مارك أمجد - كأن الإله عصفور

فكّر القسيس، إن هذا الشاب الساذج لم يفهم النص جيدًا. فهو يؤمن فقط بالأجزاء. جميعهم لا يهتمون إلا بإشباع غرورهم. لاحظتْ زوجته مخاطبته لنفسه. حتمًا سيصاب المسكين بالجنون. سأرسل خطابًا للبابا.

تناقلت النسوة والأطفال الخبرَ على نحو يشي بالتصديق أكثر مما يوحي بالهلع؛ الشمّاس الشاب لا يؤمن بقصة الطوفان. والحق أن ما روّجه كان مُهملًا بحساسية منهم في ركن ما بأدمغتهم. أمّا الكاهن فقدْ رأى الشر يستفحل في كنيسته. وصار يبحث عن الرب أكثر مما يحدثه. وفي صلاته كان يصمت للحظات ويقرع على صدره، كأن الإله سيَخرج كعصفور.

يومَها صعد سلالم المنبر. كان يحتاج إلى الإحساس بالارتفاع. صمتَ المُصلون وقد امتلأت بهم الكنيسة منتظرين كلماته. أمّا هو فأغمض عينيه وتمنى لو أن يفقد بصره للأبد.

لقد ارتكبوا إثمًا والربُّ غاضب الآن. أدركَ هذا في قلبه.

اخترقت الزجاجَ المعشق مياه عظيمة كالبحر، ولجت معها عصافير كل منها له لون. وانشقت الأرض كالستائر فنبتت منها أشجار ضخمة. وفي الأعلى اخترقت لوحة العشاء الأخير ملامس إخطبوط… أمّا هو فلم ينتظر المياه حتى ترتفع وتغطيه، بل نزلها وتركها تغمره في اطمئنان كأنه ينال معموديته. هناك بالأسفل رآه؛ كان له وجه يشِع نورًا وشَعر أرجواني.

أمسك بيده ومضى، فسار معه منتشيًا بالانقياد.

في الممر الذي يقسِّم صحن الكنيسة، هناك طفل ينظر يمينَه ويساره. يتأمل الجموع وقد استحالت لتماثيلَ من الشمع. لكنه يواصل.

عند الباب يلتفت خلفَه فيرى فضاءً من الماء تسبَح فيه ثريات ذهبية، وصفحات من الأناجيل غيرت مساراتِها الأسماك



مارك أمجد.jpg

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى