عادل بلغيث - سحرها كل هذا الغياب

وتسحرُني حين تغمضُ بالبابِ عينيْ كلامٍ
وتفتحُ لي أعينًا في السّحابْ

فتُسحرني بالمساءِ النحاسيّ بالعابرينَ
النّديّ بأذرعهمْ
والنّدى من غيابْ
**
ليت أقدامَنا في نصوص الحكايا التي
لا تجيدُ الرّكوبَ على ظهر قلبٍ
لكي ترتقي من شفاهِ الشّفاهِ
كسوسنةٍ في ضبابْ
**
أين أنتَ أنا..يا حبيبي الّذي
حمّلتهُ القصائدُ ما لا يريقُ
من الشّمع في ظلمتي
وما قد أريق من الحلم في غفوةِ
عند سرّ السّرابْ
**

لن تجيبي أجل ،،أنت مثل
النسائم من شجر ذكرٍ ِ
صوب أنثى الشجرْ
ولكنّك الريح في قُبلتي صوب خدّ القمرْ
لذا لن تجيبي،،
وقد تهمسين : استدر حين أنزع عنّي الصوابَ
وعد ناظرا ،لن ترى غير ثوب الصوابْ

*
لهفةٌ تشعل الشمسَ في ماء نهر ضريرٍ
كما تفعلينَ بمن تعشقينَ ،،
ولا غير عشب الضياء على النهر عشبًا
فلِمْ لا تفكّين عنّي السوادَ ،لأفتكّ منك السوادَ
كما كلّ طير بعيد بأفق السّما أسودٌ كالغرابْ

أنا الطفل والكهل عند العبورِ ،،
وعند انفتاح الأسى والسرورِ
أنا كلًّما يملكُ الآن أهلي من
اليسر والعسر والأرض والاغترابْ
ففكّي قميصا بحجم بلاد على فرحة
قابَ جِنْحَيْ ذبابْ


**
أين ما فيه أكسو "الشّارع- المنديلَ"
وحيًا
بعد يوسف لم تعد فينا
"المناديل- الشوارع"
لم يعد عطرُ الذّهابْ

**
وتسحرني بهبوب الرياحين قبل الربيع
وتربكني باستلال الينابيع منّي:
"أنا فيكما:
أنتَ قبل الرياحين ،بئرا صغيرًا
و أنت الذي بعد ريح الفساتين، مثل العُبابْ
*
أنتِ من شفتي كالبخار الضئيلِ
"هلمَّ إلى شفتي ، ثم غادر ،،"
هكذا قد تقولُ الحياة لأنهارها
وهكذا قلتِ لي ،،يوم أحببتُ فيك
النساء جميعا ،،فأجريت لي الحبر قبل الرّضاب
*

وأوّلتُ في مقلتيك النساء ،،فأوّلتٍني
بالأديم الذي سوف تغفو على ساعديه المياهُ
ويملؤه العشقُ بالورد- ليلا - وحزنا مُقوٌّى
بأقمار آبْ

**

وتسحرني بالرؤى ،،
فأبحث في الجلد عن قبس أشعلتْهُ
لعلّي أحارب هذا الشتاءَ
الطويل بما لا يجيد الشتاءُ،
فلم ألق غير انعكاسات سرو
على جسدٍ باردٍ ، مُشرَع البوح مثل الكتابْ
*
ربّما أنتِ تغرينني بانتقالكِ بين ستائر هذا الكلامِ
كعاريةٍ من رحيق ٍ
فأين التي أزهرتْ ذات يوم بكِ
وأين التي أثمرتْ بعدكِ ،،،
وأين ال "أنا" بعد شقّ اليبابْ
*
أحاوركِ ساحرًا مثلما تفعلينَ
ولكنني الآن أفشلُ ،
وحدي بتلك الحديقة ،أشربُ
منتظرا قهوتي ، قصّتي
ولا تُسحَرين لمنظر هذا السرابيٍّ
بين الجموعِ
ولا تَنظرينَ إلى البحر من دمعةِ
ملء عينيه ،أو فجوة من ذراعيهِ
لم تحضر أو لن تحضري
فاتركي الغيم بيني وبينك ..لا تجرفيه
بعينيك، كي نلتقي في الغيابْ

*
وحيدا سأحكي لعاشقة ٍسبقت حبّها
في الرّحيلٍ ،سأحكي لها ما يدور بذهن
الرجال الذين تقيّدهم قبلةٌ ،من شفاه
الحلولٍ
وأعمى سأشتمُّ مرأى الرياحين،،
مستنشقا شكلها
منذ كان الدّخان الذي أوجد
الحبّ نارا وغابْ
*
وقد تسحرين بلٌقيا الأماني التّي لم تجد
ظلّها ،،لم ترَ نفسها ،،لم يزل موتها
رابضا في الرّحابْ

عادل بلغيث



* عن رواق

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى