عيسى مشعوف الألمعي - رسالة لم تصل.. قصة قصيرة

بعثر أوراقه القديمة ، وجد رسالة بخط يده مُترعة بالبدايات المتعثرة . حروفها متناثرة كمخطوطة فرعونية ، لكنها لا تزال تنبض بالحياة ورائحة الماضي ، عقود من زمن مضى كأول رسالة حب يكتبها ، وعلى هوامشها رسومات لقلب ينزف ، وسهم يخترق المشاعر ينفذ إلى الأعماق ، استعاد الذكرى والتاريخ والطفولة ، مسحها بيده نفظها من غبار عالق ، همس لها بحنان الولهان ، في ذلك الليل صامت ، سطّر كلماته الملتاعة لها، يرسم حروفها بمداد دموعه ، عندما هَمّ باعترافه لها بما يخالجه من مشاعر جارفة نحوها ، استمد النور من ضياء قمر ينشر شعاعه بين السحب المتقطعة ، على سطح منزله الشعبي ، يسارع في نثر حروفه كلما لاح له ضوء القمر.. حبيبتي البعيدة "أكتبُ لكِ تحت خيوط القمر المنسلة كقطرات مطر شتائي ، لأني عندما أنظر في القمر مكتملاً أتذكركِ ، وعندما أشاهدكِ أنسى القمر ، أعلم إنكِ لا تولين حبي شيئاً ، ولا علم لكِ بما أخفيه من مشاعر صادقة ، فأنا وأنتِ صغيران على الحب وعذابه ، لكن لابأس سأمضي إلى مالا نهاية ، ليتكِ تبادليني نفس الشعور ..
توقف عن القراءة لغمغمات أنفاسه كالذي يصّعد إلى السماء.
عاد به الماضي بعد أن أصبح في الخمسين وقلبه ينزف بجرح الذكرى كأنه اليوم ، عطّر الرسالة التي لم تصل مجدداً ثم خبأها في درجٍ محفوظ ، تأوه بخفوت، يمسح دموعه الشاردة.. ويدعو بالرحمة لمن أحبها في صمت..

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى