شعر إيروسي شعر إيروسي : إبراهيم محمود - خارطة في دمي

تسألني بلسان معمور:
في أي الأوقات تذكرني
في أي الأوقات تنساني؟
أجبتها بلسان ذاهل:
لا هذا ولا ذاك
كيف أتذكرك وأنت عصيان على النسيان
كيف أنساك وأنت موزعة في كامل كينونتي؟

***

خذي مثلاً، كيف أتقدم بك ولا أتأخر البتة
كيف أصحو بك ولا ينام قلبي البتة
كيف تحلّقين بي بكراماتك والفضاء مهبطي
كيف أتنفسك بملء مساماتي
وكل الخوف أن ألتهمك كآنيبالي حباً بك
كيف تصبح الشمس في يميني والقمر في يساري
وأُضاء بك وهما مرتقاك:
أن يُرى في عينيك
مستقَرُّ المحيطات، البحار، الأنهار، الينابيع
مسبّحة مهلّلة باسم فيوضات H2o فيهما
وبي جوع تليد إلى معايشة الأعماق ذات الألوان
بي نهم إلى احتضان وحوشه الأليفة
إلى تقبيل أحجاره النابضة بالحنان
إلى مصافحة جمهرة أسماكه الرعادة وتماسيحه الشديدة الوسامة
بي شوق عارم إلى الفناء في الأحواض المائية التي تستلقي داخلهما طرباً

***

خذي مثلاً، كيف يقاس الجمال الوحشي لشعرك المفتون بالجهات
إذ تعرّش داخله غابات موصولة بالنجوم
إذ يستحيل الليل في أسفله العميق
في أعلاه السامي أكثر اشتعالاً بالحلكة المهفهفة
حيث أصابعي تجوس ممراته
حيث لهاثي يتنغم لصق جذوره العبقة
حيث تهجع حكايات من ندى وعنبر وبومة سعيدة
حيث يسترسل الريح في إثارة ذؤاباته
وهي تتهادى ثملة بطيرانها الحر
أي عرائس ترفع أذرعها توقاً إلى خضاب ليله الفوار
قصائد تتوسل كل نهاية شعرة تصلك بجلال المغيَّب

***

خذي مثلاً، كيف يستحيل وجهك أفواج مرايا
لأشجار الدفلى، الزيزفون، الزيتون المبارك، المانغا، العنَب بشجرته العائلية المعتقة
أكثر من مقام محمود في منعطفاته
لا تكف الورود عن معاودة حلمها العطري في أسفل حنكيك
ثمة حقول أقواس قزح تزيد في اشتهائي العالي الموج إليك
إذ تقبِل أصابعي على تحرّي نوعية خصوبة البهاء فيه
وأنا أزدرد ريقي مغالباً ناراً وليدة الملامسة تلك
وأشعر توتراً يعصف بكامل جسمي

***

خذي مثلاً، أي إكسير يشير إلى رضاب فمك انتساباً
كيف تحضر كيمياء الملذات الكبرى من نفحة فموية واحدة
كيف يورق الهواء بزفير عابر من فمك ذي الإكبار
كيف يصبح المكان أكثر اعتدالاً إن أطلق ابتسامة
كيف تدشن كل قبلة منه تكوين عناصر حيوية من جديد
كيف يقيم الفجر في ملتقى شفتيك
كيف يمدد الصباح إجازته شغفاً بفمك المشرق الإيحاء
كيف تزقزق الطير وقت استراحتها كلما باشرت الكلام
كيف يصبح العسل أكثر قابلية للهضم في رشفة من رضابه
كيف أوحّد الوجود- أنا – كلما هممت بالتواري الروحي فيه

***

خذي مثلاً في الشّعب الفاصل بين كوكبي صدرك المرصديين
أي برزخ يقيم وصلاً بين أعلاك وأدناك
أي مد وجزر يحلان في المسافة الفاصلة والمتخمة بالأهوال
أي جزائر متنقلة هناك
أي تواريخ يحتفى بها في الاهتزازات الصادرة عن تقاربهما
أي دبلوماسية حوارية تتفعل جرّاء تمريرة لمسة شبقة بينهما
أي نداء استغاثة من عالق بروحه بينها إذ يبغي التنفس أكثر
أي صراط مستقيم يُتحرى ما بين صاعد روح وهابطه

***

خذي مثلاً، ما الذي يحدث من اضطراب مناخي
على وقْع احتكاك جلد بجلد
إذ تصبح الأنسجة في وضعية الجاهزية الكاملة
إذ يتطاير غبار مقدس من محيط جسمك البلوري
مسقطاً كراته النارية على حيواناتي الجائعة
ليشتعل دم القلب متجاوزاً المائة درجة غلياناً
طوبى لغبار يتساقط عالياً ويغمر عمري المتجمع في اللحظة تلك
من مركز الجسم البالغ دقة:
صرّتك التي تشد إليها كواكب وأنجماً
أي برمودا استدراج إلى عتمة نازلة هي القرار المكين ؟

***

خذي مثلاً، ما يحوط حقويك من سرديات لحمية غضة الأثر تسخن وتتبخر أنات
ثمة دوامات مائية خلل غابات قارة هناك
ثمة انزلاقات مشتهاة كرمى غيبوبة لا قيامة بعدها
ثمة انفجارات جانبية تعيد تكويناً جداً في الجسد
ثمة تاريخ غفل من الاسم لكنه يختصر كل الاسماء
على وقع توحد كامل
إنها خارطة جسدك الذي أحفظه عن ظهر روح
خارطتك في دمي المفلتر الممدَّن بإيقاع مكوناته كافة
خارطة لا تغيب عنها شمس ناعسة
تبقي لياليّ على امتدادك الرحب كرنفالية الصوت واللون والطعم
أي حيث تكونين نقطة ارتكازي في اقتناص الوجود
أي حيث يصبح الله أكثر قرباً لحظة الارتماء في أتونك الكوني
أي حيث يمتثل – الدازاين- في الامتلاء بك ما بقي دهري

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى