ماجد سليمان - جَحَافِلُ الأغبياء..

قال أمبرتو إيكو: " إن وسائل التواصل أتاحت لجحافل الأغبياء أن يتحدثوا وكأنهم علماء .."

مقولة في عين الصواب، امبرتو ايكو وغيره من الواعين بالرسالة الثقافية أدباً أو فناً أو غيرهما، يدركون تماماً معنى السلامة الثقافية، وأهمية أن يشتغلوا في مساحة ثقافية (صحية)، من يحترم تجربته ورسالته الثقافية لن يسمح أن يُسحب من مساحة العمل إلى مساحة الجدل، العمر أقصر من دفعه في جدال و سجال، والعمل أثبت وأصدق من كثير الكلام.

فالثقافة بوجهها العام حتى تكون مهيأة للعطاء والنمو لا بد من توفر بيئة ومناخ هادئ، يقوم على احترام كامل لكل ما يتصل بها، أما مواقع التواصل فهي أماكن قائمة على الضجيج، والصراخ، والتنظير وتفريغ الغضب الاجتماعي، والنقد الغير معني أصلا، والاحترام يكاد يكون مفقوداً، أنا متأكد أن جُل من يحضر في هذه المواقع هم أشخاص يتحدثون في أمور لا علاقة لهم فيها، ومن يتحرك فيها بشغف وحماس هم أنفسهم الذين كانوا يكتبون على الجدران، وبمجرد أن وجدت هذه المواقع جعلوها بديلاً، فاستراحت الجدران منهم.

بالطبع هي أتاحت الفرصة للجميع بأن يعبروا كيف شاءوا، لكن من هم الجميع؟ وهل لآرائهم قيمة؟ . هذه المواقع قائمة على الشعارات والشعارات مطية المغلوب، فأنا ككاتب ما دمت أحترم نفسي قبل فني وقلمي، لن اسمح لمثل هذه المواقع أن تسلبني ثانية من وقتي، هذا خلاف تأثيرها السلبي: صحياً، نفسياً، ثقافياً، إلخ، ناهيك عن وقعها السيء على الثقافة العربية، فقد رفعت الفوضى عالياً، وقاتلت الجودة بسلاح الرداءة.

مهما مجدها المنبهر بها تبقى أمراً عابراً كغيرها من الموجات التقنية والتسويقية التي تمر بالحياة الثقافية، وكما في القول المأثور: لا يصح إلا الصحيح.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ماجد سليمان، أديب سعودي،
صدر له حتى الآن أكثر من 19 عملاً أدبياً
تنوَّعت بين الشعر والرواية والمسرحية والقصة وأدب الطفل.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى