سعد الياسري - عن الشوقِ وباقي الأشياءِ العاديةِ

"والشَّوقُ ماذا؟" طفلةٌ هَتفتْ؛ وتاهتْ في السُّؤالِ، يجيشُ في فمِها احتمالٌ، يَنطوي في طينِها جوعٌ، لها قلقُ الغَزالةِ... وانطواءُ الخائفةْ!
الشَّوقُ خاصرةُ الكَمنجةِ.
مَن يكُنْ في اللَّيلِ لَحنًا تَفترسْهُ الأغنياتُ: يَضِلُّ، يَنأى، يَهتدي، يَهوَى، يُقبِّلُ، يَنثني، يَذوي، ويَطلبُ مُسعفَهْ!
والشَّوقُ عشرونَ اِحتمالاً للحياةِ، وكلُّهمْ يَتناوشونَكَ؛ سوفَ يُفلحُ واحدٌ... ذاكَ الذي عَجنَ القصيدةَ بالنَّدى؛ وعليكَ أسدلَ مِعطفَهْ!
والشَّوقُ ما أهدى الغَريبُ إلى الغَريبةِ؛ يرقصانِ ككلِّ حَيٍّ، يُولجانِ الودَّ بالشَّغبِ الخَفيفِ، يُرَتِّلانِ: إذا السَّماءُ إلى المُثنَّى أُزلِفتْ، في مائِها قدْ أَوغلتْ، وإذا السَّحابةُ مِنشفَةْ!
والشَّوقُ شامةُ مَن عشِقتُ؛ تُضيءُ صَحنَ الخَدِّ في صَلفٍ. هديلُ حَمامتيْنِ - على اِرتباكٍ - تَكتُبانِ وصيَّةَ القمحِ الأخيرةَ... مُدنَفَةْ!
والشَّوقُ أنْ يفِدَ المُتيَّمُ، أو يَسيلَ بخَمرِ مَن سجدَ البَنفسجُ عندَ ساقيْها، فقالتْ: "ليسَ يُعجبُني كثيرًا!". والبَنفسجُ حُجَّةُ العُشَّاقِ؛ لا نَومٌ غَزاهُ، ولمْ يُغيِّرْ مَوقفَهْ!
والشَّوقُ أَرشيفُ المدينةِ؛ والطَّريقُ السَّاحليَّةُ، نكهةُ الشَّاي الُمهيَّلِ، إصبعٌ، نزَقُ العباءةِ، شمعةٌ حَمراءُ، سِلكٌ، مِشبكٌ، زَيتٌ لهاويةِ الجحيم، وموجزُ التَّقبيلِ؛ إذ قالتْ فتاةٌ: سَوفَ أعشَقُ مرَّةً...
تكفي لأختبرَ الشَّفَةْ!
والشَّوقُ -أيضًا- أنَّ مَنزلَكِ المَتاهةُ، لا الغزالةُ سوفَ تُجدي الآنَ، لا لعِبُ الحِصانِ، ولا الرَّغيفُ، ولا الذينَ توهَّموا ذهبَ السَّنابِلِ في ثيابِكِ، إنَّما ذَهبي وقمحُ مَشيئتي... والشَّوقُ أنْ أبدو بعيدًا هكذا؛ وأنا نَزيلُكِ والصِّفَةْ!

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى