هيام ضمرة - علم النفس الثقافي.. وما أدراك ماهيته

هو أحد حقول علم النفس الذي يفترض أن الثقافة والعقل وحدة واحدة لا انفصال بينهما.. ويعرفه ريتشارد شويدر وهو رائد في هذا الحقل بأنه :

علم يختص بدراسة طريقة التقاليد الثقافية والممارسات الاجتماعية وتحديدها في كل بيئة ومن ثم تحويلها للنفس البشرية مما يؤدي إلى وجود وحدة نفسية تختص بالجنس البشري جميعه تلغي الاختلافات العرقية والثقافية وتعزز النفس الانسانية

كما يتعامل مع تأثير الثقافة والتقاليد والعادات المتوارثة والمستجدة وتحليل الممارسات الاجتماعية على النفس البشرية، ويستخدم العلماء الطرق الإثنوغرافية أو التجريبية أو مزيج منهما لجمع البيانات ووضعها أمام المجهر البحثي

ويعود عمر الانتباه لمثل هذه الخاصية الثقافية النفسية لفترة نهايات الستينات وبدايات السبعينات من القرن العشرين، ما يعني أنّ هذا العلم الجديد الذي فرضته أنظمة العولمة والدخول في مرحلة انفتاح العالم على بعضه وسهولة الحصول على المعلومة وسهولة التواصل يقارب بين الثقافات

ويجب معرفة أن هناك فرق كبير بين الثقافة النفسية وعلم النفس بين الثقافات.. فعلم النفس بين الثقافات يهتم بدراسة أوجه الشبه والاختلاف بين الخصائص النفسية ويستخدم فيه علم الثقافة كوسيلة لاختبار عالمية العمليات النفسية، فيما الثقافة النفسية تحدد كيفية تشكيل الممارسات الثقافية للعمليات النفسية وتأثيراتها على المجتمع

وترتكز الدراسة على الكشف والمقارنة وتأكيد وجود تقاربات انسانية على الصورة النمطية الثقافية ومنهجية العادات غير المستقرة وتلك الضارة وتأثير القيم المحلية الخاصة عليها من خلال الاعتماد على المقارنات بين الثقافات المتعددة والمتباينة

إن خاصية انتقال الثقافات من مكان إلى مكان تحتمل فقط نمط التدريجية في جانب وفي الآخر الانتقال السريع المحتمل، حيث يمكن للثقافات أن تنتقل وتتسرب عبر القناعات الانسانية من خلال وسائل الاتصال الحديثة والأجهزة الذكية وتقارب المصالح واتحاد جوانب من الرؤا والتواصل اليومي لادارة الأعمال عن بعد عبر القارات، وكل هذه الاحتكاكات تولد خاصية جديدة في التشارك الثقافي أو توليد ثقافات جديدة مشتركة

التطور والازدهار من الطبيعي أن يعمل على تشكيل العالم من جديد، ويشكل قيما وتقاليد مشتركة مهما تباعدت أشكال القيم الخاصة بين الثقافات المتعددة، فخاصية سهولة الانتقال بين الدول والقارات فرضت واقعا مختلفاً، وارتباط الأعمال بين بلدان العالم المختلفة وأخذها الصفة االدولية خلق ظروفاً مختلفة تتطلب إلى تقبل ظروف مشتركة تقارب بين الثقافات بحكم الاحتكاكات

وبات النظام القانوني الدولي من متطلبات الحماية التي توجب لها هي الأخرى متظلبات ثقافية وأخلاقية مشتركة يجب الالتزام بها ومنحها القوة الذاتية لاحكام ضبط العلاقات من خلال الثقافة النفسية ذاتها

والسؤال الذي يفرض ذاته دائما .. نحن العرب في هذا العالم المتسع من الشرق أوسط الكبير... أين نحن من العالم المتطور وهو يسارع الخطى غير ملتفت للزاحفين بالأعقاب زحف السلحفاة؟ أترانا نملك مقومات ما يملكون ولو من باب الاستعداد النفسي للقفز فوق التحديات التي تزايدت صعوباتها وجمدت حتى البسيط من انجازاتها؟.. وإلى متى سنظل نرزح تحت تخلفنا العجيب والنزاعات والفساد ينخر الجسد والعقل ويهوي بنا للحضيض الحضيض؟

ما الذي يجعلهم يملكون أسبابهم للتطور، ونملك نحن أسبابنا للتعثر حد الشلل؟

هنا تقف شرقيتنا وثقافتنا النفسية موقفا لا يحسد، فهل يمكنني الاحتفاظ بثقافة المجتمع الشرقي النفسية وقيم أصالتنا الدينية وثقافتنا الخاصة؟

نرجو ذلك من باب الأمل فأين نحن من ذلك الفعل؟

الأمل يتجسد من خلال الذات، في الالتجاء إلى المعرفة والعلوم لتحرير النفس ومنحها دائرة الوعي بحجمها الطبيعي دون مبالغة ولا خروج سافر عن حدود القيم والدين، تحرير العقل والفكر سيمنحك أفق الحرية النفسية والمعرفية التي تمنحك القوة لاتخاد القرار السليم.. لتكون سفيرا لثقافتك النفسية عليك أن تتشبث بقيم الدين والأصالة بأجل معانيهما وأجمل صورهما، لتكون صورة محببة إلى الآخر المختلف وملاذ نفسي آمن للنفس البشرية، فتكون مصدرا للمنح لا متلقيا للغريب غير المناسب


- منقول للفائدة عن www.makalcloud.com

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى