حسن الأشرف - أبو سلمى.. الرجل الذي تخضع له الكلمات

"هي أكثر من ذرفت الدموع في التاريخ"..قد يتبادر إلى ذهن القارئ أن المقصود من هذه العبارة هو المرأة بصفة عامة لما يُعرف عنها بكونها سريعة البكاء، أو ربما تكون ممثلة مشهورة بعينها، لكن لن يذهب خيالك حتما إلى أن المراد هو "التماسيح".

"هو من يقضي حتى على الروح الرياضية"؟..لأول وهلة يبدو لك أن المعنيَ بهذا الأمر لن يكون سوى المنشطات أو الشغب والعنف في الملاعب وغيرها من العوامل الأخرى، لكنك لن تتوقع أبدا أن الجواب هو غير ذلك تماما..إنه "عزرائيل".

هذا غيض من فيضِ الألغاز اللغوية الطريفة والجذابة التي اشتهر بها "أبو سلمى" في شبكاته المُسهمة التي دأب على نشرها منذ سنوات عديدة في جريدة الاتحاد الاشتراكي، حتى صارت كلماته بمثابة "الإدمان" الجميل الذي عوض أن يُخدر العقول، فهو يفتحها على آفاق رحبة من تطويع مفردات اللغة العربية أيما تطويع.

من يكون "أبو سلمى" الذي تأسر شبكاته المسهمة ملايين القراء بالمغرب وخارجه، دون أن يكلوا ـ وهم يحاولون فك شفرات كلماته ـ من سبْر أغوار ما يدور في خُلْد هذا المبدع الخجول والمؤدب جدا..إنه الدكتور عبد القادر وساط: الشاعر والمترجم والرسام، لكنه أيضا طبيب الأمراض العقلية، والذي حاولت مجلة هسبريس "الاشتباك" معه عن كثب لفهم شبكاته أكثر.

طفولة وساط

في قرية صغيرة تسمى "لَمْزينْدَة" قرب مدينة اليوسفية، ولد عبد القادر وساط يوم التاسع من ماي 1958، وكان هو الطفل الثاني لأسرة ستصير مكونة من سبعة أبناء..رحلت الأسرة عن قرية لمزيندة هذه وهو في السابعة من عمره، لكن تلك المرحلة من طفولته بقيت مطبوعة في ذاكرته بوضوح لا يُتصور.

هناك، في تلك القرية، التحق الطفل عبد القادر بالمدرسة وهو في الخامسة من العمر.. وما يزال يتذكر أبو سلمى جيدا شخصا يدين له بالكثير، إنه أستاذ اللغة العربية في قسم التحضيري ثم في الابتدائي الأول، واسمه "عبد السلام بنسلطانة" الذي لم ينسه بدوره حيث زاره هذا المعلم قبل سنوات قليلة بالمستشفى الذي يشتغل فيه، حيث جاء لرؤيته من أجل استعادة الذكريات القديمة، فكان لقاء لا ينساه عبد القادر بين معلم وتلميذه النجيب بعد أن شارف حينها على الخمسين من عمره، وفي "جعبته" ثلاثة أبناء.

وما يتذكره وساط/ الطفل أيضا من رجال "لمزيندة" وجه خاص يعود إلى الفقيه "سي عمر أبو حفص" تغمده الله برحمته: "كنا ندرس عنده في الكتّاب، ونحفظ القرآن على الطريقة المغربية التقليدية: اللوح الخشبي و (الصمخ) والصلصال و(التحناش)، والكُرّاك الذي كان يسهل عملية الحفظ، ثم حصص "الفلقة" التي تتكرر بانتظام مؤلم.. هذا الفقيه بقيت صورته مطبوعة في ذاكرتي إلى اليوم، كان رجلا وسيما جميل القسمات، ولكنه كان شديد الصرامة في الوقت نفسه" يقول أبو سلمى.

بداية الغواية

كان عبد القادر وساط، منذ مطلع شبابه، يحب الكتابة في الصحف وترجمة الأشعار والقصص، وذلك بدافع الحب الشديد للأدب لا غير، وكان ينشر ضمن مجموعة من الشباب مقطوعاته الأدبية الأولى بجريدة المحرر، ثم في جريدة الاتحاد الاشتراكي، فكان طبيعيا أن تتوثق علاقته بهذه الجريدة على نحو تدريجي إلى أن وجد نفسه مكلفا ـ ضمن أشياء أخرى ـ بإعداد الشبكات المسهمة على صفحاتها.

ولا يذكر عبد القادر تاريخ بداية مشواره مع الكلمات المتقاطعة، لكنه يرجح أن ذلك كان في سنة 1987، أو ما جاورها، حين كان مع الشاعر المعروف حسن نجمي ذات يوم في القسم الثقافي بمقر جريدة "الاتحاد الاشتراكي" في زنقة الأمير عبد القادر بالدار البيضاء.

لم تكن الصحف والجرائد المغربية آنئذ تنشر الكلمات المسهمة، فاقترح عبد القادر وساط الفكرة على نجمي فتحمس لها هذا الأخير حماسا شديدا على الفور، فهو شخص يتحمس دائما للاقتراحات التي تكتسي شيئا من الجدة والجدية.

ذهب الاثنان معا إلى مكتب المدير محمد البريني، وعرضا عليه الفكرة. أبدى الرجل نوعا من التردد في البداية، وبدت له الفكرة غير قابلة للتحقيق باللغة العربية... "كيف نطوع اللغة العربية للعبة مثل هذ؟"، تساءل البريني قبل أن يردف: "طيب.. صافي آلخُّوتْ..توكّْلو على الله"...هكذا انطلقت تجربة وساط مع الكلمات المسهمة، وهي التجربة التي لاقت نجاحا باهرا لم يكن يتوقعه أحد.

أسرار الكنية

لكن.. لماذا اللجوء إلى كنية "أبو سلمى" في توقيع الشبكات المُسهمة؟ يجيب وساط بأنه "أراد الإبقاء على مسافة معينة بين نشاطين مختلفين، رغم أنهما متكاملان في حقيقة الأمر، ألا وهما: الكتابة الأدبية والاشتغال على الكلمات المسهمة".

"قلتُ لنفسي: حسنا، سوف يتكفل أبو سلمى بإعداد الكلمات المسهمة، بطريقة تكون فيها جِدّة ويكون فيها ابتكار، وبطريقة تجعل من السخرية أداة فعالة للتواصل مع القراء. أما عبد القادر وساط فلن يمنعه أحد من مواصلة الكتابة الشعرية والنثرية أيضا، علاوة على الترجمة من الفرنسية إلى العربية" يوضح أبو سلمى للمجلة.

ويبدو أن وساط لجأ إلى الاحتماء بكنية "أبو سلمى" لأنها عادة عربية قديمة، حيث كان العرب يختارون لكل كائن كنية: الأسد هو أبو فراس، والثعلب هو أبو الحصين، والديك أبو اليقظان، والضبع أم عامر، والجرادة أم عوف، والجوع أبو مالك، حتى الشيطان له كنية في الكتابات العربية القديمة، وهي: أبو مُرّة.

الرجل الذي يوقع باسم ابنته شبكاته المسهمة، التي يتابعها آلاف المغاربة بلهفة، يدرك تماما أن هناك تداخل بين عالمه وعالم ابنته سلمى، لكن اهتماماتها في الحياة اليومية تجعلها تنتمي أكثر إلى عالمها الخاص، عالم الأرقام والتوقعات، دون أن تبتعد مع ذلك عن عالم الحروف والكلمات التي يشكل مجالا مشتركا فيما بينهما.

أبو سلمى والمقلدون

ولأن لكل نجاح تقليد ولكل ناجح مُقلِّد فإنه ما إنْ عُرِفت شبكات أبو سلمى، وصارت أشهر من نار على علم، حتى دأب المقلدون على استنساخ تجربته هنا وهناك. لكن "المقلد لا يمكنه أن يتطور"، يقول أبو سلمى قبل أن يستطرد بأن "المقلد غالبا ما ينظر إلى الخلف عوض أن ينظر إلى الأمام، ويأخذ ما تركه الآخرون في طريقهم بدل أن تكون له أشياؤه الخاصة".

مقلدو أبو سلمى في شبكاته الشهيرة لا يدربون دماغهم على التفكير والابتكار، وشيئا فشيئا يصيرون عاجزين عن الخروج من شرنقة التقليد التي سجنوا أنفسهم فيها، كما أن القراء سرعان ما يفطنون إلى التقليد والسرقة في هذا المجال، إذ يستحيل أن تنطلي عليهم الحيلة حين يأتيهم شخص معين بأشياء مسروقة ليقول لهم: انظروا ما أعرضه عليكم من أشياء مبتكرة.

وبالرغم من أن قصص النجاح لها أسباب وأسرار، وربما خلطات سحرية، فإن "أبو سلمى" لا يرى بأنه يمتلك منها شيئا، فالفضل يعود بالنسبة له إلى الاشتغال بصدق، وبذل الجهد اللازم، حيث إنه كثيرا ما يبحث عن الشكل الأفضل لتقديم عمله إلى القراء، وليس لهذا المبدع سوى سر صغير أفصح عنه للمجلة: "لا أتردد نهائيا في تمزيق الشبكات التي لا تعجبني رغم الجهد الكبير الذي بذلته فيها".

عاشق الكلمات

ولـ"أبو سلمى" علاقة باذخة مع الكلمات لا يمكن أن يدرك كُنهها سوى عبد القادر وساط نفسه، فهي بالنسبة إليه كائنات حية تُرزق، تنمو وتتغير مع الزمن، وفي الشبكة تكون هذه الكلمات متنكرة.

مثلا حين يطلب أبو سلمى من قارئه أن يجد اسمَ الشاعر (الذي اغتنى بفضل نوال المتوكل)، فأغلب الظن أن هذا القارئ لن يفكر في البحتري منذ الوهلة الأولى... ستمر بضع دقائق قبل أن يفطن إلى أن المقصود بـ(نوال المتوكل) هنا هو عطاء وجُود الخليفة العباسي المتوكل، وبالتالي فإن الشاعر الذي اغتنى بفضل عطاء وَكرم المتوكل هو البحتري.

وكم يأسر أبو سلمى قراءه عندما يضع لهم كلمات تأتي متنكرة وهي تقفز مثل الأسماك الطرية إلى حضن شبكته، من قبيل: "دار النشر"= الآخرة، "لا يتكلم فيها أحد" = العانس، "يتم بالأبيض والأسود" = عقد الزواج، "سنرى جيدا إذا كان يحسن عمله" = طبيب العيون..الخ.

والعجيب أن "أبو سلمى" دأب على نشر شبكاته وكلماته المتقاطعة منذ سنوات دون أدنى كلل ولا ملل، والسبب ـ كما يقول ـ يكمن في ما يلمسه من متابعة ومواكبة وتشجيع لدى الناس. وقد تكون هناك لحظات يشعر فيها المرء بالتعب، ولكن حب "أبو سلمى" للكلمات من جهة، وإقبال القراء على هذه التجربة من جهة أخرى، يمثل بالنسبة له خير حافز على الاستمرار.

"زبناء" الشبكة

ويدرك أبو سلمى أن "زبناء" شبكاته الذين يتهافتون عليها هم شرائح مختلفة من الناس، فيهم ماسح الأحذية، والعاطل، والأستاذ، والطالب، والممرض، والطبيب، والشرطي، والجندي، والمحامي، والقاضي... وهو ما يخلق لديه إحساسا غامرا بالسرور بأن يتوصل إلى خلق اهتمام باللغة العربية لدى فئات عديدة من الناس.

ولا يتأسف وساط سوى على أمر واحد في هذا السياق، كون الكثير من القراء يلجئون إلى شراء نسخ "الفوطوكوبي" من شبكاته عوض اقتناء الجريدة ذاتها، وهذا الأمر أشد ما يحزن أبا سلمى.

أما أكثر ما يحب وساط في مرتادي شبكاته فهو سعيهم إلى التواصل وإصرارهم على طرح بعض الأسئلة التي يرونها ضرورية..

"أتلقى يوميا عشرات الرسائل الإلكترونية من قراء مختلفين، من مدن مغربية مختلفة، هناك مثلا من يحتج على إدراج بعض الكلمات الصعبة، أو التي لم تعد متداولة. ومؤخرا جاءتني رسالة من قارئ من مدينة بني ملال، يعاتبني فيها على استعمال كلمة "الأرقم" التي تعني الحية الخبيثة.. وثمة آخرين على العكس يحبذون استعمال هذه الكلمات لأنها تغني المعجم" يقول أبو سلمى للمجلة.

وهناك من القراء من يسخر من بعض التعاريف، ويعتبرها منتمية إلى زمن آخر، مثل التعريف التالي: (هو غياث بن غوث التغلبي)؛ والمقصود هنا هو الشاعر الأخطل. كما أن كثيرين تعجبهم التعاريف الساخرة من قبيل: "يوجد في أسفل القائمة" = الحافر؛ "هي حية تُرزق" = الأفعى؛ "قد تحتفظ به المرأة سرا في صدرها" = السيليكون؛ "في ظلامها تلمع النجوم" = السينما؛ "تجتمع شيئا فشيئا" = أشياء...

أبو سلمى والشعر

وجاء ولعُ "أبو سلمى" بالشعر وليد وعيه بالعالم من حوله، فقد أحبَّ الشعر أكثر من أي شيء آخر، وحفظ عشرات وعشرات القصائد عن ظهر قلب، خصوصا من الشعر القديم؛ ولا غرو أن يُشيد شاعران كبيران أحدهما من المغرب والثاني من المشرق ـ أحمد المجاطي وأدونيس ـ بالذائقة الشعرية المتميزة عند عبد القادر وساط.

ويتذكر أبو سلمى/ الشاعر أنه خلال إحدى العطل، في الرابعة عشرة من عمره، كان يعود إلى البيت حين يتعب من اللعب ليشرع في حفظ ديوان الشاعر أبي فراس الحمداني عن ظهر قلب، وقد حفظه بالفعل ولا يزال يحفظه حتى يومنا هذا.

وبفضل هذا الولع بالشعر، وكتابة الشعر، صارت لوساط نظرة مختلفة إلى العالم الذي يكتنفه، كما أن العلاقة باللغة العربية تكتسي هي الأخرى مسارا مختلفا، وكل هذا انعكس على الشبكة وعلى محتواها وطريقة إعدادها، فالولع بالشعر يجعل أبا سلمى يبتعد عن التعريفات الجافة التي تمتلئ بها المعاجم، ويبحث عن تعريفات تتميز بهذا القدر أو ذاك من الشاعرية.

شعرية أبو سلمى

كان هناك أطفال صغار يأتون بانتظام كي يلعبوا كرة القدم أمام بيت "أبو سلمى"، وكانوا يزعجونه ويكدرون صفو راحته، فيخرج بين فينة وأخرى ليمنعهم من اللعب بالكرة والصياح، وليطلب منهم أن يمضوا إلى اللعب في مكان آخر.

وذات يوم، قرأ قصيدة رائعة للبرتغالي فرناندو بيسوا، يتحدث فيها هذا الشاعر إلى طفل يلعب أمام بيته، وذلك بطريقة شاعرية عذبة وعميقة، فخلق معه علاقة إنسانية رائعة، إلى حد تغيرت معه نظرة "أبو سلمى" إلى أولئك الأطفال الذين يأتون للعب أمام بيته.

هذا هو دور الشعر في نظر "أبو سلمى"، أن يجعل المرء يعيد النظر في المتعارف عليه، وأن يشجعه على اكتشاف علاقات جديدة بين الأشياء لم يكن يفطن إليها في السابق، فالشعر يتيح لمتذوقه أن ينفض الغبار المتراكم على الأشياء بحكم العادة، وحين يقرأ المرء قصيدة للشاعر "غيلفيك" مثلا عن الأشجار، فإن رؤيته للأشجار ستختلف حتما عما كانت عليه في السابق".

وإذا كان عبد القادر وساط شاعرا بطبعه، مثل أخيه مبارك وساط، فإنه مُقِلٌّ في نشره، والسبب يكمن فيما يتملكه من رهبة خاصة إزاء القصيدة، فهو لا يجرؤ على نشرها هكذا بسهولة ويسر، حيث يقضي وقتا طويلا ينقحها ويعيد فيها النظر، ثم يتركها جانبا فترة من الزمن ليعود فيشتغل عليها من جديد، وهكذا...

أبو سلمى و"المجانين"

وليس الشعر ما يقتات به "أبو سلمى" في حياته، فمهنته الوحيدة التي عاش وما يزال يعيش من خلالها هي العمل طبيبا يعالج المرضى العقليين، ويتلمس خطوات المجانين الذين ليسوا نوعا واحدا بالنسبة لمبدع الكلمات المسهمة، فالجنون أنواع..وثمة نوع يسميه الأطباء "الجنون العاقل"!، وقد قال أدونيس يوما إنه "لا كتابة ولا إبداع دون جنون"...

وكثيرا ما يتفحص وساط كتب التراث العربي التي تحفل بأمور عجيبة عن عقلاء المجانين، حتى أن تعريف الجنون احتار فيه الكثيرون، غير أن أجمل ما رسخ في ذهنه تعريف الشاعر الراحل نزار قباني الذي قال: "الجنون هو أن تحطم ساعة العقل!".

أن يقضي المرء سنوات عديدة من حياته كل يوم تقريبا بجانب المجانين، يتحادث معهم ويخاطبهم ويرصد حركاتهم، شيء لاشك أنه واقع غير يسير يؤثر في سلوكياته، فما الذي أضافته مهنة "طبيب الحمقى" إلى عبد القادر وساط؟..

"ما استفدتُه على الخصوص من هذه المهنة هو أنني صرتُ أكثر تفهما لظروف الآخرين، وأكثر تقبلا لأخطاء الغير، وأكثر تحملا لتجاوزات الآخرين..وثمة سلوكيات كثيرة تنبثق من اللاشعور، ونحن نعتقد مع ذلك أن كل ما نقوم به يرتبط بالإرادة!" يجيب أبو سلمى الطبيب عن سؤال هسبريس.

"كل واحد كيف خلقو مولاه"!

أبو سلمى، رائدا للكلمات المُسهمة وشاعرا ومترجما ومؤلفا ورساما، يحاول جاهدا الابتعاد عن الأضواء والأحاديث الصحفية ووسائل الإعلام..

"ليست لي علاقات كثيرة بهذا المجال، صحيح أن الكثير من الصحافيين هم من معارفي أو أصدقائي، لكنني لا أبني ذلك النوع من العلاقات الذي يجعلني دائم الحضور في الفضاء الإعلامي. أشتغل في صمت وأقوم بما يبدو لي مهما ومجديا. لكنني لا أبحث عن شيء آخر ما عدا ذلك" يورد أبو سلمى.

ويتابع: "ظهرت مرتين فقط في التلفزيون بعد إلحاح شديد من الأصدقاء. ينبغي الاعتراف أيضا بأنني ذو طبيعة خجولة. أنجزتُ موسوعة طبية بالعربية في عدة مجلدات، وكانت تلك تجربة غير مسبوقة في العالم العربي، ومع ذلك لم يكتب عنها أحد تقريبا، ولم تتحدث عنها وسائل الإعلام، ولم أسْع عندئذ لأفرضها في الفضاء الإعلامي كما يفعل آخرون.. كل واحد كيف خلقو مولاه..".

وإذا كانت سمات الشخصية متداخلة، فيها ما هو موروث وفيها ما يكتسبه الإنسان اكتسابا خلال مساره الحياتي، فإن صاحبنا "أبو سلمى" شخص يبدو في ظاهره هادئ الطباع، وتغلب عليه جرعة كبيرة من التؤدة وغير قليل من التروي الذي تعلمه مع مرور السنوات، وقد لا يتعلمه المرء إلا بعد تجارب أليمة، وهناك من لا يتعلمه إطلاقا..ورحم الله المتنبي الذي قال:
ليت الحوادثَ باعَتْني الذي أخذَتْ **** مني بحِلْمي الذي أعطَتْ وتَجْريبي.


الأربعاء 17 أبريل 2013

* من العدد الـ8 لمجلّة هسبريس

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى