ديوان الغائبين ديوان الغائبين : محمد درويش - مصــــــر - 1911 – 1939

ولد محمد محمد درويش في مدينة تلا (محافظة المنوفية - مصر)، وتوفي فيها.
حفظ القرآن الكريم، ثم التحق بمدارس مدينته الأولية
نال شهادة كفاءة المعلمين (1929)، ثم شهادة إتمام الدراسة الابتدائية (1933)
التحق بالمدرسة الثانوية بطنطا، غير أن المنية أدركته بعد نجاحه في السنة الثالثة.
عمل مدرسًا إلزاميًا بمدرسة مجاهد الابتدائية بمدينة تلا، إلى جانب دراسته.

الإنتاج الشعري:
- له ديوان بعنوان «النيل الخالد» - جمع وتقديم شقيقه عبده درويش - المطبعة اليوسفية بطنطا - 1939، وله قصائد نشرتها صحف ومجلات عصره، منها: «في يوم مطير» - مجلة أبولو - القاهرة - أبريل 1933. «يوم باهت» - مجلة أبولو - القاهرة - أبريل 1934، وقصائد في صحيفة «الأهرام» ومجلة «السياسة الأسبوعية».
يلتزم شعره الأوزان الخليلية، متنوعًا بين تحايا الأصدقاء، والتهنئة، ومدح الملك فاروق والملك فؤاد، والغزل، والوصف وبخاصة وصف الطبيعة، والرثاء، وقد رثى «حافظًا» و«شوقيَّا» والزهاويَّ والكاظميَّ، وغيـرهم. له قصائد وجدانية عبر فيها عن عواطفه ومشاعره الخاصة، كما له بعض الأناشيد، على أن تأمل الصياغة في شعره يكشف عن تأثر عميق بأساليب الشعر العربي القديم، وإن وضعها في سياق نابع من ظروفه المستحدثة، وقد قرظ ديوانه الشعراء أحمد رامي، ومحمد عبدالغني حسن، العوضي الوكيل.

مصادر الدراسة:
1 - عبده درويش: تقديم ديوان المترجَم له.
2 - الدوريات: مجلة أبولو - أبريل 1933، أبريل 1934.
3 - لقاء أجراه الباحث عزت سعد الدين مع نجل شقيق المترجَم له - القاهرة 2003.

من قصيدة: هفا القلب

هفـا القلب للـذكرى فعـاودنـي الأسى = وبتُّ أنـاجي البـدر واللـيل ألـيلُ
أئنُّ وأشكـو عـلَّنـي أطفئ الجوى = وقـد كـنـت قبــــــــــــلاً قطُّ لا أتذلل
فـيـا بـدرُ بـلِّغْ مـن أحـبُّ صـبـابتي = فأنـت لهـا يـا بـدرُ خِدْنٌ مشـــــاكل
لقـد فـاض دمعـي واعتـرتـنيَ رعـشةٌ = كأمٍّ رؤومٍ فـي وحـيـدٍ تـولـــــول
أبـيـت أرجّي وصلهـا متـمــــاسكًا = عـلى غمـرة السلـوان والعقل ذاهل
لقـد كنت قبـلاً لست أعـرف مـا الهوى = فبت أرجّي الوصل، والنجم مـائل
فـيـا قـلـب صـبرًا إن بُلـيـت بحادثٍ = فإنك للآلام لا شكّ حـامــــــــــــــــل
فكـم مـن محـبٍّ عـاش صـبّاً متــيَّمًا = وراح ولـم يـــــــــدرك عَرَتْه الغوائل
كلِفْتُ بأنثى لم ير الـدهـر مـثلهــــا = وقـامت عـلـيـهـا مِ الجمـال الـدلائل
إذا أسفرت لـيلاً تخـيلـت أنهــــا = سمـاءٌ عـلى وجه الأديـــــــــــــم تَنَقَّل
محـيّا كبـدر الأفق لـيلةَ تِمِّها = وثـوبٌ كلـون السحـب أزرقُ مـــــــــــائل
لهـا شَبَهٌ بـالشمس إن أسفرت ضحىً = وقد نسجت ضوءًا عـليها الغلائل
وجـيـد كجـيـد الظبـي إن هـزّ عطفه = ونهد كرمح قـام عـنهـا يـنــاضل
وخـصر دقـيـق فـوق ردف مـــــــثقَّل = كذوب لجـيـن فـي عقـيـــق يفصل
ولاعـيبَ فـيـهـا غـير أن بطرفهـــا = سهـامًا إذا سدَّدْن هـنّ القــــــــواتل
أغار عـلـيـهـا أن يراهـا متـيّمٌ = فـيـطفئ نـار الـحـب مـنهـا وأشعـــــــل

الطلل الدارس

تبـدّت لعـيـنـي فـي العـراء طلـــــولُ = وربعٌ قـديـمٌ دارسٌ ومحــــــــــــيلُ
فعـاودنـي وجـدٌ قـديــــــــــــــمٌ مبرِّحٌ = وطـافت بعقـلـي للغرام فصــــــــول
أقـام بأرض الريف كـالطـود شــــــامخًا = فردَّ عـلاه الطرفَ وهـو كلــــــــــيل
وقفت بـه والقـلـبُ قـد شفَّه الأســــى = لـذكرى لـيـالٍ مـا لهـنَّ مـثـــيل
تقضّت كحـلـمٍ مـرّ فـــــي سِنَةِ الكرى = وولـت كزهـرٍ قـد عـراه ذبـــــول
كسـاه البلى ثوب الجلال فمـا أرى = سوى الصـمت يبـدو والزمـان بـديل
ومـا كـان مـن مـجـدٍ قـديــــــــمٍ وعزّةٍ = عفـا، وانقضى، ثـم اعتـراه أفـــــول
تذكّرت هـندًا فـي هـواهـا ومـا جـــــرى = لهـندٍ شقـاءٌ دائمٌ وعـــــــــــــويل
فتـاةٌ لهـا فـي الطهـر صرحٌ ممــــــــرَّدٌ = عـلى الـدهـر بـاقٍ مـا عـرَتْه فلــول
ورجَّعت طرفـي فـــــــــي ثراه مكفكفًا = دمـوعـيَ حتى لا يـقـال بخـــــيل
لهـا جـيـد ظبـيٍ فـوق ردفٍ مــــــــثقّلٍ = وسـاقٍ كأنـبـوب اللجـيـن صقـيل
تـمـيس كغصن الـبـان بـيـن لِداتهــا = وتخطر فـي ثـوب الـحـيـا وتـمــيل
إذا أسفرت فـالـبـدر تحت نقـابـهـــــا = كأن سنـاهـا مـن سنـاه سلـــــيل
كسـاهـا بـهـاء الريف ثوب جمـالهـا = فلـيس لهـا بـيـن الـحسـان مـثــيل



محمد درويش.jpg

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى