إبراهيم محمود - حكاية يدين

جفلتْ يدك ِ من يدي
وقد استشعرت لمسة مباغتة لها
أو هكذا أوحي لها
أو هكذا قدَّرتها
تمغَّص الهواء في الجوار
توتَّر الحجر في الحال
تعثَّر الماء في نهره
ثمة غيوم حالكة راعدة واعدة

التقطت يدك أنفاسها
هدأت روحها قليلاً
نبَّهت أناملها لتحرّي الطارئ
من أوقظني من سكينتي دون إعلام مسبق؟
طرحت اليد سؤالها في الهواء المتشنج
مارست مسحاً لكينونتها
استرخت لبعض الوقت
وهي تبصر يداً بالمقابل
ولو من زمرة تجنيس مختلفة

راجعتْ يدك ِ حساباتها
استفسرت عن حقيقة هذا الطارئ
جسَّت نبض تخومها بعمق
وهي تتكور داخل راحتها
ثمة أيد لا ينبغي الدخول معها في أي عقد ملامسة!
عبارة، رددتها يدك
ولم يبخل الهواء المختلج بتردادها
كلَّفت ذبذبات يدك بمعرفة هذه اليد الدانية

مارست يدك استشعاراً عن بعد
يد برّية لم يسبق ليدك أن جاورتها
التمست فضولاً لتسقط معلومات أكثر
نبَّهت يدك الهواء
في أن يكون أكثر سماحة ولطفاً وهدوءاً
أن يكون الحجر أكثر مرونة
أن يكون الماء أكثر انسيابية
أن يكون الورد أكثر صفاء بعطره
وهي تلقي بنفسها في فضاء مغامرة غير محسوبة

خرجت يدك من صمتها
أوعزت إلى فراشات روحها أن تطلق العنان لأجنحتها الرهيفة
أعطت إيماءة إلى ينبوع داخلها أن يتنفس ماء خارجاً
حركت بمهماز إشارتها ناراً يقظى مجاورة لصرّتها
أهابت لريح رغبة غير مرئية داخلها أن
يدفع بأشرعة هواها الجسدي إلى الأمام
إثر استخارة كرمى لحظة أوقدت حجرها الصلد

دبَّت يدك في زحمة الهواء المحموم
وشهقات الحجر الفضولي في عتمة اللامرئي
ثمة ندى خلل الأصابع الحيية
يا لصهوة الخيال الجامح المرافقة
كيف لهذا الليل الدامس بظلامه
أن ينفجر بروقاً ؟

يدك لامست يدي
يدي لامست يداك
أي عمر يُدشَن في عهدة نار مقدسة ؟
أي ريش ينبت في داخلنا
حيث أنسجتنا تمنحنا خفة في الحال ؟
أي سلسبيل يدفع بنا إلى شطآن من أبدية لماحة
أي جنون لأرواح خفية يسكن مفاصل اليدين ؟
يدان لا تشبهان إلا ذاتهما
وهما توحّدان بين السماء والأرض !

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى