المنزل وتلقي بنفسها الى الارض خوفاً من الأم وضربها بتلك الآلة المرعبة



ولكن يحملها الخوف الى ان ترمي بنفسها فهناك من يراقب خطواتها احد الاشخاص وساكن بالقرب من شقتهم فما به الا ان يصعد الى تلك الشرفة ويأخذها وينتهي امر تلك الساعة ولكن هذه الساعة فتحت الابواب لتلك الطفلة ماتقول به الى ذلك الشخص مما دعاه الى الاتصال بوالدها واخباره بما يحدث لهذه البنت



حضر الاب بعد يوم ودون علم ألام التقى بأبنته عند أحدى المحال القريبة من الشقة وأخذت البنت تنطق بما كان يدور وتقول:



(امي جعلتني أكره البيت كل يوم تستقبل الكثير من الغرباء وتضربني وتعذبني ان خالفتها ما تفعل وأقضي يومي آكل واشرب وحدي لم يكن لي ام وتعلم ما بي ) وتأخذها الحسرات تقول :



( كل ما تفعل بي أمي انها تؤلمني وبقدر ذلك أحبها فما كان بي الا ان أحاول رمي بنفسي من الشرفة لأتخلص من تعذيبها لي وحبي لها وابتعد عن ضربها )، بعد ساعة مما كانت تتفوه به البنت سجلت الأحداث في مركز الشرطة القريب من حيهم وانتهت حالة الام وافعالها بانتهاء علاقاتها السيئة مع الآخرين حتى انتهى طريق الام الى القضاء لما تفعلة بأبنتها مبتعدة عن الحياة وأخلاقها وإنسانيتها .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى