محمد إسعاف النشاشيني - نقل الأديب

856 - فراق النبي وفراق المتنبي. . .!

تاريخ بغداد للخطيب: أبو علي ابن أبي حامد قال: سمعت خلقا بحلب يحكون - وأبو الطيب المتنبي بها إذ ذاك - إنه تنبأ في بادية السماوة. . . وكان قد تلا على البوادي كلاما ذكر إنه قرآن أنزل عليه، وكانوا يحكون له سورا كثيرة، نسخت منها سورة ضاعت، وبقى أولها في حفظي، وهي (والنجم السيار والفلك الدوار والليل والنهار إن الكافر في أخطار. أمض على سننك، واقف أثر من كان قبلك من المرسلين، فإن الله قامع بك زيغ من الحد في دينه وضل عن سبيله) وهي طويلة لم يبق في حفظي منها غير هذا. . .

قال أبو علي بنأبيحامد: قال ليأبيونحن في حلب وقد سمع قوما يحكون علىأبيالطيب هذه السورة: لولا جهله، أين قوله: أمض على سننك إلى آخر الكلام من قوله الله تعالى: (فاصدع بما تؤمر، وأعرض عن المشركين، إنا كفيناك المستهزئين).

إلى آخر القصة، وهل تتقارب الفصاحة فيهما، أو يشتبه الكلامان.

857 - جل (الكتاب) عن الشبيه

في شرح النهج لابن أبي الحديد:

قد اشتملت كتب المتكلمين على المقايسة بين كلام الله تعالى وبين كلام البشر ليبينوا فضل القران وزيادة فصاحته على كلام العرب نحو مقاييسهم بين قوله تعالى (ولكم في القصاص حياة) وبين قوله القائل: القتل أنفى للقتل ونحو مقايستهم بين قول (خذ العفو وأمر بالمعروف وأعرض عن الجاهلين) وبين قول الشاعر:

فإن عرضوا بالشر فاصفح تكرما ... وإن كتموا عنك الحديث فلا تسل

ونحو إيرادهم كلام مسيلمة وأحمد بن عبد الله بن سليمان المعري وعبد الله بن المقفع والموازنة والمقايسة بين ذلك وبين القرآن المجيد وإيضاح إنه لا يبلغ ذلك إلى درجة القرآن العزيز في الفصاحة ولا يقاربها.

858 - . . . لن يأتوا بمثل هذا القرآ في (الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح) لتقي الدين ابن تيمية:

الصواب المقطوع به أن الخلق كلهم عاجزون عن معارضة القرآن، لا يقدرون على ذلك، ولا يقدر محمد نفسه من تلقاء نفسه على أن يبدل سورة القرآن، بل يظهر الفرق بين القرآن وبين سائر كلامه لكل من له أدنى تدبر كما اخبر به في قوله (قل: لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله، ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا) وأيضاً فالناس يجدون دواعيهم إلى المعارضة حاصلة لكنهم يحسون منأنفسهم العجز عن المعارضة، ولو كانوا قادرين لعارضوه، وقد انتدب غير واحد لمعارضتهم لكن جاء بكلام فضح به نفسه، وظهر به تحقيق ما أخبر به القرآن من عجز الخلق عن الإتيان بمثله.

859 - المتنبي

في خزانة الأدب للبغدادي: إيضاح المشكل لشعر المتنبي من تصانيف أبي القاسم عبد الله بن عبد الرحمن الأصفهاني:

حدثني أبن النجار ببغداد أن مولد المتنبي كان في الكوفة في محلة تعرف بكندة بها ثلاثة آلاف بيت، واختلف إلى كتاب، فيه أولاد أشراف الكوفة، فكان يتعلم دروس العلوية شعرا ولغة وأعرابا، فنشأ في خير حاضرة، وقال الشعر صبيا، ثم وقع إلى خير بادية فادعى الفضول الذي نبز به. . . وهو في الجملة خبيث الاعتقاد، وكان في صغره وقع إلى واحد يكنى أبا الفضل بالكوفة من المتفلسفة فهوسه وأضله كما أضل وأما ما يدل عليه شعره فمتلون وقوله:

هون على بصر ما شق منظره ... فإنما يقظات العين كالحلم

مذهب السوفسطائية، وقوله

تمتع من سهاد أو رقاد ... ولا تأمل كري تحت الرجام
فان لثالث الحالين معنى ... سوى معنى انتباهك والمنام

مذهب التناسخ وقوله:

نحن بنو الموتى فما بالنا ... نعاف ما لابد من شربه فهذه الأرواح من جوه ... وهذه الأجسام من شربه

مذهب الفضائية، وقوله في أبي الفضل بن العميد:

فإن يكن المهدي من بان هديه ... فهذا وإلا فالهدى ذا فما المهدي؟

مذهب الشيعة وقوله:

تخالف الناس حيى لا اتفاق لهم ... إلا على شجب والخلف في الشجب
فقيل تخلد نفس المرء باقية ... وقيل تشرك جسم المرء في العطب

فهذا من يقول بالنفس الناطقة، ويتشعب بعضه إلى قول الحشيشية. والإنسان إذا خلع ربقة الإسلام من عنقه، وأسلمه الله (عز وجل) إلى حوله وقوته وجد في الضلالات مجالا واسعا، وفي البدع والجهالات مناديح وفسحا.

860 - وصفات ضوء الشمس تذهب بالملا

المتنبي:

تركت مدحي للنبي تعمدا ... إذ كان وصفا مستطيلا كاملا
وإذا استطال الشيء قام بنفسه ... وصفات ضوء الشمس تذهب باطلا


مجلة الرسالة - العدد 710
بتاريخ: 10 - 02 - 1947

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى