السيد نجم ـ مغامرات الروبوت الشغال

اجتمعت الأسرة ليلة الاحتفال ببداية العام الجديد. صنعت الأم "دكتورة عزة" كل الحلوى، وأعدت كل شئ على الرغم من أنها تعمل فى مجال البحث العلمي صباحا. بدأ الأب مع ابنتيه "مى" و"بسمة" فى الغناء وشكر الأم على ما صنعت، وشكر البنتين على جهدهما فى إعداد برنامج الاحتفال.

ثم قال:

"وفى هذه المناسبة أخبركم أنني سوف أشترى مكتبة "ميكروفيلم" غدا.. وتضم المكتبة شرائح مهمة ومسلية في موضوعات الأدب والعلوم والتاريخ وغيرها"

هللت الطفلتان وصرختا فرحا بهذه الأخبار السعيدة. لم يصمتا إلا عندما وقفت الأم وقالت:

"أما هديتى فهى شراء روبوت شغال أو إنسان آلي يعمل فى المنزل!!"

...... ........ .........

بعد مرور شهر كامل، ذهبت الدكتورة عزة الى مصنع المهندس "عارف"، وهو أمهر صناع "الروبوت الشغال" في كل البلاد. ابتسم لها قائلا:

"لقد وصلت قبل الميعاد بساعتين يا سيدتى".

ثم تابع بأنه سيسمح لها بدقيقتين فقط لعرض طلبها، لأنه فى عجلة من أمره، ولا يوجد أى وقت فائض وبلا عمل حتى يضيعه فى الثرثرة!

فضلت الأم أن تترك المهندس الخبير ليتابع عمله حتى تستلم "الربوت" فى الميعاد المحدد.. ثم أخبرته أنها سوف تنتظر وصول "الروبوت" واستلامه بمنزلها فى الميعاد المحدد.

...... ....... ........

ما أن عادت الأم الى المنزل، استقبلها الصغيران وسألاها عن كل شئ تعرفه عن هذا الضيف الجديد؟

ردت الأم قائلة:

"الروبوت هو إنسان آلي كما تعلمان، داخل رأسه يوجد "مخ" يسيطر على كل تحركاته مثل مخ الإنسان. وتوجد بجسمه "الذاكرة" وهى على شكل اسطوانة صغيرة عليها ثقوب عديدة."

وتابعت بأن الربوت لا يفكر مثل الإنسان ولكنه فقط ينفذ البرنامج الموضوع له، والمثبت داخله فى اسطوانة الذاكرة. لحقتها "بسمة" وسألتها:

"إذن، صفى لنا مخ الربوت الذى يسيطر عليه".

ردت الأم مبتسمة:

" مخ الروبوت يشبه "سويتش" التليفونات، الذى يربط ويوصل المكالمات. ولأن مخ الربوت يعمل بالذرة، لذلك فهو قادر على عمل توصيلات تصل الى الملايين مع أن حجمه صغير".

وفجأة قطعت الأم حديثها، وحذرتهما: إن لم يستفيدا من الوقت الذى سيوفره الربوت لهما، سواء فى القراءة أو أشغال الإبرة وتعلم الأعمال المفيدة، سوف تعيد الربوت الى المصنع ثانية!

........ ......... .........

سمعوا جرس باب الشقة، اندفعوا نحو الباب، وكانت المفاجأة!!

المهندس "عارف" وبجواره الروبوت، وكأنه إنسان.. ولكن من الحديد والزجاج، له عينان وذراعان وقدمان، كما أنه ينطق ويتكلم. عندما طلب منه المهندس أن يدخل، رد عليه قائلا: "بل تفضل أنت أولا، هذا من آداب السلوك"..

فضحك الجميع!!

شرح "عارف" بعض التفاصيل، وكيفية تشغيل الربوت. وما أن خرج، صاحت "مى" :

" ما اسمه؟ نريد أن نطلق عليه اسما"

اقترحت "بسمة" اسم "سعيد"، ووافقت الأم. وبسرعة أحضرت "مي" كتاب قصص الأطفال، وطلبت من "سعيد" أن يقرأ معها. بسرعة فتحت الصفحة الأولى، خلال ثوان قليلة قال لها:

"اقلبي الصفحة من فضلك"..!

وظل يكررها حتى قلبت الصفحة، وخلال ثوان قليلة أخرى طلب منها الطلب نفسه، وهكذا حتى انتهى من الكتاب كله فى أقل من الدقيقة. غضبت "مى" قائلة:

"سعيد هذا أناني يا ماما، انه يقرأ الصفحة كلها مرة واحدة وبسرعة، ولا ينتظرنى".

شرحت لها الأم قائلة:

" لأنه يقرأ فوتوغرافيا، أى أنه يصور الصفحة ويفهمها فى التو واللحظة ".

....... ......... .........

عندما حان ميعاد الغداء، سمعوا صوت جرس ينطلق من "سعيد". دارت مناقشة ساخنة وهم يتناولون وجبة الغداء.

قالت مى: "انظري يا ماما، أنا لا أحب الأرز باردا"

فسألت الأم الروبوت عن السبب؟

أجاب ورد قائلا: "أنا لا أسخن أى شئ، لا أفهم ماذا تقصدين يا سيدتى؟"

وعندما ذهبت الأم كى تستريح قليلا بعد العداء، ولتتابع أعمالها المسائية.. بعد فترة سمعت طرقا شديدا على باب الحجرة، كان الربوت "سعيد" ، يقول:

"يجب أن تشربي ما أعدته لك الآن يا سيدتى" .

ما أن جلست مع ابنتيها لشرب الشاى.. كانت كل الأكواب ممتلئة بالشاى والحليب. أخبرت الأم الروبوت بأنه يجب أن يحترم رغبات كل فرد ومزاجه الخاص. فرد بثقة بأنه لا يعرف معنى كلمة "المزاج" تلك.. ثم شكرها وذهب كما فعل من قبل!!

فهمست فى نفسها :"كيف أفهم هذا الربوت ؟؟"

..... ...... .......

فى صباح اليوم التالى استيقظت الأم على صوت ارتطام شئ ما على الأرض، كما لاحظت أن الظلام يغطى السماء خلف زجاج النافذة، دهشت، اندفعت كي تستكشف الأمر. كان الروبوت "سعيد" قد حطم "قنينة الأزهار فى بهو الشقة!، ولما سألته، رد قائلا:

" أعذريني يا سيدتي، لم أكن أعرف كيف يحملون هذا الشيء؟"

ولما حذرته بعدم الاقتراب من الأشياء الثمينة، قال بثقة: "لا أستطيع أن اوعدك يا سيدتى"!.. كما هى عادته، شكرها ثم ذهب بعيدا !!

بدأت الدكتورة عزة تشعر بالحيرة فى التعامل مع هذا الإنسان الآلي. وما أن دخلت غرفة النوم والقت بجسدها، سمعته يقول:

"استيقظي يا سيدتى، لقد أشرقت الشمس حالا"

ردت:

"لن أستيقظ الآن، ميعاد الاستيقاظ عندي في السادسة والنصف".

تابع الربوت سعيد بثقة وإصرار:

"بل يجب أن تستيقظي الآن، البرنامج عندي أن أبدأ تنظيف المنزل حالا!!"

انفعلت الأم، ولا تدرى ماذا تفعل معه، عندما تصر على أمر، يخبرها أنه لا يفهم ما تعنيه.. وفى كل مرة ينفذ البرنامج المحدد له فقط؟!. أخيرا قررت أن تشكوه الى المهندس عارف.

......... ........ ..........

أستقبلها المهندس وعرف شكواها، فابتسم وهى تخبره قائلة:

"سعيد" هذا الإنسان الآلى لا يحترم رغباتى ونظامى، يفعل فقط ما وضعته أنت فى الذاكرة عنده؟؟"

أخبرها المهندس عارف بأنه يشعر بشكواها ويفهمها، ولكنه لا يستطيع إيجاد حل لمشكلتها، ثم وعدها خلال العام الجديد القادم سوف ينجح في إنتاج روبوت يحترم رغبات الإنسان.

سعدت الدكتورة عزة برد المهندس، وقالت له:

"بالرغم من كل شئ، فان الروبوت هو المستقبل، ولا أملك أن أرفضه،

يجب فقط تعديل برنامجه!!"

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى