العربي الرودالي - هدف لم يسجله الجمهور.. قصة قصيرة

"غووول"..

نغمة صهيل مدوية من فرس امرئ القيس المفر المكر...

صرخة رهان عنترية، من فارس بني عبس لجلب مهر النوق البيض..

زهو على الصهوات..على السروج..على الأرائك..وكراسي المدرجات..وتحت سرادقات التخنث..

..إصابة في القلب..في الصميم..تبيح الهتك لدى المنتشي شبقا، والمتيم احتراقا..

ساحة الوغى تتحرك تتمايل مع القذف..ما ألذها هذه التي تدور مكورة حول شمسها..تهز الجماهير، من رقعة صغيرة، أماما وخلفا، وعلى المنصات الأفقية والعمودية،المدرجة رتبا وأوسمة..وقعدات الجلوس تتراقص، تتطاير في الهواء ..وحين يسكن الهيجان في انتظاره المتلهف،تنفجر فجأة لحظة"غول"، فيستفيق الرقاد،وتستيقظ المضاجعة..هدف..هدف يطلق شرارته القوية في الصلب وبين الترائب..وكما نقل ذاك الواصف الثرثار،والمؤرخ الواصف:ها هي الجماهير يعلو هتافها، واللعب يشتد حماسه، وابنة الشباك والتشابك لا يستقر لها موضع... يتراشق الجميع بالكلام البذيء، وبمعلقات الهجاء والمدح،وبالتلاسن والتناسف.. صدى الهتاف والصياح لا زال..الآن ترفع الجلسات المغلقة للمداولة، كي تبدأ الرهانات"القبلية"..وتنشط الأدوار..فالأدوااار.. فالخطط.. فالأسرااار... ويتحاشى المصابون هيجان المناصرين، والمناصرون نقمة المصابين، فيحل"السلم" الذي كان فعاد، وما عاد...ثم عار..عار لهزيمة فوق الملعب المسطح بعشب براق.. لا مناص لهم إلا أن يشتموا الحكم المنصب وسط الهرج والمرج، والمهدد بالانتقام، والمحرض عليه بالصياح...الألوان تطفو ببريقها والأصوات تعلو بزعيقها..ألوية وأناشيد أحذية، تخبط بأقدام مدوية...ويستغيث المشجعون، يستنجدون جميعهم، من هنا وهناك، بالمدرب مادغ العلكة باستمرار..ويترامى الحارس على عدة جوانب.. يتقلب..يستلقي.. يتكور..يئن..يحذر الولوج المفاجئ.. السيقان تترافس أمامه وتتراكل حوله، تمخر عباب العشب الموهم بالاخضرار..وإلى الآن..لا شيء ..لا شيء في الساحة..ركود..سأم.. انطواء... من يبادر إلى تكسير هذه الرتابة ؟ من؟.. تشد الأنفاس إلى مفتول المنكبين والساقين..حديد الرفس، سريع المراوغة ..المخادع العنيد الذي تحرضه الأصوات المحنجرة، وهو يعرفها من أين تأتي.. تغريه بالضخ..فيعجل في عراكه.. يتقدم..يتقدم..و.. و.. و "غوووول".. يقلب الملعب، يدور بمرعاه.. وبفومه وعدسه وبصله..ويصير عقر الدار ملتهبا.. والغريم المدجج بكل ألاعيب الاحتيال، يموء مواء المتربص حول الجحور والطرائد...يخرج مخالب الانقضاض على حين غفلة..شموخ المبارزة في العقر يتآكل.. ويرمى بالكرة إلى التماس، هدرا للوقت، فيطول النعاس.. وسرعان ما تتناثر من كل جهة صيحات لا تكف...هناك حاجة إلى جوقة تلهب الأمل، تمحو الفشل، ينتشى بها المتفرجون،السكارى..عشاق الإثارة..العشب الاصطناعي يعاد إرساِؤه أثناء فترة استراحة .. وها هو تمتد قامته .. يقف مصفقا على الغافلين المتهافتين المتراقصين المتشاجرين المتعانقين المتشابكين المتنافرين المتعاطفين المتقاربين المتباعدين...و..هه.."كووول".. وتنشط اللعبة..تتشطرنج بأصابع خفية.. وعلى ساحة الركض تنتشي الأهواء.. ولاء.. فجفاء.. فخواء... وتتحرك فرق تعزف للعرس..تهيج النزوات والجشع، وترقص البهلوانات، فتتعالى القعدات والقبعات والأردية..تترامى في انتشاء فوق كراسي معطوبة بعباءات مثقوبة.. وعلى حين غفلة تحرشت نشوة الأهداف بالفر والكر، وحمت نزواتها "للرهان" الشاق، في الفيافي والنزال..لكن، ها قد خبا انتصارها وخاب زعيقها...انتصار..؟ هزيمة..؟ تعادل..؟ لا شيء يذكر..أطبق الصمت، والذهول.. اختلط الأمر ..تحول الغضب إلى غضب فغضب... تيهان ..أوهام .. شرود..ووو... يدور الملعب بكل كونه دورانا.. يتلولب زوبعة تتبخر في الفضاء.. ويبقي الصدى مسترسلا في مناجاته المبحوحة..غوول..غوول..غوووووو...ل...لا شيء..سباق الوغى سقط ..والمهر ضاع ...إنه ظالم هذا.."الحكم".





العربي الرودالي


13/02/2010 تمارة


+ملحوظة:-"غوول" عبارة باللغة الإنجليزية تنطق Goal-

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى