رسائل الأدباء : رسالة من السيد عبد الحق السعداني إلى العلامة محمد المختار السوسي

سلا باب الجديد
من عبد الحق السعداني

بسم الله الرحمان الرحيم
الرباط في 19 يوليو 1963

الأستاذ الجليل سيدي الحاج المختار السوسي المحترم،

السلام عليكم ورحمة الله وبعد:

لقد سبق لي مرة واحدة أن اجتمعت بكم، وكان ذلك سنة 1947 أو 1948 بموزار، على مائدة السيد محمد بن العباس بناني، وكان جل الحاضرين من الشبان، وكان حديثكم يذهب توا إلى أعماقي... وكنت إذ ذاك وأنا على أبواب العشرين من عمري، أتساءل هل الناس كانوا يفهمون ما كنتم تقولونه أم لا؟ إذ حديثكم كان حسب فهمي كحديث رجل يتكلم بكيفية إن كانت واضحة كل الوضوح في ذهنه، فهي ليست في متناول كل المستمعين... هذه هي الارتسامات التي انطبعت في ذاكرتي عند هذا اللقاء الأول بكم، وإن كنت لا أتذكر المواضيع التي طرقتموها. أما لقائي الثاني فقد كان في هذا الأسبوع الأخير عن طريق المعسول الذي سعدت باكتشافه بعد عودتي لأرض الوطن، وكان ابتهاجي كبيرا، لما لاحظت أن أحوال مجتمعنا التي انقلبت رأسا على عقب لم يكن لها أي تأثير غير صالح عليكم... ... وكان ابتهاجي كبيرا أيضا لما لاحظت أن حديثكم أخذ حقه الكافي من المنطق... وإذا كان قد طمأن في الماضي شيئا في نفسي وأنزل السكينة في قلبي، فقد أخذ اليوم يشجعني أيضا على القيام ببحث علمي طالما تشوقت إليه: إني جد مهتم بالتصوف في المغرب، وأريد أن أستغل أوقاتي: إما في تنقيح مخطوط من المخطوطات المغربية وإعداده للطبع... وإما في دراسة ما أنتج في التصوف في جهة من جهات المغرب في عصر من العصور، كما أن أحد أساتذتي المستشرقين لجد مهتم بتأليف كتاب عن الإسلام من ناحية العقيدة والعمل بها، في وقتنا الحاضر، ويريد أن يعرف ما كتب في الموضوع، في المغرب بصفة خاصة وشمال افريقيا بصفة عامة، وغاية هذا الأستاذ هي أن يقنع قارئيه أن الإسلام عقيدة حية يقبلها المنطق، وأنها قادرة على إعطاء حلول ايجابية للمشاكل الكبرى التي تواجه عالم اليوم. فهل يمكنكم أيها الأستاذ الكريم، معونتنا بتوجيهاتكم وإرشاداتكم، وتفضلوا سيدي بقبول خالص شكري وفائق احترامي، ودوموا في حفظ الله ورعايته لأخيكم فيه: عبد الحق السعداني

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى