علي الشوك - قصتي مع الكتابة

أنت لا تستطيع أن تكتب ما لم تكن لديك خلفية من القراءة. في الغرب يبدأ التلاميذ بقراءة الكلاسيكيات منذ مرحلتي الدراسة المتوسطة والثانوية. ويعدّونهم لممارسة الكتابة منذ هذه المرحلة. أما نحن، ففي أيامنا كنا نقرأ ما يسمى بالمطالعة العربية، فيها مقالات مثل «فتح الأندلس» أو ما الى ذلك. هذه كانت كلاسيكياتنا. وكان درس الإنشاء ربما من أكثر الدروس إملالاً لدى المدرس أو المدرسة، لأنهما لا يحبان أن يضيعا وقتهما في قراءة ما يكتبه التلاميذ. ولعلهما، في أفضل الأحوال، يقرآن أول جملة وآخر جملة.

الإنشاء كان درساً مملاً، وأنا كنت، لذلك، ضعيفاً في هذه المادة. لم أتعلم الكتابة في المدرسة. ولعل هذا كان عيباً أو خللاً عندي. أنا لم أولد صاحب موهبة في الكتابة. لكنني ولدت ولدي استعداد للقراءة! القراءة، وليس الكتابة، كانت موهبتي! أقول ذلك مع إن القراءة متاحة لكل من تعلم الأبجدية. إنما هي معي كانت شيئاً آخر. كانت عندي يوتوبيا، لأنك تقف على أجمل الأشياء من خلال القراءة. وستبقى الكتابة شيئاً مؤجلاً، لأنها لا تضاهي القراءة. لكن القراءة ستبقى أيضاً حافزاً للكتابة. وهذا هو سر العلاقة الديالكتيكية بينهما. فأنت حين تقرأ شيئاً جميلاً ينشأ لديك إحساس بامتلاك هذا الشيء الذي تقرأه. إنه سيصبح شيئاً منك، من كيانك. عندما تقرأ عن رغبة البطل في رواية «المقامر» لدوستويفسكي في تقبيل قدمي البطلة بولين، تشعر ان هذه هي رغبتك، وأن بولين هي بولينك. وأنا عندما قرأت رواية «الأحمر والأسود» لستندال، شعرت أن هذه الرواية هي روايتي، وأن ماتيلد هي المرأة التي تجعل لحياتي معنى. لا أدري كيف أعبر عن ذلك. ماتيلد بقيت من أروع النساء في حياتي، حتى بعد أن دخلت نساء في حياتي نشأ بيني وبينهن حب، وأنا هنا أكاد أذهب الى القول إن القراءة أجمل من الكتابة، لكن مع استدراك.

بالنسبة إلي بدأت أجد لذة في الحياة، منذ دخولي الجامعة، أو ربما قبل ذلك بقليل. كانت مفردات سعادتي: الرياضيات، والموسيقى، والقراءة، والمرأة. الترتيب ليس مهماً هنا. كانت تلك مرحلة الاكتشاف. المرأة كانت بعيدة المنال. كانت نسائي بطلات كتب. من هنا شغفي بالقراءة. دوّختني نساء تورغينيف، لا سيما بطلة «الحب الأول». ودوختني «الراقصة الأندلسية» في قصة أندريه تيرييه، مع أنني كنت أخاف من الراقصات. ومزقتني ليزا بطلة «رسالة من إمرأة مجهولة» لستيفان زفايغ. وحيرتني زينايدا بطلة «قصة رجل مجهول» لأنطون تشيخوف، بسبب ترددها في اتخاذ موقف حاسم من الرجل الذي نذر نفسه لها. ولم أكن قد قرأت بعد رواية «الأحمر والأسود» التي ستصبح روايتي المفضلة على الإطلاق بعد أن تأسرني شخصية بطلتها ماتيلد بسحرها الهائل. وسأنحني أمام براعة ستندال في رسم شخصية أروع بطلة رومانسية. أنا الآن في العام 1947. كانت دراستي تتيح لي الفرصة للقراءة المسعورة. كنت أريد أن أقرأ كل شيء لئلا يفوتني القطار. فهناك مئات وآلاف الكتب تنتظرني قبل أن أجرب حظي مع الكتابة، فأنا لا أعتقد أنني سأكون جاهزاً للكتابة قبل قراءة «رسالة الغفران»، و «كتاب الأغاني» لأبي الفرج، و»الأخوة كارامازوف»، و «آنا كارانينا»… آه، و «الأحمر والأسود».

مع ذلك كنت متعجلاً على ما يبدو. ففي لحظة ما، عندما كنت أتمشى وحدي في حرم جامعة بيروت الأميركية، في يوم من أيام 1947، اتخذت قراراً في أن أصبح كاتباً! أما الرياضيات التي كنت أدرسها، فستكون وسيلة لحصولي على شهادة. وستكون نزهتي في حياتي، ووسيلة لتفرغي للقراءة، ثم الكتابة.

اتخذت هذا القرار وأنا لا أملك زمام اللغة. لقد بدأ زميل لي في الكتابة مذ كان في الصف السادس الابتدائي، وأنا لم أكن قادراً على كتابة إنشاء مقبول. كنت بارعاً في كل شيء عدا الإنشاء. وكنت لا ألحن عند القراءة، بمعنى أنني كنت بارعاً في قواعد اللغة العربية. وهذا كانت وراءه قصة: في أحد دروس المطالعة العربية كان الموضوع الذي تعين علينا أن نقرأه تحت عنوان «فتح الأندلس». جاء في مقدمته: «لما بلغ لذريقَ دنوُ طارقٍ بن زياد». انتبهت فوراً إلى أن كلمة (لذريقَ) مفعول به متقدم، وكلمة (دنو) فاعل متأخر. فاتخذت قراراً منذ تلك اللحظة بألا أقرأ شيئاً، حتى الإعلان، من دون أن أحرك كلماته. وكان هذا قراراً متعباً، لكنه مكنني من أن أتقن قراءتي. لكن هذا القرار لم يعلمني كيف أكتب، بل كيف أقرأ.

وعندما جربت الكتابة لاحظت أن لدي أسلوباً جميلاً، أسلوباً متميزاً، لكن لغتي التعبيرية كانت ضعيفة أو ضعيفة جداً. بدأت أكتب إلى صديق ونحن كلانا نقيم في بغداد. أنا أكتب إليه وهو يقرأ. بدأت رسالتي الأولى باعترافي له بأنني بدأت أغرم بإحدى أخواته. كان لديه أربع أخوات لم يكن متزوجات بعد. وكانت التي أغرمت بها الثانية من حيث تسلسل العمر. كانت تشبه صورة إفروديت في لوحة بوتيشيللي «إفروديت خارجة من القوقعة». وألصقت تلك الصورة المكبرة على جدار غرفتي. قلت له أنا لم أستطع النوم بعد أن رأيتها. وكتبت إليه أشياء أخرى، ربما عن مشاريعي في الكتابة. كان هو طبيباً ومتحرراً جداً في أفكاره. قال لي هناك مشكلة لأن والديَّ لن يفكرا في زواجها قبل أختها الأكبر. وبقيت أكتب إليه، وأصبح هو قارئي الوحيد، فأنا لست في حاجة إلى قراء آخرين، ما دام هو أخا إفروديت. كتبت إليه عشرات الرسائل. وعندما تقرر إرسالها لدراسة الرياضيات في بريطانيا على حساب الدولة، رأيت أن يفاتح أبويه بخطبتي. وهنا ثارت ثائرة أختها الأكبر، التي تعرفني، لأنني تجاوزتها وفضلت عليها أختها الأصغر، والظاهر أن رسائلي إلى أخيها لم تكن في حرز حريز، فحملتها وأعطتها إلى أبيها ليقرأها بعد أن قالت له: «أنظر، أبي، كيف يتغزل فلان بأختي بكل صراحة، وأخي يتقبل ذلك». وانهار كل شيء.

قررت أن أقرأ كتاب «الأغاني» بأجزائه التي تتجاوز العشرين لكي أتحمل محنتي. وكففت عن الكتابة. قصتي مع (ر) كانت دامية جداً للقلب. وكنت أود أن تكون تجربتي الأولى في الكتابة الروائية، لكنني لم أفعل ذلك، لأنني كنت منجرحاً، ولأن القصة أصبحت مكشوفة (وإن في إطارها المحدود). كان ذلك في 1958، عندما بدأت أكتب لغير قارئ واحد. وأصبحت أحد كتاب مجلة «المثقف» المهمين. لكن طريق الكتابة طويل ووعر. نحن كلنا، في عالمنا العربي، لم نكن كتاباً نملأ العين، باستثناء نجيب محفوظ في ثلاثيته وفقط. ليرمنتوف كتب رائعته «بطل من هذا الزمان» وعمره خمسة وعشرون عاماً.

أنا أكتب عن نفسي الآن بعد أن أصبحت كاتباً معروفاً. وأنا أعترف بأنني بقيت على مدى سنوات محدود الإنتاج. كتابة المقالات في الدوريات لا تعني شيئاً. بقيت أسائل نفسي: ماذا أنا؟ كنت قد أصبحت غزير الثقافة، وما زلت أراكم معلوماتي في ذهني وعلى الورق. جمعت معلومات واسعة عن الرواية، بأمل أن أؤلف كتاباً عن الموضوع. تلك كانت عملية التفاف إذ كنت عاجزاً عن كتابة الرواية. لم أكتب هذا المشروع، لأن انقلاب 1963 أحرق كل شيء، بما في ذلك أوراقي وكل ما أحتفظ به من كتابات. وكاد يقضي علي أيضاً، لكنني أمضيت عامين في الاعتقال أحالا حياتي جحيماً. هل ألقي السلاح؟ حاولت الحصول على جواز سفر مزور للسفر الى خارج العراق، ففشلت المحاولة. كان عليّ منعان من السفر. ولم أسترجع أنفاسي إلا بعد سنوات. وتخليت عن كل شيء «طبيعي». وأصبحت أبحث عن اللاطبيعي، بما في ذلك الموسيقى الإلكترونية. وقررت أن أكتب عن الدادائية. وكتبت عنها شيئاً، وذلك بدافع الفضول، لأنني كنت أريد أن أعرف ما هي. واكتشفت أن في آدابنا القديمة أشياء لا تختلف عن «الحماقات» الدادائية. فتطرقت إلى ذكرها.

وفي تلك السنة، 1970، شطحت مخيلتي كثيراً. كنت أريد أن أكتب اللامكتوب. كنت ما أزال أحيا في أجواء الدادائية. قلت فلأكتب شيئاً بلغة الرياضيات، لغة المعادلات والمنحنيات الهندسية. وأتعامل مع الأشياء من خلال مضاداتها، من خلال المنفي آتي بالموجب، وبالعكس. هل أستطيع، مثلاً، أن أحدث انطباعاً منحنياً من خطوط مستقيمة فقط؟ نعم في وسعي ذلك! أستطيع، مثلاً، أن أرسم وجه إنسان من خطوط مستقيمة فقط. ورسمت عينين، وأنفاً، وشفتين، من خطوط مستقيمة فقط. هورا. سأكتب كتاباً من مثل هذه المغامرة. وكتبت «الأطروحة الفنطازية». كانت أجمل من قوس قزح. وكنت في حال غير منقطعة من الضحك. كنت أريد أن أؤلف كتاباً من الضحك بلغة المعادلات. ورحلت الى مملكة اللامكتوب. وصرت أنتقل من شطحة الى أخرى، الى أن وجدتني في مخزن أوروزدي باك. (لم أكن أعلم يومذاك أن كلمة أوروزدي باك من الإنكليزية our day’s bag). كانت جولتي في مخزن أوروزدي باك أجمل شطحة من شطحات حياتي، لا سيما بعد دخولي الجناح الميتاأوروزديباكي، حيث استحال كل شيء الى «meta». كنت أريد أن لا أكف عن الضحك. الصور كانت تتلاحق. في الجناح الأوروزديباكي كان كل شيء طبيعياً، ربما باستثناء الكلمات المائلة. أما في الجناح الميتاأوروزديباكي فقد أصبح كل شيء ينتمي الى عالم آخر. المرأة التي ألفيتها تعلك بإيقاع المتدارك (من أوزان الشعر)، صارت تعلك بإيقاع الميتامتدارك في الجناح الميتاأوروزديباكي. كنت أريد أن ألبد في مخزن أوروزديباك إلى الأبد، لأهرب من آيديولوجيا الواقع، لكنني لم أستطع سوى أن أكتب كتاب «الأطروحة الفنطازية»، الذي قرأ أدونيس مخطوطته بسرور. كنت أريد أن أشير فقط إلى معادلة الابتسامة قبل أن أودع هذا الكتاب، لكن الجريدة لا تحبذ التعاطي بلغة المعادلات.

ولأنك لا تستطيع أن تكتب أكثر من أطروحة فنطازية واحدة، فقد تعين عليّ أن أعود فأكتب بلغة المكتوب. والآن إلى ملكوت اللغة. سأعترف بأن دراستي الجامعية هي التي قررت مصيري ككاتب، وليس كمهندس كما أريد لي. فالدكتور أنيس فريحة الذي درّسنا التأريخ الإسلامي باللغة الإنكليزية، هو الذي غرس فيّ الرغبة في اشتقاق الكلمات. وهذا في الإطار الأكاديمي يتطلب أن تتعلم اللغات القديمة. لكنني اكتفيت بالتعامل مع القواميس. وتوصلت إلى أشياء ظريفة جداً. أرجعت الهللويا في الغناء الكنسي إلى تهليلة «ألالو» السومرية، وربطتها بتهليلة الزغرودة في ممارساتنا الشعبية. وتوصلت إلى أشياء كثيرة في هذا الحقل، نُشرت في كتب. وكان في ودي أن أشير إلى الألفاظ الدالة على النخلة، مثلاً، في عربيتنا، واللغات السامية الأخرى، وحتى السومرية، لكنني لا أستطيع الاستطراد في هذه الكلمة. (يمكن الرجوع إلى ذلك في كتابي «جولة في أقاليم اللغة والأسطورة»).

على أنني سأذكر قصتي مع عالم اللغات الذي طلقته إلى غير رجعة. لقد استدرجني هذا العالم كما تستدرج السعلاة الرجال إلى أعماق النهر. انصرفت إلى هذا الموضوع زهاء ربع قرن. ثم تركته على حين فجأة، لأن جهدي لن يُعترف به. لقد توصلت إلى بعض النتائج من خلال عملي والتي كنت مقتنعاً بأنها ربما كانت صحيحة. لكن من سيعيرها قلامة ظفر؟ كانت الأبحاث حول أصل الأقوام الهندية-الأوروبية ترجع بهم إلى الألف الرابع ق.م. وكنت أنا أميل إلى الاعتقاد بوجود صلة قربى بين الأقوام الهندية- الأوروبية والأقوام السامية. هذا الرأي يستند إلى العامل الزراعي، وبالذات الحنطة التي وجدت في الهلال الخصيب قبل عشرة آلاف سنة. وكتبت دراسة في التسعينات تحت عنوان «هل كان الوطن الأم للأقوام الهندية- الأوروبية في شمال وادي الرافدين؟» ثم توقفت هنا عن مواصلة اهتماماتي هذه لأن أوراق اعتمادي لا تزكيني كواحد من أبناء الجالية اللغوية… ثم قرأت أخيراً خبراً في الإنترنت جاء فيه :»معظم البريطانيين والإرلنديين تحدروا من فلاحين ذكور تركوا العراق وسورية قبل عشرة آلاف سنة». فأنا لم أتكلم عن هوى. لكنني تركت اهتماماتي اللغوية، لأنصرف إلى الموسيقى والفيزياء. وأنجزت كتابين في الموسيقى، وكتابين في الفيزياء. (لكن ابنتي رباب قالت لي إنها لم تفهم شيئاً من كتاب «أسرار الموسيقى»!).

ثم جاء موسم الرواية. كانت دنياي الروائية ممحلة طوال كل تلك السنين، ثم هطلت عليّ سيول الرواية على حين فجأة. اتركوني، إذاً، مع الرواية، حتى لو كتبتها لنفسي فقط. ولعل هذا انطباع كثير من القراء. لا ضير. لكنني أريد أن أكتب عملاً روائياً متألقاً. عملاً واحداً متألقاً يكفي. ودخلت في دورة من التجريب. لكن النقاد (كانوا) يتحدثون عن الأبطال النموذجيين في الرواية (المتميزة)، مثل جوليان سوريل في رواية «الأحمر والأسود». فهل الفتاة المتألقة جداً في مادة الفيزياء شخصية نموذجية؟ أنا لا أستطيع أن أختلق شخصية نسائية مذهلة في جنونها الرومانسي، كماتيلد. فلجأت إلى الفيزياء، والجمال أيضاً. كل البطلات المذهلات جميلات. وكتبت رواية «فتاة من طراز خاص». وبكيت لمحنتها النفسية عندما «خانت» شريك حياتها مع صديق لها ولشريك حياتها. لكن الرواية مرت ولم تترك أثراً، سوى أنها أذهلت أخي وابنتي زينب. وتمنى أخي لو تترجم إلى لغة أجنبية.

طيب، ما زال في القوس منزع. وأنا لا أزال أريد أن أكتب عن المرأة كقوة هائلة في سحر جمالها. هذا الموضوع شغل بالي منذ أن قرأت رواية «تاييس» لأناتول فرانس، التي ذكر فيها أن الجمال أكبر قوة على وجه الأرض. المرأة تدوخ، الجميلة طبعاً. وسيزداد سحرها إذا كانت راقصة. لكنني لن ألجأ إلى الرقص، الآن، لأنني لم أرد أن أصبح ذكورياً فأجعل من المرأة ساحرة تذهب بعقول الرجال، بل إنها هي أيضاً يمكن أن يصرعها الرجل. وكتبت رواية «تمارا»، أكدت فيها أن المرأة هنا كانت صارعة ومصروعة. وأظهرت فيها أن الحب أخطر قوة على وجه الأرض. ونُشرت هذه الرواية. لكنني اكتشفت أنني جعلت المرأة أكثر انسحاقاً أمام الرجل. وهذا لم أرده. فقررت أن أكتب العمل من جديد في صيغة ثانية أنتصر فيها للمرأة. وأنا أصبحت قادراً على أن أتوسع في هذا الموضوع. وسأبقى أضرب على وتر مَنْ الأقوى في الساحة، المرأة أم الرجل؟ ودخل في روعي أنني سأكتب الرواية التي كنت أحلم في كتابتها.

هناك إمرأة، وهناك رجل. إمرأة أمام رجال. هذا هو مشروعي الجديد. أردت أن أعود إلى مقولة أناتول فرانس، لكن في إطار آخر. عند أناتول فرانس يتحول القديس الذي دوخته تاييس إلى مسخ. وتتطهر هي بتحولها إلى قديسة. أنا لا تهمني هذه الخلفية أو الثقافة المسيحية، مع إعجابي الكبير بها، أنا أردت أن تبقى تمارا شامخة، وتنتصر على الرجال حتى في سقوطها. وفي فترة سقوطها تتعلم فن الرقص الشرقي وتصبح أعظم فنانة في العالم. لكن تمارا، التي انتصرت على الرجال، لم يهدأ لها بال، لأنها مارست السقوط يوماً ما. ولم يهدأ بالي أنا أيضاً. يا إلهي، كيف أعالج هذه المشكلة التي ستنال من قدر تمارا في آخر المطاف، مع أنني أردت لها أن تبقى شامخة؟ بعد أن أنهيت كتابة الرواية، وسأعترف بأنها جاءت ملبية لطموحي، رحت أكتب خاتمة في إثر خاتمة لكي أرد الاعتبار إلى تمارا التي ظلمتها، مع أنني كنت أريد لها الرفعة. ومن بين الحلول جعلتها تبتلى بداء الكآبة، لكنني لم أقتنع تماماً بذلك. وقبل أيام وجدت أمامي حلاً مذهلاً لهذه المعضلة. فتبنيته، وأنهيت الرواية. سيكون عنوانها «فرس البراري».

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى