محمد فري - كيوبيد و الشيطان

حك الشيطان قرنيه..وشحذ رمحه بعناية..واستعد ليوم جديد يسقط فيه بعض الرؤوس التي يضيفها لمجموعته المتكاثرة باستمرار..شابه إحساس بالفخر والارتياح وهو ينظر إلى سجلاته المليئة بانتصاراته..تفقد ذخيرته من السلاح ..اطمأن لسلال الكراهية والحقد التي يزرعها في النفوس..وارتاح لمضادات الحب النافذة..والتي كانت تؤتي أكلها كل حين..
ألقى نظرة إلى العالم أسفله فراقه الصراع الأبدي الذي سطرت معاهدته منذ هابيل وقابيل .. صاح بملء فيه " حي على العمل "..ثم اخترق السحب وغض النظر عن السماء الصافية الزرقاء..لون لا يعجبه ..بل يكرهه..الزرقة صفاء والصفاء نقاوة وهلم جرا إلى ما لا نهاية من المصطلحات التي لا تجد مكانا في قاموسه الحافل " بالأمجاد "..تمنى أن تتكاثر أدخنة الحروب المعتمة .. هي وحدها تثير شهيته وتدفعه إلى المزيد من الفتوحات..
" هؤلاء الفانون الأغبياء..كم يروقهم أن يعزوا أنفسهم بالدعوة إلى االمحبة والخير..ونبذ الأحقاد والشر.."
همس بداخله ثم صاح من جديد:
" الشر قوة..الشر أصل..وحدها النفوس الضعيفة تحتمي بالتظاهر بالخير.."
استمر في اختراقه السحب متجها نحو الأسفل.. باحثا عن صيد نفس ضعيفة..من بعيد تراءى له الملاك " كيوبيد " ممتشقا قوسه ..انتابته ضحكة هستيرية هازئة..
" أنت أيها الطفل الغرير..خسئت إن ظننت أن سهامك تفتح القلوب إلى المحبة.."
لم يعره " كيوبيد " اهتماما..اغتاظ الشيطان من لامبالاة الملاك..وسدد رمحه نحوه يريد به " شرا "
ارتفع الملاك قليلا إلى الأعلى فمر الرمح من أسفل دون أن يمسه..وبهدوء أمسك بقوسه وزرع فيها سهما سدده نحو صدر الشيطان..قهقه هذا الأخير وهو يبصر السهم متوجها إليه..تلقاه بصدره هازئا واثقا من خلوده..مثل اللمحة اخترق السهم صدره وأصاب قلبه..فجأة شعر الشيطان بخفقان لم يعهده من قبل..وأحس أن ذخيرة الشر تتناقص بداخله..وبحركة لاواعية تحسس قرنيه فلم يجد لهما أثرا..ثم التفت خلفه فشعر بجناحين أبيضين ينبتان بظهره.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى