محمد زفزاف - صليب، وأمل.. شعر

حبيبتي حمامنا تكسرت أضالعه
ونتف الشتاء ريشه ..
فلم يعد يغرد ..
الصمت يا حبيبتي يلملم الحقول
والثلج والصقيع
تكومت خيامه بدربنا الطويل
وأفقنا المحمر كالنجيع
علا جبينه الظلام ..
…..
الخوف شرش الصديد في عيوننا
وشرش الكساح في أقدامنا
فلم نعد نستطيع أن نسير ..
يا رعبنا المرير
من الأشباح في الدجى تمور !!
كأنها قدر.
تحطم النجوم والقمر
وتنتشي .. تدور
في زهوة انتصار
….
حبيبتي ربيعنا على الجدار
تصلبت أحداقه
فكل ما بذرنا من بذار
لم يعطنا ثمار ..
الجدب عم يا حبيبتي ..
ونحن ها هنا دوامة انتظار
متى يعود الخصب للتراب ؟!
متى تعود الحياة من جديد ؟!
متى تعود للمدار ..
نجومنا الصغار؟ !!


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
• المصدر: مجلة أقلام. ص 60-61 . السنة الأولى. العدد 4. سبتمبر 1964.

تعليقات

الشكر الجزيل للشاعر الأستاذ مصطفى الشليح الذي ادرج هذا النص الشعري المبكر للروائي محمد زفزاف بجداره، معلقا عليه بما يلي:

( محمد زفزاف شاعرا

كتب الأستاذ هشام حراك، مرة، عن محمد زفزاف في أحد المنابر مقالة حميمية قفَّتْ عليها ردود لعل واحدا منها كان سؤالا عن محمد زفزاف شاعرا.

ولقد تذكرت، وقتها، أني كنت قرأتُ في الأعداد الأولى لمجلة ” أقلام ” المغربية التي صدرت سنة 1964 بإدارة عبد الرحمن بن عمرو ورئاسة تحرير كلٍّ من أحمد السطاتي ومحمد إبراهيم بوعلو، نصا شعريا بتوقيع محمد زفزاف.

أوردت ما استرجعت الذاكرة وراجعت أمري بعد ذلك قائلا : لعلي لم أتروَّ وقد بعد العهد بيني وبين المجلة قرابة عشرين عاما، لا سيما أنني وعدت المبدع هشام بتمكينه من النص.

ثم قلت : أين مني النص من ذلك العدد بين كل هذا الركام المكرس فوضاه في مكتبتي، بيد أنَّ خاطرا كان يهجسُ لي أنك ملاقيه وأنك ناشره ليتعرف المبدعين إلى واجهة إبداعية ثانية من واجهات محمد زفزاف المتعددة، ومن بينها الترجمة.

ألفيت النص شاخصا إليَّ بعد تنقيب طفيف.

أعدت قراءته لتترتب لديَّ ملاحظة عجلى على النحو التالي :

إن الرجل كان يمكن أن يكون شاعرا متميزا لولا اختياره السرد سكنى إبداعية، في أواسط عقد ستيني كان فيه أحمد المجاطي ما زال يراوح بين الشكلين العمودي والتفعيلي، وبين وزنيْ الوافر والرجز، وكان محمد الخمار ذا اشرئباب رومانسي عمودي، وكان محمد السرغيني يكتب ما يقترب من الشعر العمودي في مجلة ” آفاق” الصادرة عن اتحاد كتاب المغرب، في أعدادها الأولى، وكانت بقية القوم تتهجى أبجدية الدخول إلى بيت الشعر.

أما محمد زفزاف، في هذا النص، فارتأى التوسل بالرجز وزنا عروضيا، وكأني به كان قارئا جيدا لشاعر يسمى عبد الوهاب البياتي، وكان متمثلا أن الرجز كانت له سلطة الاستئثار بصدارة الاعتماد العروضي في الشعر العربي المعاصر في العقد الستيني قبل أن يتركها للمتدارك / الخبب، فالكامل الذي يدين لمحمود درويش بالانتشار بين شعراء العقدين التاليين.

لا أريد أن أحلل النصَّ، ولكنني ألفتُ الانتباه إليه مكتفيا بتمليه زفزافيا.

رحم الله المبدعين المحمدين زفزافا والخمار و أحمد المجاطي، وأمد في عمر الشاعر محمد السرغيني، وتحية إلى القاص هشام حراك.)
 
أعلى