محمد نوري جواد - سؤال وزاري

ورد في أسئلة قواعد اللغة العربية لطلبة السادس العلمي سؤال وزاري, جاء فيه : ( قال الشاعر : بالملح نصلح ما نخشى تغيره ... فكيف بالملح إن حلت به الغِيَر . [السؤال] ما إعراب (كيف) إذا علمت أن الباء في (بالملح) زائدة ذاكرا السبب ؟ وما إعرابها لو علمت أن هناك فعلا محذوفا بعد (كيف) تقديره (نفعل)؟
قلتُ : يريد واضع السؤال من خلال هذا الطرح أن يذكر الطالب وجهين إعرابيين لاسم الاستفهام (كيف) , الأول : أن يكون بعد (كيف) اسم مرفوع على الابتداء , فيكون إعراب (كيف) خبرا مقدما , والثاني : يكون بعد (كيف) فعل تام مقدر تقديره : (نفعل) متعلق بشبه الجملة (بالملح) فيكون إعراب (كيف) حالا , فيذكر الطالب وجهين مختلفين في الإعراب.
إذا أمعنت النظر إلى الشرط الأول من السؤال وهو أن تكون الباء زائدة في قوله : (بالملح) وجدته شرطا غير ممكن ؛ لأن الباء لا تزاد في المبتدأ في مثل ذلك , وواضع السؤال يريد أن يكون التقدير في حالة زيادة الباء هو : (كيف الملحُ) , أي : أن تكون الكلمة بعد (كيف) اسما مرفوعا في التقدير ؛ لكي يتحقق مراده من أن يكون إعراب (كيف) هنا خبرا مقدما , والذي عرفناه من لغة العرب أن الباء تزاد مع المبتدأ إذا كان المبتدأ كلمة (حَسب) كقولك : بحسبِكَ درهمٌ , أي : حَسْبُكَ درهمٌ , بمعنى : يكفيك درهم , فحسبك : مبتدأ , ودرهم : خبر . ومما وجّه في القرآن الكريم على وفق ذلك قوله تعالى ( بأيِّكم المفتون ) عند بعض النحويين , فقيل الباء زائدة في المبتدأ , فـ(أيّكم) مبتدأ , والمفتون : خبر . والصحيح أن الباء غير زائدة في الآية القرآنية, وقد ردّ هذا الوجه الكثير منهم, فقد ذهب السمين الحلبي النحوي إلى تضعيف ذلك الوجه قائلا : ( إلا أنه ضعيف من حيث إن الباء لا تزاد في المبتدأ إلا في (حسبك) فقط ), ومن خلال كلمة (فقط) في عبارته تستنتج عزيزي القارئ أن الباء لا تزاد في كلمة (الملح) الواقعة مبتدأ, وأن الشرط الذي وضعه واضع السؤال هو غير صحيح. أما التقدير الثاني الذي كان على تقدير فعل تام محذوف تقديره (نفعل) فهو تقدير صحيح يجعل شبه الجملة (بالملح) متعلقة به وهو ممكن وجائز.
وصفوة القول: يجب أن يكون السؤال المطروح إلى طلبتنا في مادة قواعد اللغة العربية في حدود الممكن والجائز ؛ لأن القواعد قياس , وأن لا نخرج منها إلى بناء تصور غير ممكن فهذا أشبه بقولك : إذا علمت أن الشمس مستطيلة فجد كذا وكذا , وهذا غير جائز في قواعد اللغة على ما أراه وأعتقده . وإذا قلتَ : كيف يمكنك تصويب هذا السؤال , قلتُ : يمكننا تعديل العبارة بقولك : إذا قال الشاعر : (كيفَ الملحُ) في كلام نثري فما إعراب (كيف) ؟ .

د. محمد نوري جواد

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى