محمد المنصور الشقحاء - المسافر.. قصة قصيرة

وآنا ابحث عن مقعدي بعدما سمحت المضيفة لي بدخول الطائرة مشيرة إلى الممر الذي يوصلني الكرسي الذي يحمل جزء بطاقة صعود الطائرة رقمه وجدتها تجلس في الكرسي المحاذي للنافذة . رقم صف الكرسي كما هو مدون في جزء بطاقة الصعود كرسي النافذة يحمل الحرف المحاذي لرقم الصف فجلست على كرسي الممر وقمت بربط الحزام وسحبت صحيفة تندس في جيب المقعد الذي أمامي. وأبواب الطائرة تغلق والمنبه يحث الركاب على ربط الأحزمة جاء صوتها بعد رفع غطاء وجهها تعتذر عن جلوسها في مكاني وعندما جاءت القهوة وحبات التمر تناولت فنجان القهوة من المضيف وناولتها فتلامست اناملنا .
الرحلة متجهة إلى مطار القاهرة والوقت فصل الشتاء وقت عمل ومدارس، لما هبطت الطائرة وولجنا صالة المطار لمحت تلويحي بكفي لمن ينتظرني ابتسمت وتشاركنا عربة واحدة لحمل حقيبتينا وعامل واحد. همت بأخذ حقيبتها ونحن نهم بتجاوز بوابة الصالة لباحة السيارات، عرفت أنها سوف تأخذ سيارة أجرة فأقنعتها بان سائقي سوف يوصلها لعنوانها بعد إيصالي للفندق الذي اسكن وزدتها ببطاقة تحمل اسمي ورقم هاتفي. انشغلت بمهام رحلتي ليأتي اتصالها في اليوم الثاني، كانت مع إحدى صديقاتها بمطعم الفندق لمشاركتها العشاء، في العاشرة ليلا دخلت المطعم الذي في احد زواياه تجلس سيدة تعزف مقاطع موسيقية على آلة الكمان. العتمة والضوء الخافت حجب الرؤيا ليرن جرس الهاتف، كانت هي لمحتني لتصف لي مكانها ورقم الطاولة لأجد سيدة أخرى غير رفيقة الرحلة المكللة بالسواد والصمت، ولما حدقت في رفيقتها همست وبدون وعي.....
هند!؟
تذكرتها زميلة الجامعة وشريكتي في الأبحاث، ثمة تقارب لم نحدد دوافعه وقبل انتهاء العام الرابع اختفت، وكأن الأرض ابتلعتها أنا تخرجت وعدت للرياض وانشغلت بأعمالي التجارية التي ورثتها عن والدي الذي ينتمي لأسرة لها مكان مميز في التجارة ومقاولات المباني. رفيقة الطائرة احترمت الصمت الذي تلبسني، ولم تطرح الأسئلة الباعثة لزمن تجاوزته منذ ثلاثين عاما ليرن هاتفها النقال، كان السائق الذي استأجرته لتنقلها وصديقتها في فناء الفندق تابعت الاثنتين بنظري حتى اختفتا. لما عدت للفندق بعد جولة عمل سلمني موظف الاستقبال مغلف كانت هند تنتظر اتصالي جلست على احد مقاعد آلة استقبال الفندق استعيد كلمات الرسالة القصيرة وادقق في رقم الهاتف لمحت جهاز هاتف في إحدى زوايا الصالة وجاء صوتها تحدثت كثيرا. انتهت مهمتي وبقي على عودتي للرياض أربعا وعشرين ساعة، دعوتها لتناول الغداء جاءت " هند " الجامعة بشعرها القصير وتنورتها الزيتية ووجهها الخالي من الأصباغ وعطرها الذي اعتدته، تشابكت أصابعنا ونحن نسير على قدمينا كانت تأخذني للمطعم الذي نهرب إليه من الجميع . في الطائرة أخرجت من حقيبة يدي مظروفا، أصرت أن لا افتحه حتى اركب الطائرة وإذا ارتفعت في عنان السماء وسمح الطيار بفك أحزمة المقاعد، والاطلاع على محتوياته كانت صورة لها مع شاب يلبس روب الجامعة وكتبت على ظهرها ابنك عادل محمد إبراهيم.


* نقلا عن نادي القصة السعودي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى